في الجزء الأول وصلنا الى عام 4 هجري, أحداثا وآياتا, تخص التعاطي مع الاخرين المختلفين مع المسلمين عقيدة وأداءا 
وفي هذا الجزء الثاني والاخير سنتابع الاحداث مع عرض للآيات الخاصة بالسلم والصفح والاخرى الخاصة بالسيف والقتل, ابتداءا من عام 5 هجري وحتى آخر حياة النبي
بعدما انتهى النبي من وجود بني النضير اليهود في المدينة عام 4 هجري, حصلت بعض الغزوات الصغيرة كغزوة ذات الرقاع,و بدر الآخرة
ثم دومة الجندل في ربيع الأول 5 هجري والتي في اعقابها ضم محمد زينب بنت جحش زوجة ربيبه زيد الى مجموعة نساءه سودة بنت زمعة, عائشة, حفصة وأم سلمة..
ثم اختتمت السنة ال5 هجري بغزوة الأحزاب المعارضة للنبي على المدينة في شوال والتي باءت بالفشل الذريع في موقعة يلفها الغموض ولا تجلي هذا الغموض نقولات أهل السير
في هذه الفترة كانت السور المدنية تتنزل ومنها سورة التغابن والتي تشبه السور المكية رغم أنها تعنى بالتشريع, وهذه السورة نزلت بعد التحريم والتي نزلت على المشهور حين دبرت عاشة وحفصة زوجتا النبي المكيدة بخصوص عسل المغافير الذي كان النبي يأكله عند زوجته زينب بنت جحش
وفيها: وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم
ولكن ما نقل في تفسيرها عن ابن عباس يبين أنها خاصة وليست عامة 
فهي نزلت في الذين منعهم أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوا أهليهم الذين منعوهم فنزلت الآية داعية اياهم للعفو, الصفح والمغفرة
هذه الغزوة والتي كانت من نتائج ما ترتب عنها غزوة يهود بني قريظة والمذبحة التاريخية التي حصلت بحقهم بعد استسلامهم وبعدما وافق حكم سعد بن معاذ حكم الله من فوق سبع سماوات وكان ذلك في ذو القعدة او ذي الحجة فكان اعدام ما بين 800 الى 1000 من الاسرى العزل بينهم حي بن أخطب اضافة الى سبي النساء والذراري من غير البالغين بعدما صدر الامر بقتل كل من أنبت منهم.
ومن بين النساء السبايا اختار محمد ريحانة والتي فضلت برفضها اعلان اسلامها ورفضها الزواج ان تبقى أمة مملوكة على يهوديتها على أن تنضم لنساء النبي
وفي السنة ال6 هجري اغتال المسلمون سيد خيبر اليسير بن رزام وحصلت غزوة بني لحيان وغزوة المريسيع الناجحة ضد بني المصطلق القبيلة الغنية بالابل والتي كان من ثمارها زواج محمد من ابنة سيد القبيلة المهزومة جويرية بنت الحارث بن ضرار ابنة ال20 عاما والتي ما كان يراها أحد الا أخذ بجمالها!
ومع هذه الغزوة أيضا حصلت حادثة الافك الشهيرة وفق الروايات السنية..
ثم كان قدوم محمد مع أصحابه للحج في مكة وقبل الوصول اليها كانت بيعة الرضوان تحت الشجرة التي كانت بيعة قرار اقتحام مكة مقدسة العرب لولا أن ظهر أن عثمان بن عفان لم يقتل فيها وهو من كان محمد قد أرسله ليتفاوض مع ساداتها لكي يسمحوا للمسلمين بدخولها من أجل الحج..
اذا هذا هو واقع الحال قبل صلح الحديبية..
فما العنوان الاكبر الذي ظلل هذا الصلح؟
انه اعتراف قريشي بدولة محمد الجديدة... وتوقيع هدنة لمدة 10 سنوات...
تلك الهدنة التي سينقضها المسلمون بعد عامين فقط فيجتاحون مكة لذريعة أو أخرى
ومن الممتحنة التي نزلت عقب صلح الحديبية عام 6 هجري نجد:
لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *
إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُون... الممتحنة 8 و 9
  , اذا هي آيات تنسجم مع هذه المرحلة ومع بنود الصلح
  ويفهم ذلك كل من قرأ بنود صلح الحديبية بعينين واقعيتين بعيدا عن العنتريات الاسلامية
ثم نزلت سورة النساء بعد 6 هجرية سنة الصلح هذا وقبل فتح مكة
ففي النساء: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً..  النساء90
وهناك من قال انها نسخت بآية " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" ومنهم عكرمة, الحسن, قتادة وابن زيد
لكن على الأقل ان صح النسخ فان مفعول هذه الآية استمر لعام 9 هجرية سنة نزول سورة التوبة أو براءة..
و في النساء ايضا: فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا ... النساء 89
وفي صلح الحديبية شلت يد قريش عن التعرض للمسلمين بمقتضى الهدنة, وباتت الساحة  خالية للنبي كي يتابع صولاته وجولاته في باقي شبه الجزيرة ضد القبائل المناوئة وأمام أعين قريش التي لن يمكنها حتى أن ترسل المساعدات المالية ...
فانتهى ما بقي من قبائل اليهود على يد المسلمين في خيبر, فدك, تيماء وأم القرى وكان ذلك عام 7 هجري. بعد سنة واحدة من الصلح..
ثم كان فتح مكة في 8 هجري, بعد سنتين من صلح الحديبية.. نقضه المسلمون.. نقضه محمد.
