انه الزمن الأغبر الذي جعل المرأة وجسدها موضوعا للنقاش!!
انه الزمن الذي جعل الانسان يناقش فيما يحق للمرأة أن تكشف عنه وما يجب أن تستره!
انه الحال منذ بدأ عصر الذكورة ينشط على حساب عصر الامومة لاسباب الدفاع والغزو..
بين اكستريمين موجودين اليوم وهما امتدادين عبر الزمان لتجارب انسانية كبيرة, بين هذين الاكستريمين نبحث عن الواقع الحقيقي لهذا الموضوع... ,وهو لا محال بين هذين الاكستريمين وهو اذا: الوسطي.
لوجيكيا الاكستريمان هما: الستر الكامل لجسد المرأة والكشف الكامل له..
تاريخيا مرت الرحلة الانسانية في التجربتين, وبغض النظر عن اي منهما سبق الاخر والتي تختلف بين التاريخ الديني واللاديني القائم لعله على التجربة أكثر, فان التجربتين شهدتهما الرحلة الانسانية ولا زالت آثارهما مستمرة الى يومنا هذا...
واذا رجحنا الحالة اللادينية فان ظاهرة الستر قد بدأت مع تطور الوعي الانساني بعد أن كان سابقا عاريا تماما
ودينيا كما قد يفهم من قصة آدم وحواء أن الاصالة هي للستر الا أن القصة نفسها والسوءة التي بدت قد تكون دالة في ناحية منها على الوعي للستر زمن كتابه القصة بحيث لولا تطور الانسان في رحلته وتغطيته لعورته لما ابتكر قصة انكشاف العورة لادم وحواء بسب خطيئة بحيث تم الربط بين انكشاف العورة والخطيئة ...
هذا اذا فهمنا القصة رمزيا لا حرفيا وهذا اذا تعاطينا مع القصص الدينية على انها انتاج انساني نبوي لا اسقاط من خارج عالم الانسان..
ففي بعض غابات الأمزون وبولينيزيا وغابات الكونغو الاستوائية والكمرون وفي أماكن أخرى لا زال العري هو المسيطر على القبائل البدائية التي تعيش هناك, ولا يجد هؤلاء أي حرج في هذا الموضوع ابدا... بل لا يفهمون ماذا يعني مصطلح "العري"!
هذا من جانب...
ومن جانب آخر لا زلنا نجد الى يومنا هذا في كثير من المجتمعات وخصوصا الدينية منها ظاهرة التغطية الكاملة للمرأة بحيث تنتشر هذه الظاهرة بين المسلمين واليهود وغيرهم..
كما نجدها في المجتمعات التي لا زالت تعيش القيائلية وعاداتها بشكل تقليدي..
وتعمد هذه المجتمعات الى محاربة اي ظاهرة تغيير أو انسجام مع المحيط أو الاخرين بحجة الحفاظ على الجذور والتقاليد أو الدين أو المرأة نفسها ضد التمدن أو الحداثوية!!
اذا, لقد جرب الانسان النوعين, الستر الكامل والكشف الكامل...
واثبت النوعان فشلهما انسانيا اليوم, بحيث لم يستطيعا ان يدخلا الى عمق الشخصية الانسانية بسلاسة, ولا أن يفرضا حضورهما والا سيطرتا...
سابقا كان الستر الكامل يناسب ذلك العصر حيث عرفته المجتمعات (الوثنية) الاولى في بلاد ما بين النهرين حيث الحضارات الاولى من سومرية, أكادية, بابلية, آشورية وكلدانية...
ثم عرفته مجتمعات اليهود, اليونان, الرومان, ثم المسيحيين فالمسلمين..
وكذا عرفه الفرس والهنود وغيرهم من شعوب آسيا..
وسابقا ايضا كان العري ايضا يناسب ذلك الزمان قبل تطور الوعي الانساني حيث كان لا يزال في مرحلة الحفاظ على وجوده فقط دون الوعي والاستفسار والسعي للفهم..
وحيث لجا اليه الانسان اولا كوسيلة وقاية قبل أن تتطور المسألة معه الى ابعد من ذلك.
لكن اليوم الامر مختلف....
وانسان اليوم مختلف...
نفسيا, وذهنيا...
هي اذا الوسطية المطلوبة...
وسطية بين هذين الاكستريمين...
وسطية تناسب انسان العقل اليوم, لا انسان التقاليد الماضية والافكار والايديولوجيات الماضية.
وسطية تناسب نفسية انسان اليوم لا نفسية انسان العصور الوسيطة والقديمة وما قبل التاريخ!
وسطية تناسب انسان كل الارض, لا انسان هذه المنطقة دون أخرى..
ان الستر المطلوب اليوم هو الستر الذي تحتاجه ويتناسب معها..
هو الستر الذي تراه هي أولا مناسبا لها..
هو الستر الذي يتناسب مع هذه الشخصية الانسانية اليوم...
هو الستر الذي يتناسب مع مستوى وعيها لذاتها أولا ولشخصيتها الانثوية..
وهو ليس سترا مبنيا على أفكار سواء كانت دينية, عاداتية, او حتى ايديولوجية اخرى...
وليست سترا يناسب مكانا دون آخر...
هو ستر يجب أن يكون مبنيا على واقع الانسان بشكل عام..
هو الانسان نفس الانسان كما هو في كل مكان اليوم
هو نفسه هنا وهناك...
لذلك هناك معيار على اساسه يتحدد الستر, وهناك مقدارا يتحدد على اساس هذا المعيار...
وليست العبرة بواقع شعب هنا أو هناك...
بس هو معيار وسطي نجده على امتداد التواجد الانساني في كل مكان...
فلا للتطرف في هذا المجال...
من الجهتين..
من جهة الكشف ومن جهة الستر...
هناك حد مطلوب يمكن أن يتوصل اليه الانسان ولو باحصاءات ودراسات واقعية منتزعة من واقع الانسان اليوم..
فلا لكشف يشبه كشف الشعوب البدائية في بولينيزيا والامزون ولا لستر يشبه ستر أهل القبائل العاداتية والدينية...
فالمرأة هي المرأة هي تجلي الحياة... هي انعكاسات لجمال هذه الحياة..
وكل شيء فيها يعكس شخصيتها, يعكس هذا الوجود الجميل المتألق...
يعكس جمال هذه الحياة ونضارتها وحيويتها..
فلا لستر يستر عبثا ودون حكمة, ولا لكشف يكشف تهورا ودون حدود.

هي اذا مرأة..
تأكل كمرأة تجلس كمرأة تضحك كمرأة و تلبس ايضا كمرأة
هي تعيش كل شيء كمرأة..
واي شيء بخصوص الستر يجب أن يراعي ذلك... يراعيها هي... وهي أدرى ما هو موجود بحالها...

