مقدمة
---------
ان دراسة واقع المرأة والحجاب الذي عرفته المرأة في العصر الجاهلي هو مقدمة للدخول الى واقعها وحجابها في عصر الاسلام.
فبالغ الاهمية معرفة ما اذا كان الحجاب في الاسلام هو اسقاط خارجي على واقع العرب وقتها أم هو منبثق من نفس الواقع الذي عاشه أهل تلك المنطقة
فقد ظهر من خلال الابحاث الماضية وجود علاقة ما بين واقع المرأة وبين الحجاب, فقد كان هذا الحجاب ذو دلالات خاصة سواء اجتماعية, عاداتية, قانونية, دينية, طبقية, دونية 
فهل كان كذلك في العصر الجاهلي؟
لقد عرف العرب قبل الاسلام عادة تغطية المرأة لشعرها تماما كما عرفته الشعوب الاخرى بحيث أن هذه العادة كانت عادة منتشرة في الشرق الأدنة وجنوبي اوروبا منذ زمن الحضارة السومرية القديمة
ولكن هل كان انتشاره في هذا العصر بين العرب يحمل دلالات ما, وهل هو مرتبط بالواقع الذي عاشته المرأة في ذلك العصر؟
هو أمر صعب أن نصل الى نتيجة قوية حاسمة في هذا المجال بسبب الندرة في المصادر القبل اسلامية عن العرب كون العرب لم يعرفوا التدوين وركزوا على الروايات الشفوية اضافة الى انهم لم يهتموا بالتاريخ لهم, بل اقصى ما كانوا يذكرونه في هذا المجال هو تاريخ القبيلة
كما لا تسعف الآثار الاركيولوجية في ذلك لقلتها اولا وللرقابة والتشديد الذي تمارسه السلطات الحاكمة في السعودية خصوصا في الأماكن المقدسة اسلاميا
ان العرب لم يعوا قبل الاسلام أنهم أمة لها ذات تاريخية خاصة, فلم يوجد تصور شمولي لديهم يربط الماضي والحاضر.. فلم يعرفوا تدوين التاريخ العام لهم كأمة لها رابط مشترك كما فعلت باقي الشعوب الأخرى
اعتمد العرب قبل الاسلام على أدب الأيام وعلم الأنساب, وأدب الأيام هي عبارة عن روايات شفهية(شعر ونثر) قبلية جماعية ملك للقبيلة..
ولم يكن الهدف من أدب الأيام أن تكون تاريخا..ولم تصبح أدبا تاريخيا, بل هي رغم غموضها وبعض خيالها تعكس واقعا معينا كان موجودا.
أما علم الأانساب فهل يوجد فيه مادة تاريخية حقيقية؟ وما صلته الانساب بالتاريخ ان وجدت!؟
ان النظام القبلي الذي كان سائدا يومها هو الذي أدى الى وجود علم الأنساب, وكان تقليده شفويا فلم يتحول الى أدب تاريخي..
فالعرب في العصر الجاهلي اعتمدوا على الحفظ والرواية الشفوية ولم يعرفوا التدوين كثيرا..
وبدأ التدوين يأخذ مأخذه في عصر الاسلام, ولكن كان قد ضاع منه الكثير اضافة الى تجاهل كثيرين ممن دخلوا الاسلام له..


العصر (الجاهلي) الثاني 440 م-618 م: ألعصر القريشي
-----------------------------------------------------------------------
يطلق العصر الجاهلي الثاني على الفترة التي سبقت بعثة النبي وهي تمتد لحوالي قرنين من الزمان, وفيه صارت السيادة في مكة لقصي قريش بعد أن كانت لخزاعة, وهذه الفترة هي المهد الذي فيه نشأ الاسلام 
ان هذا الاصطلاح (الجاهلية) قد ظهر بين المسلمين بعد ظهور الإسلام، حيث اطلقوه على هذه الفترة من عصر ما قبل الإسلام وتبلور له مفهوم خاص حوله وان كان يمكن اطلاقه بالمعنى الاعم على فترة أطول عاشها العرب قبل الاسلام..
ويطلق على هذا العصر اسم العصر الجاهلي الثاني تمييزا له عن الأول الاقدم الخزاعي والذي فيه نشأت الاصنام وامتد من عام 207 م الى عام 440 م, وقد امتاز العربي في العصر الثاني بالتجارة حتى بات يقال: كل عربي تاجر, بخلاف العصر الجاهلي الأول حيث كان العرب عالة على الطبيعة وغير منتجين
أما القفزة النوعية للعرب من الجاهلية الاولى الى الثانية فكانت نتيجة عوامل عديدة ابنة ظروفها وقتها وعلى راسها الحرب الرومية الفارسية  الطاحنة التي قطعت مسار التجارة العالمي الكلاسيكي من آسيا وأدت الى أزمات اقتصادية خانقة الأمر الذي أدى بالتجار الى البحث عن طرق بديلة فكانت ساحلا عبر طرق الخليج فجنوبا باتجاه سواحل اليمن وسواحل البحر الاحمر ثم باتجاه أوروبا وافريقيا