غزا محمد مكة عند أول ذريعة, قتلت بنو بكر حلفاء قريش رجلا من بني خزاعة حلفاء محمد, فهل كان على بني بكر أن تسكت على قتل خزاعة لثلاثة من رجالها ولا تأخذ بالثأر, حتى لا ينقض محمد الصلح ويجتاح مكة..
  وهو ما فهمه أبو سفيان الذي حاول جاهدا افهام محمد عندما زار المدينة بهذا الصدد ان الامر لا يعدو رد ثأر لمقتل ثلاث رجال..
لكن هي أول ذريعة كان ينتظرها النبي!
وتم اجتياح مكة بجيش جرار تلمع سيوف الكتيبة الخضراء فيه, وما كان من أبي سفيان بعد اطلالته الحزينة على هذا الجيش من مرتفع وبعد نصيحة العباس عم النبي وبعدما فهم من النبي أن ليس بينه وبينه الا الذبح الا أن يخبر أهل مكة أنه آن الأوان للخضوع لسيد العرب الجديد.. دون اراقة الدم في هذه المدينة المقدسة...
فلئن كان محمدا غير مبال بذلك, فنحن مبالون... ولا طاقة لنا بجيش السيد العربي الجديد.. انه لسان أبي سفيان
ثم استكمل النبي سيطرته باخضاع قبائل هوازن, ثقيف وجشم في حنين فهرب من بقي منهم الى الطائف.. وهناك تم الحصار لهذه المدينة السياحية وتم حرق مزارعهم ودك المدينة من خلف الاسوار بالمنجنيق الذي أتى به المسلمون من عند الدوسيين بعدما دفعوا اثمانه مالا, بعيرا, ونساءا سبايا
كما نزلت سورة المائدة  بعد فتح مكة أيضا, وهي كما يقول كثيرون(عائشة, عبد الله بن عمر وكثير من الشيعة) انها هي الأخيرة التي نزلت وان لم يصح ذلك الا أن أحدا لا ينكر أنها من اواخر ما نزل من السور اضافة للفتح (ابن عباس والصادق) وهي المؤكد نزولها بعد فتح مكة والتوبة(البراء بن عازب وأبي بن كعب وبعض الروايات الشيعية وبعض الروايات السنية عن الامام زين العابدين)
وفي المائدة نجد: انما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ... المائدة 33. 
وفيها نجد: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ 
ولتجدن أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذلك بأن منهم   قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ .. المائدة 82
ولكن في المائدة نجد أيضا: فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين ... المائدة 13
وفيها دعوة للصفح عن اليهود في غدرة غدروها أو نكثة عزموا عليها ما لم ينصبوا حربا دون أداء الجزية 
اذا هذه الآيات نزلت بعدما دانت معظم شبه الجزيرة للنبي, اذ أن الطائف دخلت أيضا في سلطته بعد قدوم وفد هوازن للمصالحة..
دانت قبائل العرب ودانت اليهود ولم يكن للمسيحيين من سلطان..
ولم يبق خارج الخضوع له الا بعض قبائل الاطراف وبعض قبائل اليمن ونجران.. 
ثم جاءت سنة 9 هجري ... ونزلت سورة براءه او التوبة.. انه سورة نزلت أواخر حياة النبي وقبل أن يغادرها باقل من 2 سنة
وهي السورة التي ليس فيها البسملة وما تحويها من رحمانية ورحيمية
  وهي من أواخر السور التي نزلت على النبي وعند البعض آخر سورة نزلت
اذا هذه السورة بما تحويه من آيات السيف والدم قد نزلت بعدما دان من بقي في شبه الجزيرة للنبي وأعلنوا الطاعة, بحيث صارت قوة المسلمين هي القوة العظمى..
  فهذه السورة نزلت بعد الغزوة اليوتيوبية تبوك والتي لم يعرف فيها الرومان رغم أنها كانت ضد الرومان, لكن لها الاثر الكبير المدوي اعلاميا في شبه الجزيرة ان من حيث نشر دعاية هروب الرومان أمام الجحافل المحمدية وان من خلال العدد الكبير لجيش محمد فيها والذي لم يشهده العرب في تاريخهم قبلا في هذه البقعة من الأرض والذي كلف تمويله باهظا لدرجة أن هذه الغزوة سميت بغزوة العسرة لهذا السبب مضافا لاسباب اخرى!
سورة التوبة أو براءة هي التي كان أبو بكر قد ذهب لتبليغها للناس ثم استبدله النبي محمد بعلي وفيها نقض العهد مع غير المسلمين ممن يسمونهم مشركين حيث قد تم منعهم من الحج والاقتراب من المساجد!!
  "ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله"
  " يا ايها الذين آمنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا"
رب قائل قد يستغرب من أنه كيف يكون هؤلاء مشركون وهم يقربون المساجد, وذلك للصورة السيئة التي طبعها المسلمون على خصومهم عبر التاريخ...
لكن الحقيقة ان كثيرا من هؤلاء كانوا  لايزالون على دين الحنيفية دين اسماعيل وكانوا يصلون ويصومون ويحجون وغير ذلك, ولكن كان عندهم مشكلة مع قبول نبوة النبي محمد وكانت مشكلة محمد هي مع شفعائهم أو وسائلهم التي يتقربون بها الىالله وهذا الذي ترجمه أحدهم قائلا: والله اننا نعرف أن الحنيفية حق ولكن في النفس شيء منك يا محمد.