وغير ذلك.. هو مسخ لشخصيتها الانسانية!!
باسم الدين والله, وباسم الانسانية وباسم الحفاظ عليها!!

وتبا لمن لا يميز بين الأنوثة والجنسانية!!
فهو في ورطة قوية..
يلزمه انتفاضة نفسية..
على أمراض موروثة اجتماعية أو دينية..

 

ان المطالع في القرآن وفي الحديث يلحظ فيهما -في أماكن مختلفة- التركيز على الاتصال المباشر بين الله وبين خلقه بحسب التعبير الديني أو بين الشمس واشعتها وبين النبع وجداوله لمن يهوى التعابير الغير دينية, وللناس فيما يعشقون مذاهب.

فنجد في مصاديق هذين العنوانين اللافصل والاتصال الدائم بحيث لا تكون الجداول ولا الأشعة الا فيوضات لهذا النبع أو الشمس.
فالأشعة هي الشمس وقد شعت, والجداول هي النبع وقد تجدولت.

وهذا القرآن يقول:
ونحن أقرب اليه من حبل الوريد
وهو معكم أينما كنتم
أينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله

وهذا الحديث القرآني يقول:
ما رايت شيئا الا ورأيت الله فيه وقبله وبعده
لو دليتم بحبل الى الأرض السابعة لوقع على الله

لكن نفس المطالع ايضا يلحظ التركيز على البينونة بين الله وخلقه من خلال الكلام عن الخالق(وردت 11 مرة) والمخلوق.

ففي القرآن:
اذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من طين
قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار
ذلكم الله ربكم خالق كل شيء

فعنوان "الخالق والمخلوق" انما هو عنوان يستشف منه الفصل والمباينة بحيث أن الخالق متجاوز لمخلوقاته بائن منهم موجدا اياهم بعد أن لم يكونوا.

لعل تعبير "الخالق والمخلوق" انما هو نابع من الواقع الذي ظهر فيه القرآن والآتي به, والذي لم يمكن تجاوزه في منطقة زرع فيها دينيا, اجتماعيا, وسيكولوجيا هذا العنوان, لعله لم يمكن حتى تجاوزه ذاتيا من قبل محمد وهو ابن الواقع الزمكاني يتأثر به.
ونجد لعنوان "الخالق والمخلوق" استعمالات كثيرة في التعاطي مع الاخرين من قبيل الاستدلال, بحيث أن الاخرين قد نشؤوا على هذين العنوانين تماما كما محمد وان كان قد قطع أشواطا أبعد في مجال العلاقة مع الاصل نتيجة تنسكه وانعزاله.

اذا هي جدلية قائمة, تحتاج الى قراءات قرآنية أوسع تجمع الآيات معا وتجعها تشرح بعضها بعضا, قراءات واقعية بعيدا عن الفهم الوثني المتغلغل في صدور كبار الشارحين والفقهاء والمفسرين...

قراءات يترتب عليها نتائج كبيرة فيما يخص العلاقة بين النبع وجداوله والشمس واشعتها, او بين الخالق ومخلوقاته.

نتائج تختلف فيما اذا كان كل شيء بالنسبة الى الاصل عبارة عن ظهوره وتجلياته, او كان كل شيء بالنسبة للخالق بائن منه في امتحان!

نتائج تختلف في رؤيتها للنظرة من النبع لجداوله ومن الشمس لاشعتها عن رؤيتها للنظرة من الخالق للمخلوق البائن منه.

وآثار تجربة انسانية تختلف باختلاف النظرتين أيضا, من قطف ثمار الحركة للفيوضات والاشعاعات, أو ثواب وعقاب غير مسانخ للتجربة ينتظر حين معاد
 
أحد الافلام الاميركية الجميلة المبنية على الخيال العلمي, واسمه "السديم"
- The mist , هو فيلم مبني على رواية لستيفان كينغ ...
في هذا الفيلم الذي يحتوي على التشويق والغموض, تهاجم أسراب من الكائنات الغريبة الجبارة مدينة أميركية, الناس تصبح فريسة لهذه الكائنات وطعاما لصغارها..
مجموعة من الناس يحتمون في سوبرماركت, ويعانون في مواجهة هذه الكائنات المتربصة بهم شرا في الخارج..
سبب ما حصل كان عبارة عن خطأ من علماء يجرون تجارب على نظرية الاكوان المتداخلة - The multiple universe theory , بحيث أن خطأ ما قاد هذه الكائنات من عالمها المتداخل مع عالمنا الى عالمنا هذا..
الناس في السوبرماركت فقدوا الامل وراحوا يبحثون عن اي قشة يتمسكون بها, فالسطات في الولايات المتحدة قد عزلت المنطقة كليا, وغيبتها اعلاميا منعا لحصول ضجة في المناطق المحيطة, ولضمان عدم تسرب سبب حصول ما حصل كون من قاموا بذلك هم علماء تابعين للدولة الاميركية..
كل من كان يملك أدنى فكرة للناس كان الناس يجتمعون حوله..
لكن لاحقا يستسلمون لما يرونه واقعا, وهو عدم القدرة على مواجهة أو تخطي هذه الكائنات الغريبة العملاقة.
فجاة تظهر امرأة متدينة, تملك في جيبها نسخة من "الكتاب المقدس".
تبدأ بتلاوة نصوص من الكتاب على الناس وتبدأ بتأويلها واسقاط فهمها للنصوص على الواقع الموجود والباسها لثوبها المنسوج ذهنيا بيديها.
تتكلم عن العقاب الالهي, تتكلم عن الفساد, تتكلم عن تخلي الناس عن الدين, ثم تتكلم عن تفسيرها لهذه الظاهرة التي لا يعرف الناس شيئا عنها, وهم المعزولون الذي لا حول ولهم ولا قوة ولا ناصرا ولا معينا..
آخرون يستخدمون العقل لتفسير ما يحصل ويحاولون ايجاد تفسيرات واقعية, لم تكن لتقنع الكثيرين, خصوصا وأنهم أمام ظاهرة جديدة لم يألفوها..
ينظر الناس في وجوه بعضهم البعض, ينظرون للمقاربات المطروحة من عدة اشخاص في السوبرماركت, ثم يلتف معظمهم حول تلك الامرأة المتدينة..
صحيح ان البعض استخدم التعقل للأحداث لتفسير ما يحصل, لكن هذه التعقل وما نتج عنه, بغض النظر عن النتائج الى أتى بها, لم يكن ليسد رمق الناس المرعوبين الخائفين التائقين لأي فهم لما يحصل, هذا الفهم الذي ربطوه بالنجاة.
فلا نجاة ان لم يفهموا ما الذي يحصل.
ان التعقل لم يعط الناس جوابا واضحا, لذلك فبظر الناس لم يكن لينجيهم!
أما تلك المرأة المتدينة, فهي أعطتهم أجوبة غيبية جاهزة, من عالم ما وراء العقل!
ان حالة الذعر والميل للتعلق باي قشة منجية من الواقع المرعب الموجود جعلت غالبية الناس تسلم أمرها لهذه المرأة المتدينة, رغم أنها لم تعط أي شرح عقلاني لما يحصل, ولم تنطلق في حركتها من نفس الواقع الموجود, بل ان ما فعلته كان انتقالا من صفحات الكتاب المقدس الموجود لديها نحو الواقع.
حالة التعاطي اللاغيبي مع الواقع الموجود دفع البعض للخوض وعدم الانتظار للخلاص الالهي الذي كانت المرأة المتدينة تعد الناس فيه بعد أن يتوبوا داخل السوبرماركت ويرجعوا عما اقترفوه من بعد عن الدين... والالتزام بما تقوله هي لهم, ومما تقوله: تقديم قربان يومي لهذه الكائنات!
هؤلاء الرافضين للغيبيات دفعوا الثمن بعد أن قرروا عدم الانتظار وماتوا جميعهم بأيديهم الا واحدا نجا!
أما هؤلاء الذين استسلموا للغيبيات وللخلاص الغيبي فنجا معظمهم لاحقا, بعد أن تمكن الجيش الاميركي من نجدتهم والقضاء على الغائنات الغريبة...
هي اذا حالة الخوف, حالة الجهل لما يحصل أمام الانسان من ظواهر يعجز عن تفسيرها ويعجز أهل التعقل عن تفسيرها..
هو حال الانسان في السابق, حيث كان محدودا جدا بقدراته على الاحاطة بالظواهر الطبيعية والحالات المختلفة للطبيعة وللانسان نفسه, فكان من السهل له أن ينقاد لأي انسان يأتيه شارحا ومبينا للأمور بلغة قطعية ولو بمنطق بعيد عن التعقل والاحاطة بما يقول..
فهذا الشخص هو يأتيهم بجواب قطعي عنده لما يحصل, فهموه هم ووعوه أم لا.. الا أنه قطعي بالنسبة اليه واليهم, وهذا المطلوب بالنسبة اليهم.
فالناس لا تحب تعليق الامور, ولا تطيق ذلك ان كان يحمل في طياته الخوف والتهديد.
أما أهل التعقل يومها ممن يحترمون عقولهم, وممن لم يحيطوا بما يحصل فاحترموا أنفسهم واحترموا الانسان الذي أمامهم, فذهبوا أدراج الرياح بعد أن غيبهم خوف العامة في غيابت الجب, منتظرين أحدا من المارة السيارة يلتقطهم!
وكثير منهم نعتوا عبر التاريخ بالكفار, والملاحدة والزنادقة...
فقط لأنهم لم يقبلوا ما لم يعقلوه مما طرح أمامهم من غيبيات!