النظام السياسي
---------------------
عرف العرب خارج مركز شبه الجزيرة قيام دويلات عدة في الشام(الغساسنة) وفي العراق(المناذرة) وفي تدمر واليمن وغيرها, وكانت في معظمها تعتمد الملكية او الاميرية الوراثية تاثرا بجيرانها
فدويلات العرب في اليمن تأثرت بنظام الحكم الحبشي, وكذا دويلاتهم في الشمال في الشام فقد تأثرت بنظام الحكم الروماني وفي العراق تاثروا بالنظام الفارسي
أما في داخل شبه الجزيرة فقد كان العرب بعيدين عن الـتأثر بجيرانهم فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والاجتماعية في هذا العصر عند أهل الحضر والبادية معا, وكان هذا ما يحدد علاقات الناس فلم يكن مقبولا ان يكون الفرد دون انتماء قبلي وكان من يطرد من القبيلة يقع في مشاكل كثيرة ويطلق عليهم احيانا الصعاليك.
وأهم رباط في هذا النظام والذي كان يشعر الافراد بالانتماء للجماعة كان العصبية
وكان لكل قبيلة رئيس يتزعمها في السلم والحرب
والقبائل العربية كانت تمارس الانتخابات لاختيار شيخ القبيلة خصوصا عندما يكون الوريث غير كفوء لقيادتها لسبب أو لآخر
  ولعل العصبية القبلية لعبت دورا في هذا التفكيك ومنع الترابط بين اهل العرق الواحد في مركز شبه الجزيرة وبالتالي كانت تحرمهم من قيام دولة جامعة لهم وتنظيم سياسي صحيح ويقول اخرون أن السبب لعله يعود الى المساحة الكبيرة في الجزيرة مع صعوبة مواصلاتها وقسوة الطبيعة فيها
فالقبيلة هي المجتمع وليست الدولة, والترابط السياسي ليس الا وليد عملية تطور طويلة تطرأ على العلاقات الاجتماعية التي تربط أطراف المجتمع ببعضهم.
كذلك فقد ترك النظام الاقتصادي آنذاك آثاره في النظامين السياسي والاجتماعي وكانت الحرب تقوم لأسباب مختلفة اقتصادية أحيانا اضافة الى الاسباب الاخرى كالثأر مثلا 
ومن الحروب التي عرفتها تلك الحقبة: حرب داحس والغبراء في نجد بين عباس وذبيان, حروب المناذرة والغساسنة ومنها يوم حليمة, يوم السلان بين المناذرة وبني عامر وحرب البسوس التي دامت 40 سنة بين بكر وتغلب بسبب ناقة لامرأة اسمها البسوس بنت منقذ..


التقسيم الاجتماعي
-------------------------
انقسم السكان في الجاهلية الى قسمين:
1- الأحرار من الأبناء العرب المنتمين بالدم
2- الموالي وهم العبيد ممن يجلبون من الأمم الأخرى أو قد يكونون من العرب من اسرى الحروب
كما انقسموا الى بدو (أهل الوبر)  وهم الأعراب الذين يقطنون البادية وحضر(أهل المدر ) وهم سكان المدن والمراكز الحضرية) 
وكان الحضر يسكنون بيوتا مستقلة ويعملون في التجارة والزراعة والصناعة
ومن هؤلا سكان مدن: مكة, يثرب, الطائف, صنعاء, ومدن المناذرة في العراق والغساسنة في الشام
أما البدو فكانت حياتهم غير مستقرة بل حياة ترال باتجاه العشب الذي تعيش عليه حيواناتهم وكانوا يحتقرون المهن وهم من تأثر كثيرا بفكرة الثأر