,سنعرج على مجموعة من الآيات في سورة التوبة أو براءة.

برَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ

فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”...

قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ

هي من أواخر ما نزل من الآيات, لذلك قال كثيرون أنها نسخت آيات الصفح والسلام

ولئن صح ذلك أم لم يصح, ولا سبيل يقيني الى ذلك ابدا الا أن خاتمة القرآن أن تكون بهكذا آيات لشيء يستحق التوقف عنده, وهو القرآن الذي بدأ بالعلق وفيها "اقرأ" ثم تبعتها سورة القلم..

وسنة 10 هجرية قدمت, وهي ما سميت بسنة الوفود لكثرة ما وفد على النبي من مقدمين للطاعة لسيد العرب الجديد والأول الموحد لشبه الجزيرة

ومن سيرة محمد مع بني الحارث بن كعب من أهل نجران الذين قدموا اليه الولاء في هذه السنة اثر سرية خالد بن الوبيد والذي وصاه محمد قبل سيره اليهم: " وان استجابوا فاقبل منهم, وان لم يفعلوا فاقتلهم" ومن كلامه معهم بعدما قدموا اليه:  لَوْ أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَكْتُبْ إِلَيَّ أَنَّكُمْ أَسْلَمْتُمْ وَلَمْ تُقَاتِلُوا لأَلْقَيْتُ رُءُوسَكُمْ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ

من هذا الكلام كله والأداء تتملكنا الريبة والاضطراب والاستغراب

انها خاتمة قرآنية, وخاتمة سيرية تظلل الحركة المحمدية المدنية بعدما تظللت المكية بآيات السلام والصفحية

--------------------------------------------------------------------------------------




Leave a Reply.