 

عبد العرب قبل الاسلام اصناما كثيرة, ومعنى عبد هنا بمعنى قصد, والا فان العرب لم تكن تتخذها آلهة الى جانب الله, بل تتخذها شفعاء تقربهم الى الله زلفى...
... جاء محمد وحارب هذه التعددية, واعتبر أن لا وسيط بين الله والانسان...
فالله أقرب للانسان من حبل الوريد, وأينما ولى هذا الانسان وجهه فليس ثمة الا وجه الله.
لكن مع تقدم الزمان ما الذي حصل؟
استبدل المسلمون التعددية الشفعائية بالتعددية الالهية عبر التعددية التوصيفية لله.
فلو سألت فرقا مختلفة من المسلمين, أو حتى أهل نفس كل مذهب باتجاهاته الفكرية المتعددة, لو سألتهم عن الله كي يصفوه, لوصفه كل واحد منهم بشكل مختلف عن الآخر..
فاله أهل الكلام ليس كاله أهل الحديث, واله كل فرقة من أهل الكلام ليس كاله الفرق الاخرى ولا كاله فرق أهل الحديث وكذا مذا الخ الخ
فاله الأشاعرة ليس كاله الحنابلة ولا كاله أهل الحديث, وطبعا ليس كاله المعتزلة ولا يشبه اله الشيعة أو اله الجبرية أو القدرية أو الخ الخ.
أما منشأ الخلاف, فهو المباني المعتمدة عند كل فئة..
فلا أحد من هؤلاء يعتبر أن الواقع هو المخبر عن هذا الاله, بل يعتبرون أن النصوص(القرآن, والسنة) اضافة الى الفهم الخاص لرجل الدين القارىء هي التي تخبرنا عن الاله.
وحدث ولا حرج, عن اختلاف المسلمين في فهمهم لآيات القرآن, اضافة الى امتلاك كل منهم نصوصا روائية خاصة به متميزة عما عند الاخر...
اذا كان الله هو واحد واقعا... وهو ما يجمعون عليه مبدئيا...
فكيف صار هذا الاله الواحد آلهة متعددة بدليل الأوصاف المتعددة بتعدد الواصفين!
فالقرآن يقول: "أرأيت من اتخذ الهه هواه"
والانسان الواعي الباقر يقول: "كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم"
فمنطقيا, لو سألنا اي انسان عاقل عن تعريف "أكس" فأجاب انه: a+b+c+d
وسألنا آخر عن تعريف هذا ال"أكس" فأجاب أنه: a+b+e+f
وسألنا آخر فأجاب: a+e+k+l
وهكذا دواليك...
لخرجنا بنتيجة منطقية أن "اكس" الاول ليس نفسه "اكس" الثاني ولا الثالث ولا الرابع!
لا بل لا يصح أن نسمي الاربعة ب"اكس" بل يلزم لكل منهم تعريفا خاصا يميزه عن غيره!
ولو لم نلتفت الى اسم من يتكلم عنه هؤلاء, ووجدنا كل واحد يتكلم عن صفات مختلفة, لخرجنا بنتيجة أن هؤلاء لا يتكلمون عن نفس الشيء.
ولكان لكل من الفرق الهه الخاص..
ففي التعريف للشيء يقال أن من شروطه أن يكون هذا التعريف جامعا مانعا.
جامعا لأن يجمع كل ما يجب أن يدخل به ومانعا لدخول أي شيء آخر في التعريف.
فما يدخل في الجامعية عند احدى الفرق لا يدخل عند الاخرى, وما يمنع دخوله عند احدى الفرق لا يمنع دخوله عند الاخرى.
اذا لا يتفقون على تعريف لله.

فكل يتحدث عن الهه الخاص!

الهه الذي صنعه باوهامه, وبالكيفية التي فهمها هو...

لا الاله كما هو في الواقع فعلا...