الحالة الفكرية
  -----------------
ان الحالة الفكرية عند العرب قبل الاسلام قد تاثرت بالظروف الاجتماعية( ما يحيط بهم من نظام قبلي, ديني, الخ) والطبيعية(ما يحيط بهم من جبال, انهار, صحاري,الخ)
وحسب ما يقول بعض المستشرقين فان طبيعة (العقل) العربي وتأثرا بالظروف التي نشا بها لا تعشق النظرات الشمولية للاشياء كما هو حال العقل اليوناني, الروماني, الفارسي وغيرهم.. بل تعشق النظرات الجزئية الخاصة مع الوصف الممتع الواسع
ان شبه الجزيرة هي بيئة صحرواية حارة شمسها تغلي الدماغ قليلة المياه جافة الهواء تصعب حياة النباتات والحيوانات فيها رياحها عاتية مدمرة ولا ينفع كوسيلة انتقال فيها من الحيوانات الا الجمل كما تتألق النجوم في سماءها فتسيطر عليه ليلا وكل هذا قد اثر ب(عقلية) الصحراوي العربي
كذلك هي لم تحتل من قبل جيرانها لصعوبتها ولعدم الحاجة لذلك فلم تتأثر هذه المنطقة بثقافات الامم المجاورة الاخرى كثيرا من باب الخضوع أو الفيض, بل كانت تتأثر بهم من باب الاحتكاك فقط والتسريبات..
كذلك فان هذه الظروف الطبيعية قد جعلت العربي قاسيا لانها كانت دائما تشعره انه وحده في مواجهة الطبيعة والظروف القاسية.
نتيجة لكل ذلك برزت اللغة, الامثال, الشعر, النثر والقصص والحكايات وعلم الأنساب
كما عرف العرب التداوي بالاعشاب وقيافة الأثر والبشر والكهانة والعرافة وعرفوا علم النجوم ..


الديانات
----------
  عرف العرب منذ حكم ابناء اسماعيل بن ابراهيم المستعربون عبادة الله فكانوا على الحنيفية, ومع عودة الجراهمة اخوالهم للحكم عرف الكثير من العرب الاسماعيليون الغربة, فكان من الشوق للأرض أن حملوا معهم منها حجارة ترمز اليها, تلك التي مع الايام صارت يتبرك بها وتسمى وثنا.
فالوثن اذا هو حجر كان يتبرك به بعض العرب, فوصفهم تبعا لذلك من بقوا على حنيفيتهم الأولى بالوثنيين..
ومن شدة تعلق العرب بما فوقهم وتقديسهم له, اعتبروا أن ما ينزل من السماء ليس الا مباركا, فكانت نشأة الأنصاب التي لم تكن أكثر من حجارة سقطت كنيازك مثلا, فكانت ايضا مما يتبرك بها عندهم.
  أما الاصنام فهي التماثيل التي تصنع على شاكلة بشر, حيوان أو نبات ما..
أما سبب نشأة الاصنام فتنسب الى سيد مكة عمرو بن لحي الخزاعي حين عاد من الشام(البلقاء) حاملا تمثالا من العقيق الأحمر وليس الا شفيعا في طلب الغيث واسمه: هبل.
ومن الأصنام اضافة الى هبل الذي كان على ظهر الكعبة :ود على صورة رجل لبني كلب(دومة الجندل), اللات لثقيف(في الطائف), العزى لقريش وبني كنانة,شمس, تيم, رضا, مناة للأوس والخزرج(بين مكة ويثرب),  سواع على صورة امرأة(صنم هُذَيل), يغوث على صورة اسد لمذحج وبعض قبائل اليمن, يعوق على صورة فرس لهمدان, نسر على صورة نسر لذي الكلاع في حمير, أما اساف ونائلة فبحسب القصة الجاهلية كانا انسانين مسخا حجرين فعبدا وكانا على الصفا والمروة  ,
ومناة اضافة للات والعزى من كان يطلق عليهم العرب الغرانيق العلى, وكانت أصنام على صورة اناث بيض ملاح
كما عرف بعض العرب عبادة النجوم والكواكب 
وعرف عرب الجنوب التثليث الفلكي القمر(ود), الشمس(اللات), والزهرة(العزى)
كما انتشرت المسيحية النصرانية المتبنية لبشرية المسيح والثالوثية اليعقوبية واليهودية(المنكرة للمسيح) بين ابناء العرب
وكان للزرادشتية وللدهرية ايضا انتشار تماما كما للصابئة التي كانت لها نظرة خاصة تجاه الملائكة والتشفع بها الى الله وهم من كانوا يؤدون صلوات خمس يوميا وهم من كانوا أيضا يشاركون الحنيفية بقسميها(المتشفعة والمتبركة بالاصنام والاوثان والانصاب والرافضة لهذا التشفع والتبرك) الحج الى مكة حيث بيت الله.