ولتتغمد الحياة الفيلسوف الاغريقي اكزينوفانوس - قدس سره برحمتها الواسعة حين قال ما مضمونه:
اله السلاف على شاكلتهم, واله التراقيين على شاكلتهم, واله الافريقيين اسود, واله الصينيين يشبههم, ولو قدر للبغال أن ترسم وأعطيناها ريشة لترسم الله لرسمته بغلا على شاكلتها!

وأحد احفاد علي هو ايضا من قال ما مضمونه: ان النمل الصغار تظن أن لله زبانيتان.

هو اذا الشرك الخفي...
يتفقون ظاهرا على أن الله واحد..
لكن جديا: هناك تعدد آلهة وهمية اعتبارية, ولا يؤمن اتباع اي اله بالآلهة الاخرى..

فمحمد هو من قال: الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل
وهو القائل ايضا: ان الشرك يدب في أمتي دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.

اذا كان هذا حال المسلمين فيما بينهم, فكيف الحال اذا حاولنا أن نسأل أهل كل الاديان عن آلهتهم, سنرى العجب العجاب
 
مقدمة
---------
ان دراسة واقع المرأة والحجاب الذي عرفته المرأة في العصر الجاهلي هو مقدمة للدخول الى واقعها وحجابها في عصر الاسلام.
فبالغ الاهمية معرفة ما اذا كان الحجاب في الاسلام هو اسقاط خارجي على واقع العرب وقتها أم هو منبثق من نفس الواقع الذي عاشه أهل تلك المنطقة
فقد ظهر من خلال الابحاث الماضية وجود علاقة ما بين واقع المرأة وبين الحجاب, فقد كان هذا الحجاب ذو دلالات خاصة سواء اجتماعية, عاداتية, قانونية, دينية, طبقية, دونية 
فهل كان كذلك في العصر الجاهلي؟
لقد عرف العرب قبل الاسلام عادة تغطية المرأة لشعرها تماما كما عرفته الشعوب الاخرى بحيث أن هذه العادة كانت عادة منتشرة في الشرق الأدنة وجنوبي اوروبا منذ زمن الحضارة السومرية القديمة
ولكن هل كان انتشاره في هذا العصر بين العرب يحمل دلالات ما, وهل هو مرتبط بالواقع الذي عاشته المرأة في ذلك العصر؟
هو أمر صعب أن نصل الى نتيجة قوية حاسمة في هذا المجال بسبب الندرة في المصادر القبل اسلامية عن العرب كون العرب لم يعرفوا التدوين وركزوا على الروايات الشفوية اضافة الى انهم لم يهتموا بالتاريخ لهم, بل اقصى ما كانوا يذكرونه في هذا المجال هو تاريخ القبيلة
كما لا تسعف الآثار الاركيولوجية في ذلك لقلتها اولا وللرقابة والتشديد الذي تمارسه السلطات الحاكمة في السعودية خصوصا في الأماكن المقدسة اسلاميا
ان العرب لم يعوا قبل الاسلام أنهم أمة لها ذات تاريخية خاصة, فلم يوجد تصور شمولي لديهم يربط الماضي والحاضر.. فلم يعرفوا تدوين التاريخ العام لهم كأمة لها رابط مشترك كما فعلت باقي الشعوب الأخرى
اعتمد العرب قبل الاسلام على أدب الأيام وعلم الأنساب, وأدب الأيام هي عبارة عن روايات شفهية(شعر ونثر) قبلية جماعية ملك للقبيلة..
ولم يكن الهدف من أدب الأيام أن تكون تاريخا..ولم تصبح أدبا تاريخيا, بل هي رغم غموضها وبعض خيالها تعكس واقعا معينا كان موجودا.
أما علم الأانساب فهل يوجد فيه مادة تاريخية حقيقية؟ وما صلته الانساب بالتاريخ ان وجدت!؟
ان النظام القبلي الذي كان سائدا يومها هو الذي أدى الى وجود علم الأنساب, وكان تقليده شفويا فلم يتحول الى أدب تاريخي..
فالعرب في العصر الجاهلي اعتمدوا على الحفظ والرواية الشفوية ولم يعرفوا التدوين كثيرا..
وبدأ التدوين يأخذ مأخذه في عصر الاسلام, ولكن كان قد ضاع منه الكثير اضافة الى تجاهل كثيرين ممن دخلوا الاسلام له..


العصر (الجاهلي) الثاني 440 م-618 م: ألعصر القريشي
-----------------------------------------------------------------------
يطلق العصر الجاهلي الثاني على الفترة التي سبقت بعثة النبي وهي تمتد لحوالي قرنين من الزمان, وفيه صارت السيادة في مكة لقصي قريش بعد أن كانت لخزاعة, وهذه الفترة هي المهد الذي فيه نشأ الاسلام 
ان هذا الاصطلاح (الجاهلية) قد ظهر بين المسلمين بعد ظهور الإسلام، حيث اطلقوه على هذه الفترة من عصر ما قبل الإسلام وتبلور له مفهوم خاص حوله وان كان يمكن اطلاقه بالمعنى الاعم على فترة أطول عاشها العرب قبل الاسلام..
ويطلق على هذا العصر اسم العصر الجاهلي الثاني تمييزا له عن الأول الاقدم الخزاعي والذي فيه نشأت الاصنام وامتد من عام 207 م الى عام 440 م, وقد امتاز العربي في العصر الثاني بالتجارة حتى بات يقال: كل عربي تاجر, بخلاف العصر الجاهلي الأول حيث كان العرب عالة على الطبيعة وغير منتجين
أما القفزة النوعية للعرب من الجاهلية الاولى الى الثانية فكانت نتيجة عوامل عديدة ابنة ظروفها وقتها وعلى راسها الحرب الرومية الفارسية  الطاحنة التي قطعت مسار التجارة العالمي الكلاسيكي من آسيا وأدت الى أزمات اقتصادية خانقة الأمر الذي أدى بالتجار الى البحث عن طرق بديلة فكانت ساحلا عبر طرق الخليج فجنوبا باتجاه سواحل اليمن وسواحل البحر الاحمر ثم باتجاه أوروبا وافريقيا