واقع المرأة
  --------------
لا يمكن فصل واقع المرأة في هذا العصر وفي هذه البقعة من العالم عن واقع المرأة العام السائد في باقي البقاع والازمنة ولو مع الفارق
وان كان واقع المرأة يومها سيئا أسوة بواقعها العام في كافة المعمورة, الا ان هناك الكثير من القرائن التي تفيد بان واقع المرأة في الجاهلية لم يكن بذلك السوء الذي يصور
فقبل الاسلام كان للمرأة دورا ما اجتماعيا, قبليا وسياسيا ايضا وهي قد ساهمت به عبر تشكيل وعي عام تجاهها, وهو واقع أفضل بكثير من واقعها عند امم أخرى بل عند أهل ديانات سماوية كالمسيحية واليهودية.
وان كان قد عرف ذلك العصر الجاهلي الكثير من الحالات الشاذة التي تعرفها كل المجتمعات والعصور الاخرى لكن من المبالغة وصف هذا العصر بابشع الأوصاف فقط متجاهلين الايجابيات التي عرفها وعرفها بالتالي واقع المرأة اعتمادا على الذهنية التقليدية في اتباع ما يقوله المنتصرون فقط وهم الذين يكتبون التاريخ عادة.. "كلما جاءت امة لعنت أختها"
فلا يمكن ابدا أن نلقي الضوء على هذا الواقع السائد قبل الاسلام بمنظار اسلامي روائي بحت..خصوصا في ظل الغياب للكثير من النصوص القرآنية التي تتكلم عن واقع العصر الجاهلي اذ أنه القرآن ليس كتاب تاريخ وما ذكره عن ذلك العصر كان فقط عن حالات محددة خصوصا السلبية منها والتي جاء الاسلام ليغيرها
ولعل عدم اتباع العرب قبل الاسلام للتدوين قد ساهم في التشويه الكبير لهذا الواقع بحيث صارت لاحقا تعمم حالات فردية أو أكثر من فردية لكن محصورة على واقع باكمله فترسل أمام الناس وكأنها مسلمة من المسلمات, كالوأد مثلا والتي كانت حالة ضيقة محصورة في ظرف ما وتخص قبيلتين هما تميم واسد واكثر ما ارتبطت بذكر قيس بن عاصم التميمي الذي وأد 8 بنات له 
وكثير مما ذكر عن الواقع في الجاهلية مأخوذ من روايات وآراء المسلمين بعد الاسلام, فان كان بعضهم انطلق ايجابيا واعتمادا على اظهار النقلة النوعية التي قام بها الاسلام مقارنة مع الواقع الذي كان قبله فان غيرهم انطلق اما عنصريا شعوبيا(كثير من المؤرخين والمحدثين المسلمين هم من غير العرب) أو دينيا(نحن ذروة الكمال فقط)!!
ومن التشويه لصورة واقع العرب قبل الاسلام التشويه الذي تعرضت له صورة المرأة فيه
ان المجتمع العربي قبل الاسلام عرف تعدد الزوجات وتملك الاماء والذي استمر عليه لاحقا الاسلام, لكنها لم تكن مسلوبة الحقوق تماما ابدا.. كما يصور البعض...فلم تكن ابدا مستعبدة, هامشية, مهضومة الحقوق,مسلوبة الكرامة, الخ الخ
وهذا الواقع الجاهلي هو الذي انتج أروع قصائد الغزل والعشق والجمال في حق المرأة.. في الوقت الذي كانت فيه باقي الأمم وأتباع الديانات ينظرون الى المرأة كمخلوق دوني وعار مكلل بالخطيئة.. ولا يذكرون المرأة الا مرفقا بعناوين السلبيات والنقائص..
ها هو تراث العرب الجاهليين ينظر بتقدير واحترام للمرأة فكانت تزين مطلع القصائد وتكلل المعلقات(زهير, لبيد, عنترة والحارث) بتاجها, المرأة اذا كانت هي موضع القلب من الجسد, وهي كانت موضع الاهتمام بالشعر والنثر ...
كما عرفت المرأة في عصر الجاهلية الحرية في اختيار الزوج فكانت تستشار, كما كانت تقوم هي بطلب الزواج من رجل تحبه وتريده كما كان بامكانها أن تشترط على زوجها في عقد الزواج ان لا يتزوج عليها, وكانت بعضهن تضع العصمة بايديهن وكان يكفي عندها أن تحولن أبواب أخبيتهن من جهة لجهة ليفهم الرجل الزوج انه لم يعد مرغوبا به  ..
ومن النسوة اللواتي ملكن زمامهن بايديهين: فاطمة الاغارية زوجة اياد العبسي, ام الكحلة, وسلمى بنت عمرو, وام هشام بن عبد المطلب...
فالمرأة في الجاهلية شغلت ميادين السياسة, الاقتصاد, والاجتماع..والمرأة كانت تخالط الرجال وتشارك في المناسبات والاعياد مجتمعة ...
وهذه فاطمة الفزارية في عصر الجاهلية كانت تحل نزاع ما في قبيلتها بمجرد رفع خمارها على رمح طويل فيهدأ الجميع, وفاطمة هذه هي التي بقيت حية الى زمن البعثة
وهي المعروفة في السيرة النبوية بأم قرفة والتي اسرت على يد زيد بن حارثة ربيب النبي فتم شقها الى نصفين(وهي عجوز) بعد اسرها بربط رجليها بجملين ثم قطع راسها وحمل للمدينة لتكون عبرة لمن يعتبر لأنها كانت تألب على النبي وكله على ذمة أهل السير والتراجم المسلمين!!
ولا ننسى البسوس بنت منقذ والتي سميت الحرب المشهورة بين بكر وتغلب على اسمها والتي دارت رحاها لمدة 40 سنة..
ولا ننسى ايضا دور هند بنت عتبة في هذا العصر وبعد بعثة النبي والتي كانت تتمتع بنفوذ كبير والتي كان لها دور حتى في المعارك بين المسلمين والقريشيين ..
وزرقاء اليمامة كان لها دور كبير, وكذا خديجة بنت خويلد وخالدة بنت عبد مناف وفيلة الأنبارية وصحراء بنت النعمان التي كانت العرب تتحاكم في محضرها وخولة بنت الأزور والخنساء تماضر بنت عمر التي رفضت التزوج من أشجع فرسان العرب عندما تقدم لها وهو دريد بن الصمة وغيرهن من النساء اللواتي اشتهرن ايضا في عصر الجاهلية..
ونقل لنا العصر الجاهلي أسماء نساء أخريات وضعن بصماتهن في هذا العصر كخرنق, كبشة, جليلة بنت مرة, ميسة بنت جابر, .
وفي الشعر والأدب كانت ام جندب زوجة امرىء القيس الحكم بين زوجها وعلقمة الفحل في التباري الشعري فكانا ينشدان في حضرتها لتحكم..
وكذا نعرف دور أم جميل زوجة ابي لهب , وشخصيتها القوية..
أما ربط واقع المرأة باسواق النخاسة فهذه كانت من ضمن التقاليد الشائعة في كل العالم وقتها وكانت الاسواق مليئة بالذكور والاناث معا, وقد استمرت بعد الاسلام ايضا..
  والنسوة كن قد أهملن في ميادين أخرى خصوصا ما يتعلق بالنظرة الذكورية التي كانت تسود العالم وقتها خصوصا في مجتمع قبلي , فقد أهملن في القرارات المصيرية التي تتعلق بمصير القبيلة وفي قرارات الحرب والسلم وغيرها
أما الحرمان من الارث وعدم نيل الأنثى حقها فيه والذي قد أنهاه الاسلام فهذا لم يكن عاما بل يعود للظروف القبلية التي كانت سائدة بحيث يؤدي ان حصل الى انتقال ثروات القبيلة والتي لم تكن بالكبيرة جدا الى قبيلة اخرى فيما لو تزوجت البنت من رجل من قبيلة اخرى والتي قد تصبح في يوم من الأيام قبيلة مغيره وعدوة, انها حياة العرب وقتها والتي كانت تعتمد الغزو والغزو المضاد, وقد عرفتها المجتمعات البدوية بشكل كبير وبدرجة اقل المجتمع الحضري..
وقد عرف العرب قبل الاسلام آلهة باسماء اناث(اللات,مناة,العزى) كما عرفت قبائلهم الامر نفسه(بجيلة, باهلة) والذكر هنا على سبيل التجميع للقرائن لا على سبيل الحكم, لانه لا يمكن أبدا الحكم بهذه الطريقة...فها هم اليونان قد عبدوا آلهة اناث في الوقت الذي كانت فيه الامرأة اليونانية تعاني وتعاني..