النظام السياسي
---------------------
عرف العرب خارج مركز شبه الجزيرة قيام دويلات عدة في الشام(الغساسنة) وفي العراق(المناذرة) وفي تدمر واليمن وغيرها, وكانت في معظمها تعتمد الملكية او الاميرية الوراثية تاثرا بجيرانها
فدويلات العرب في اليمن تأثرت بنظام الحكم الحبشي, وكذا دويلاتهم في الشمال في الشام فقد تأثرت بنظام الحكم الروماني وفي العراق تاثروا بالنظام الفارسي
أما في داخل شبه الجزيرة فقد كان العرب بعيدين عن الـتأثر بجيرانهم فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والاجتماعية في هذا العصر عند أهل الحضر والبادية معا, وكان هذا ما يحدد علاقات الناس فلم يكن مقبولا ان يكون الفرد دون انتماء قبلي وكان من يطرد من القبيلة يقع في مشاكل كثيرة ويطلق عليهم احيانا الصعاليك.
وأهم رباط في هذا النظام والذي كان يشعر الافراد بالانتماء للجماعة كان العصبية
وكان لكل قبيلة رئيس يتزعمها في السلم والحرب
والقبائل العربية كانت تمارس الانتخابات لاختيار شيخ القبيلة خصوصا عندما يكون الوريث غير كفوء لقيادتها لسبب أو لآخر
  ولعل العصبية القبلية لعبت دورا في هذا التفكيك ومنع الترابط بين اهل العرق الواحد في مركز شبه الجزيرة وبالتالي كانت تحرمهم من قيام دولة جامعة لهم وتنظيم سياسي صحيح ويقول اخرون أن السبب لعله يعود الى المساحة الكبيرة في الجزيرة مع صعوبة مواصلاتها وقسوة الطبيعة فيها
فالقبيلة هي المجتمع وليست الدولة, والترابط السياسي ليس الا وليد عملية تطور طويلة تطرأ على العلاقات الاجتماعية التي تربط أطراف المجتمع ببعضهم.
كذلك فقد ترك النظام الاقتصادي آنذاك آثاره في النظامين السياسي والاجتماعي وكانت الحرب تقوم لأسباب مختلفة اقتصادية أحيانا اضافة الى الاسباب الاخرى كالثأر مثلا 
ومن الحروب التي عرفتها تلك الحقبة: حرب داحس والغبراء في نجد بين عباس وذبيان, حروب المناذرة والغساسنة ومنها يوم حليمة, يوم السلان بين المناذرة وبني عامر وحرب البسوس التي دامت 40 سنة بين بكر وتغلب بسبب ناقة لامرأة اسمها البسوس بنت منقذ..


التقسيم الاجتماعي
-------------------------
انقسم السكان في الجاهلية الى قسمين:
1- الأحرار من الأبناء العرب المنتمين بالدم
2- الموالي وهم العبيد ممن يجلبون من الأمم الأخرى أو قد يكونون من العرب من اسرى الحروب
كما انقسموا الى بدو (أهل الوبر)  وهم الأعراب الذين يقطنون البادية وحضر(أهل المدر ) وهم سكان المدن والمراكز الحضرية) 
وكان الحضر يسكنون بيوتا مستقلة ويعملون في التجارة والزراعة والصناعة
ومن هؤلا سكان مدن: مكة, يثرب, الطائف, صنعاء, ومدن المناذرة في العراق والغساسنة في الشام
أما البدو فكانت حياتهم غير مستقرة بل حياة ترال باتجاه العشب الذي تعيش عليه حيواناتهم وكانوا يحتقرون المهن وهم من تأثر كثيرا بفكرة الثأر


الحالة الفكرية
  -----------------
ان الحالة الفكرية عند العرب قبل الاسلام قد تاثرت بالظروف الاجتماعية( ما يحيط بهم من نظام قبلي, ديني, الخ) والطبيعية(ما يحيط بهم من جبال, انهار, صحاري,الخ)
وحسب ما يقول بعض المستشرقين فان طبيعة (العقل) العربي وتأثرا بالظروف التي نشا بها لا تعشق النظرات الشمولية للاشياء كما هو حال العقل اليوناني, الروماني, الفارسي وغيرهم.. بل تعشق النظرات الجزئية الخاصة مع الوصف الممتع الواسع
ان شبه الجزيرة هي بيئة صحرواية حارة شمسها تغلي الدماغ قليلة المياه جافة الهواء تصعب حياة النباتات والحيوانات فيها رياحها عاتية مدمرة ولا ينفع كوسيلة انتقال فيها من الحيوانات الا الجمل كما تتألق النجوم في سماءها فتسيطر عليه ليلا وكل هذا قد اثر ب(عقلية) الصحراوي العربي
كذلك هي لم تحتل من قبل جيرانها لصعوبتها ولعدم الحاجة لذلك فلم تتأثر هذه المنطقة بثقافات الامم المجاورة الاخرى كثيرا من باب الخضوع أو الفيض, بل كانت تتأثر بهم من باب الاحتكاك فقط والتسريبات..
كذلك فان هذه الظروف الطبيعية قد جعلت العربي قاسيا لانها كانت دائما تشعره انه وحده في مواجهة الطبيعة والظروف القاسية.
نتيجة لكل ذلك برزت اللغة, الامثال, الشعر, النثر والقصص والحكايات وعلم الأنساب
كما عرف العرب التداوي بالاعشاب وقيافة الأثر والبشر والكهانة والعرافة وعرفوا علم النجوم ..


الديانات
----------
  عرف العرب منذ حكم ابناء اسماعيل بن ابراهيم المستعربون عبادة الله فكانوا على الحنيفية, ومع عودة الجراهمة اخوالهم للحكم عرف الكثير من العرب الاسماعيليون الغربة, فكان من الشوق للأرض أن حملوا معهم منها حجارة ترمز اليها, تلك التي مع الايام صارت يتبرك بها وتسمى وثنا.
فالوثن اذا هو حجر كان يتبرك به بعض العرب, فوصفهم تبعا لذلك من بقوا على حنيفيتهم الأولى بالوثنيين..
ومن شدة تعلق العرب بما فوقهم وتقديسهم له, اعتبروا أن ما ينزل من السماء ليس الا مباركا, فكانت نشأة الأنصاب التي لم تكن أكثر من حجارة سقطت كنيازك مثلا, فكانت ايضا مما يتبرك بها عندهم.
  أما الاصنام فهي التماثيل التي تصنع على شاكلة بشر, حيوان أو نبات ما..
أما سبب نشأة الاصنام فتنسب الى سيد مكة عمرو بن لحي الخزاعي حين عاد من الشام(البلقاء) حاملا تمثالا من العقيق الأحمر وليس الا شفيعا في طلب الغيث واسمه: هبل.
ومن الأصنام اضافة الى هبل الذي كان على ظهر الكعبة :ود على صورة رجل لبني كلب(دومة الجندل), اللات لثقيف(في الطائف), العزى لقريش وبني كنانة,شمس, تيم, رضا, مناة للأوس والخزرج(بين مكة ويثرب),  سواع على صورة امرأة(صنم هُذَيل), يغوث على صورة اسد لمذحج وبعض قبائل اليمن, يعوق على صورة فرس لهمدان, نسر على صورة نسر لذي الكلاع في حمير, أما اساف ونائلة فبحسب القصة الجاهلية كانا انسانين مسخا حجرين فعبدا وكانا على الصفا والمروة  ,
ومناة اضافة للات والعزى من كان يطلق عليهم العرب الغرانيق العلى, وكانت أصنام على صورة اناث بيض ملاح
كما عرف بعض العرب عبادة النجوم والكواكب 
وعرف عرب الجنوب التثليث الفلكي القمر(ود), الشمس(اللات), والزهرة(العزى)
كما انتشرت المسيحية النصرانية المتبنية لبشرية المسيح والثالوثية اليعقوبية واليهودية(المنكرة للمسيح) بين ابناء العرب
وكان للزرادشتية وللدهرية ايضا انتشار تماما كما للصابئة التي كانت لها نظرة خاصة تجاه الملائكة والتشفع بها الى الله وهم من كانوا يؤدون صلوات خمس يوميا وهم من كانوا أيضا يشاركون الحنيفية بقسميها(المتشفعة والمتبركة بالاصنام والاوثان والانصاب والرافضة لهذا التشفع والتبرك) الحج الى مكة حيث بيت الله.