حجاب المرأة في العصر الجاهلي
  -----------------------------------------
عرف العرب قبل الاسلام تغطية المرأة لشعرها تارة كخمار وطورا كنقاب
ومن لسان العرب لابن منظور ان الخمار هو ما تغطي به المرأة راسها وخمرت به رأسها اي غطته أما النقاب فلا يبدو منه الا محجر عين واحدة والثانية تبقى مستورة وقد تظهر العينان معا..
وقد ذكر تغطية المرأة العربية لشعرها قبل الاسلام في موروثات العرب الشفوية وفي كتابات المؤرخين والمنظرين من غير العرب والذين عاصروا تلك الحقبة الزمنية..
فقد كانت نساء أهل المدن تضعن الخمر أكثر من أهل البوادي, فتغطية الشعر كان اذا ظاهرة مدينية أكثر.
وكان الهدف الحفاظ على رقة الجلد واللون الابيض وهذا كان يتغزل به أهل الشعر..
فالمرأة الحرة في الجاهلية كانت تغطي شعرها حماية له من أتربة الصحاري ومن الحشرات وتمييزا لها عن الجواري...
ولم تكن الجواري اللواتي يشترين من سوق النخاسة تغطين رؤوسهن..
فقد انتشر تغطية الراس وأحيانا كامل الوجه بين العرب في العصر الجاهلي سواء كن وثنيات, مسيحيات او يهوديات أو من اتباع اي ديانة أخرى..
وفي احد تفسيرات الميشنا(النسخة المدونة من التعاليم اليهودية المنقولة شفويا) ليهودا هاناسي (القرن الثالث) حول ما يجب ان تلبسه نساء اليهود قال: يسمح ليهوديات ميديا(شمال غرب ايران) بارتداء المعجر(ثوب تشده المرأة على راسها) وليهوديات الجزيرة العربية بارتداء الخمار كما تفعل النساء اللاتي يحيين هناك.
اذا الخمار عرفه أهل الجزيرة العربية ويهودا هاناسي قد عاش قبل البعثة النبوية بحوالي ثلاث قرون..
وهذه فاطمة الفزارية المعروفة بام قرفة كانت تنزع خمارها عنها وترفعه على رمح طويل ليتوقف المتخاصمون ويهدأ روعهم ويسكنوا...
فهذا النقاب الذي عرفته النساء الوثنيات العربيات قد ألمح اليه ترتليانوس(160 م- 220 م) في كتابه حجاب العذارى قائلا:"" ان الوثنيات العربيات ليسخرن منكن, هن اللائي لا يسترن رؤوسهن فحسب بل وجوههن ايضا حتى انهن يفضلن التمتع بنصف الضوء بعين واحدة مكشوفة على أن يبدين وجوههن كاملة. ان المرأة تريد أن ترى لا أن ترى""
فهذه وثنيات العرب يخفين شعورهن ووجوههن أيضا!!وترتليانوس القرطاجي هو يعاير المسيحيات الغير محجبات بذلك..
ومن السنن التي كانت في دار الندوة وعرفها العرب قبل الاسلام أن عبد المطلب كان اذا بلغت البنت أتي بها اليه فألبسها الخمار..
كما يذكر انه في اليوم الثاني من حروب الفجار الأولى ان شبابا من قريش وبني كنانة رأوا امرأة من بني عامر في سوق عكاظ وسألوها أن تسفر عن وجهها فابت فامتهنها أحدهم واستغاثت بقومها..
وفي الشعر يظهر تخبئة النساء لوجوهها
فقد قال الربيع بن زياد العبسي ناعيا مالك بن زهير:
من كان مسرورا بموت مالك *** فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا يندبنه *** يلطمن أوجههن بالاسحار
قد كن يخبئن الوجوه تسترا *** فاليوم حين برزن للنظار
وهذا صخر يتحدث شعرا عن أخته الخنساء قائلا:
والله لا أمنحها شرارها *** ولو هلكت مزقت خمارها

استنتاج مما ورد

---------------------

1- المعلومات عن واقع العرب قبل الاسلام نادرة لفقدان التدوين 

2- عرف العرب الحجاب كظاهرة مدينية اضافة الى كونه طبقيا يميز الحرة عن الأمة

3- واقع المرأة لم يكن بذلك السوء الذي تم تصويره

4- لم يعطى للحجاب دلالات دينية عند العرب الوثنيين

Simmn alibarak
1/11/2017 07:32:42 pm

هل اللتمسك بالعادات القديمة عادة أم عبادة؟ ماهو رأيكم؟

Reply



Leave a Reply.