واقع المرأة
  --------------
لا يمكن فصل واقع المرأة في هذا العصر وفي هذه البقعة من العالم عن واقع المرأة العام السائد في باقي البقاع والازمنة ولو مع الفارق
وان كان واقع المرأة يومها سيئا أسوة بواقعها العام في كافة المعمورة, الا ان هناك الكثير من القرائن التي تفيد بان واقع المرأة في الجاهلية لم يكن بذلك السوء الذي يصور
فقبل الاسلام كان للمرأة دورا ما اجتماعيا, قبليا وسياسيا ايضا وهي قد ساهمت به عبر تشكيل وعي عام تجاهها, وهو واقع أفضل بكثير من واقعها عند امم أخرى بل عند أهل ديانات سماوية كالمسيحية واليهودية.
وان كان قد عرف ذلك العصر الجاهلي الكثير من الحالات الشاذة التي تعرفها كل المجتمعات والعصور الاخرى لكن من المبالغة وصف هذا العصر بابشع الأوصاف فقط متجاهلين الايجابيات التي عرفها وعرفها بالتالي واقع المرأة اعتمادا على الذهنية التقليدية في اتباع ما يقوله المنتصرون فقط وهم الذين يكتبون التاريخ عادة.. "كلما جاءت امة لعنت أختها"
فلا يمكن ابدا أن نلقي الضوء على هذا الواقع السائد قبل الاسلام بمنظار اسلامي روائي بحت..خصوصا في ظل الغياب للكثير من النصوص القرآنية التي تتكلم عن واقع العصر الجاهلي اذ أنه القرآن ليس كتاب تاريخ وما ذكره عن ذلك العصر كان فقط عن حالات محددة خصوصا السلبية منها والتي جاء الاسلام ليغيرها
ولعل عدم اتباع العرب قبل الاسلام للتدوين قد ساهم في التشويه الكبير لهذا الواقع بحيث صارت لاحقا تعمم حالات فردية أو أكثر من فردية لكن محصورة على واقع باكمله فترسل أمام الناس وكأنها مسلمة من المسلمات, كالوأد مثلا والتي كانت حالة ضيقة محصورة في ظرف ما وتخص قبيلتين هما تميم واسد واكثر ما ارتبطت بذكر قيس بن عاصم التميمي الذي وأد 8 بنات له 
وكثير مما ذكر عن الواقع في الجاهلية مأخوذ من روايات وآراء المسلمين بعد الاسلام, فان كان بعضهم انطلق ايجابيا واعتمادا على اظهار النقلة النوعية التي قام بها الاسلام مقارنة مع الواقع الذي كان قبله فان غيرهم انطلق اما عنصريا شعوبيا(كثير من المؤرخين والمحدثين المسلمين هم من غير العرب) أو دينيا(نحن ذروة الكمال فقط)!!
ومن التشويه لصورة واقع العرب قبل الاسلام التشويه الذي تعرضت له صورة المرأة فيه
ان المجتمع العربي قبل الاسلام عرف تعدد الزوجات وتملك الاماء والذي استمر عليه لاحقا الاسلام, لكنها لم تكن مسلوبة الحقوق تماما ابدا.. كما يصور البعض...فلم تكن ابدا مستعبدة, هامشية, مهضومة الحقوق,مسلوبة الكرامة, الخ الخ
وهذا الواقع الجاهلي هو الذي انتج أروع قصائد الغزل والعشق والجمال في حق المرأة.. في الوقت الذي كانت فيه باقي الأمم وأتباع الديانات ينظرون الى المرأة كمخلوق دوني وعار مكلل بالخطيئة.. ولا يذكرون المرأة الا مرفقا بعناوين السلبيات والنقائص..
ها هو تراث العرب الجاهليين ينظر بتقدير واحترام للمرأة فكانت تزين مطلع القصائد وتكلل المعلقات(زهير, لبيد, عنترة والحارث) بتاجها, المرأة اذا كانت هي موضع القلب من الجسد, وهي كانت موضع الاهتمام بالشعر والنثر ...
كما عرفت المرأة في عصر الجاهلية الحرية في اختيار الزوج فكانت تستشار, كما كانت تقوم هي بطلب الزواج من رجل تحبه وتريده كما كان بامكانها أن تشترط على زوجها في عقد الزواج ان لا يتزوج عليها, وكانت بعضهن تضع العصمة بايديهن وكان يكفي عندها أن تحولن أبواب أخبيتهن من جهة لجهة ليفهم الرجل الزوج انه لم يعد مرغوبا به  ..
ومن النسوة اللواتي ملكن زمامهن بايديهين: فاطمة الاغارية زوجة اياد العبسي, ام الكحلة, وسلمى بنت عمرو, وام هشام بن عبد المطلب...
فالمرأة في الجاهلية شغلت ميادين السياسة, الاقتصاد, والاجتماع..والمرأة كانت تخالط الرجال وتشارك في المناسبات والاعياد مجتمعة ...
وهذه فاطمة الفزارية في عصر الجاهلية كانت تحل نزاع ما في قبيلتها بمجرد رفع خمارها على رمح طويل فيهدأ الجميع, وفاطمة هذه هي التي بقيت حية الى زمن البعثة
وهي المعروفة في السيرة النبوية بأم قرفة والتي اسرت على يد زيد بن حارثة ربيب النبي فتم شقها الى نصفين(وهي عجوز) بعد اسرها بربط رجليها بجملين ثم قطع راسها وحمل للمدينة لتكون عبرة لمن يعتبر لأنها كانت تألب على النبي وكله على ذمة أهل السير والتراجم المسلمين!!
ولا ننسى البسوس بنت منقذ والتي سميت الحرب المشهورة بين بكر وتغلب على اسمها والتي دارت رحاها لمدة 40 سنة..
ولا ننسى ايضا دور هند بنت عتبة في هذا العصر وبعد بعثة النبي والتي كانت تتمتع بنفوذ كبير والتي كان لها دور حتى في المعارك بين المسلمين والقريشيين ..
وزرقاء اليمامة كان لها دور كبير, وكذا خديجة بنت خويلد وخالدة بنت عبد مناف وفيلة الأنبارية وصحراء بنت النعمان التي كانت العرب تتحاكم في محضرها وخولة بنت الأزور والخنساء تماضر بنت عمر التي رفضت التزوج من أشجع فرسان العرب عندما تقدم لها وهو دريد بن الصمة وغيرهن من النساء اللواتي اشتهرن ايضا في عصر الجاهلية..
ونقل لنا العصر الجاهلي أسماء نساء أخريات وضعن بصماتهن في هذا العصر كخرنق, كبشة, جليلة بنت مرة, ميسة بنت جابر, .
وفي الشعر والأدب كانت ام جندب زوجة امرىء القيس الحكم بين زوجها وعلقمة الفحل في التباري الشعري فكانا ينشدان في حضرتها لتحكم..
وكذا نعرف دور أم جميل زوجة ابي لهب , وشخصيتها القوية..
أما ربط واقع المرأة باسواق النخاسة فهذه كانت من ضمن التقاليد الشائعة في كل العالم وقتها وكانت الاسواق مليئة بالذكور والاناث معا, وقد استمرت بعد الاسلام ايضا..
  والنسوة كن قد أهملن في ميادين أخرى خصوصا ما يتعلق بالنظرة الذكورية التي كانت تسود العالم وقتها خصوصا في مجتمع قبلي , فقد أهملن في القرارات المصيرية التي تتعلق بمصير القبيلة وفي قرارات الحرب والسلم وغيرها
أما الحرمان من الارث وعدم نيل الأنثى حقها فيه والذي قد أنهاه الاسلام فهذا لم يكن عاما بل يعود للظروف القبلية التي كانت سائدة بحيث يؤدي ان حصل الى انتقال ثروات القبيلة والتي لم تكن بالكبيرة جدا الى قبيلة اخرى فيما لو تزوجت البنت من رجل من قبيلة اخرى والتي قد تصبح في يوم من الأيام قبيلة مغيره وعدوة, انها حياة العرب وقتها والتي كانت تعتمد الغزو والغزو المضاد, وقد عرفتها المجتمعات البدوية بشكل كبير وبدرجة اقل المجتمع الحضري..
وقد عرف العرب قبل الاسلام آلهة باسماء اناث(اللات,مناة,العزى) كما عرفت قبائلهم الامر نفسه(بجيلة, باهلة) والذكر هنا على سبيل التجميع للقرائن لا على سبيل الحكم, لانه لا يمكن أبدا الحكم بهذه الطريقة...فها هم اليونان قد عبدوا آلهة اناث في الوقت الذي كانت فيه الامرأة اليونانية تعاني وتعاني..


حجاب المرأة في العصر الجاهلي
  -----------------------------------------
عرف العرب قبل الاسلام تغطية المرأة لشعرها تارة كخمار وطورا كنقاب
ومن لسان العرب لابن منظور ان الخمار هو ما تغطي به المرأة راسها وخمرت به رأسها اي غطته أما النقاب فلا يبدو منه الا محجر عين واحدة والثانية تبقى مستورة وقد تظهر العينان معا..
وقد ذكر تغطية المرأة العربية لشعرها قبل الاسلام في موروثات العرب الشفوية وفي كتابات المؤرخين والمنظرين من غير العرب والذين عاصروا تلك الحقبة الزمنية..
فقد كانت نساء أهل المدن تضعن الخمر أكثر من أهل البوادي, فتغطية الشعر كان اذا ظاهرة مدينية أكثر.
وكان الهدف الحفاظ على رقة الجلد واللون الابيض وهذا كان يتغزل به أهل الشعر..
فالمرأة الحرة في الجاهلية كانت تغطي شعرها حماية له من أتربة الصحاري ومن الحشرات وتمييزا لها عن الجواري...
ولم تكن الجواري اللواتي يشترين من سوق النخاسة تغطين رؤوسهن..
فقد انتشر تغطية الراس وأحيانا كامل الوجه بين العرب في العصر الجاهلي سواء كن وثنيات, مسيحيات او يهوديات أو من اتباع اي ديانة أخرى..
وفي احد تفسيرات الميشنا(النسخة المدونة من التعاليم اليهودية المنقولة شفويا) ليهودا هاناسي (القرن الثالث) حول ما يجب ان تلبسه نساء اليهود قال: يسمح ليهوديات ميديا(شمال غرب ايران) بارتداء المعجر(ثوب تشده المرأة على راسها) وليهوديات الجزيرة العربية بارتداء الخمار كما تفعل النساء اللاتي يحيين هناك.
اذا الخمار عرفه أهل الجزيرة العربية ويهودا هاناسي قد عاش قبل البعثة النبوية بحوالي ثلاث قرون..
وهذه فاطمة الفزارية المعروفة بام قرفة كانت تنزع خمارها عنها وترفعه على رمح طويل ليتوقف المتخاصمون ويهدأ روعهم ويسكنوا...
فهذا النقاب الذي عرفته النساء الوثنيات العربيات قد ألمح اليه ترتليانوس(160 م- 220 م) في كتابه حجاب العذارى قائلا:"" ان الوثنيات العربيات ليسخرن منكن, هن اللائي لا يسترن رؤوسهن فحسب بل وجوههن ايضا حتى انهن يفضلن التمتع بنصف الضوء بعين واحدة مكشوفة على أن يبدين وجوههن كاملة. ان المرأة تريد أن ترى لا أن ترى""
فهذه وثنيات العرب يخفين شعورهن ووجوههن أيضا!!وترتليانوس القرطاجي هو يعاير المسيحيات الغير محجبات بذلك..
ومن السنن التي كانت في دار الندوة وعرفها العرب قبل الاسلام أن عبد المطلب كان اذا بلغت البنت أتي بها اليه فألبسها الخمار..
كما يذكر انه في اليوم الثاني من حروب الفجار الأولى ان شبابا من قريش وبني كنانة رأوا امرأة من بني عامر في سوق عكاظ وسألوها أن تسفر عن وجهها فابت فامتهنها أحدهم واستغاثت بقومها..
وفي الشعر يظهر تخبئة النساء لوجوهها
فقد قال الربيع بن زياد العبسي ناعيا مالك بن زهير:
من كان مسرورا بموت مالك *** فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا يندبنه *** يلطمن أوجههن بالاسحار
قد كن يخبئن الوجوه تسترا *** فاليوم حين برزن للنظار
وهذا صخر يتحدث شعرا عن أخته الخنساء قائلا:
والله لا أمنحها شرارها *** ولو هلكت مزقت خمارها

استنتاج مما ورد

---------------------

1- المعلومات عن واقع العرب قبل الاسلام نادرة لفقدان التدوين 

2- عرف العرب الحجاب كظاهرة مدينية اضافة الى كونه طبقيا يميز الحرة عن الأمة

3- واقع المرأة لم يكن بذلك السوء الذي تم تصويره

4- لم يعطى للحجاب دلالات دينية عند العرب الوثنيين

 
Picture
هذه الصورة في النمسا عام 1916: زيتا فون بوربون زوجة امبراطور النمسا وهنغاريا تشارلز, والمشهد في جنازة سلفه فرانس جوزيف


المسيحيون : القرن الأول الميلادي - عصرنا الحالي

---------------------------------------------------------

المسيحية هي احدى الديانات الابراهيمية الثلاث الى جانب اليهودية التي سبقتها والاسلامية التي تلتها.
والمسيح هو شخصية محورية ومهمة في الأديان الابراهيمية الثلاث.
فان كان عند اليهود هو القائد المنتظر لبني اسرائيل والذي لا زالوا في انتظار ظهوره وهو سيجمعهم من الشتات ويعيدهم الى أرض الميعاد, فانه عند المسيحيين يعتبر المخلص لبني اسرائيل وقد تحقق ظهوره ويعتبرونه الاقنوم الثاني(الابن) في الثالوث المقدس الى جانب الاب والروح القدس.
وفي الاسلام يعتبر المسيح نبيا ولدته أمه مريم من غير أب, وهو قد بشر بنبي الاسلام محمد
وقد نشأت المسيحية منذ عام 27 ميلادي الا انه منذ عام 42  ميلادي صار أتباع المسيح يطلق عليهم المسيحيون.
فمنذ القرن الميلادي الاول بدأت المسيحية عهدا جديدا بانشقاقها أوانفصالها وتميزها عن اليهودية
وحيث أن المسيح قد ولد في شرق المتوسط فقد اصبح هذا الحوض هو الثقل الرئيسي للمسيحية وعاصمة ثقافتها بحيث ظهرت اسماء مدن مهمة مسيحيا كالرها والاسكندرية وغيرها
وكما حصل مع اليهود قبلا, فقد عانى المسيحيون من اضطهاد ألرومان لهم والذي بدأ منذ عام  64  مع نيرون وعاشوا معه واستمر فيما بعد في فترات ما يسمى بفترات الاضطهاد العشرة...
وفي القرن الميلادي الثاني ظهرت الغنوصية المسيحية التي أنكرت الكنيسة التي تعتبر نفسها وسيطا بين الرب والبشر, وركزوا على تعاليم المسيح الاخلاقة والانسانية
ورفض بعضهم أن يكون المسيح هو الذي صلب بل ما حصل هو وهم لان المسيح اختفى قبل الصلب وأن الذي صلب هو سمعان الذي حمل الصليب
ولكن مع الانتشار الديموغرافي الكبير للمسيحية  بحيث اصبحوا قوة كبيرة شعبيا ومع وصول قسطنطين الى حكم الامبراطورية الرومانية تنفس المسيحيون الصعداء, فألغى قسطنطين عام 313 ميلادي العقوبات الرومانية المفروضة على من يعتقد بالمسيحية ثم دعا عام 325 الى عقد مجمع نيقيا الذي ترأسه بنفسه لمواجهة هرطقات آريوس الذي كان ينكر أزلية المسيح ويقول بانه من مصنوعات الله اضافة الى الروح القدس.
ومن أجل الابتعاد عن معاقل الوثنية قام قسطنطين بنقل العاصمة باتجاه الشرق فجعلها بيزنطية التي تقع في آسيا الصغرى(تركيا حاليا) وقد أخذت هذه العاصمة اسمه بعد موته فدعيت بالقسطنطينية.
اذا فقد  بدأت الكنيسة المسيحية والتي نشأت في بيئة وثنية  في فرض نفسها من القرن الرابع الميلادي وبدأت ببناء الهوية المسيحية الخالصة اعتمادا على العهد القديم(التوراة), العهد الجديد( الانجيل) , الاجماعات والقوانين الكنسية.
ولم تنجح محاولات جوليانوس الموصوف بالمرتد او الجاحد والذي حكم من 331 الى 363 في احياء الوثنية مجددا
وفي نهاية القرن الرابع وتحديدا عام 380 صارت المسيحية الدين  الرسمية للامبراطورية الرومانية اثر مرسوم من تيودوسيوس الاول الذي دعا عام 381 الى مجمع مسكوني ثاني في القسطنطينية ردا على بطريرك القسطنطينية مقدونيوس الذي أنكر الروح القدس
ويعد تيودوسيوس آخر امبراطور للامبراطورية الرومانية الموحدة فبعده  انقسمت الامبراطورية الى شرقية عاصمتها القسطنطينية وحكمها ابنه أركاديوس وغربية عاصمتها ميلانو وحكمها ابنه الآخر هونوريوس.
تولى تيودوسيوس الثاني الحكم بعد أبيه الضعيف أركاديوس وقام عام 431 بعقد مجمع أفسس للرد على نسطوريوس الذي فصل بين اللاهوت والناسوت واعتبر أن مريم هي أم يسوع الانسان لا يسوع الله
ثم عقدت فيما بعد مجامع مسكونية أخرى للرد على الخارجين على الاجماعات الكنسية
ولم يطل عمر الامبراطورية الرومانية الغربية طويلا فانتهت عام 480 مع وفاة يوليوس نيبوس
واستمرت الامبراطورية الرومانية الشرقية مسيحيا وفي فترة حكم جستنيان (527-565) بدا الاضطهاد لغير المسيحيين يسود في الامبراطورية, وخصوصا ضد الفلاسفة وقد أمر جستنيان باغلاق مدارس الفلسفة في أثينا وهرب كثير من الفلاسفة الى خارج حدود الامبراطورية.
وهذه الامبراطورية الرومانية الشرقية استمرت الى القرن ال15 حيث انتهت على يد العثمانيين اثر سقوط العاصمة القسطنطينية

أساسيات الدين المسيحي
----------------------------
1-   الايمان بان الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد كلمة الله.
2-    الايمان بالله الواحد المثلث الاقانيم: الاب, الابن والروح القدس. 
3-   الايمان بالفداء, موت المسيح مصلوبا وقيامته من الموت. 
4-    الايمان أن المسيح هو: الله الكلمة, ابن الله, صورة الله ورسم جوهره. 
5-   الايمان أن المسيح سيعود ثانية في آخر الايام ليدين العالم
6-   الايمان أن الانسان يتطهر من خطاياه وينال الحياة الابدية من خلال الايمان بالمسيح ربا, فاديا ومخلصا.

مصادر التشريع عند المسيحية
-------------------------------
العهد القديم - التوراة
العهد الجديد – الأناجيل ال4
الاجماع العام والتقاليد
القوانين الكنسية ( الآباء الرسل, المجامع المسكونية, كبار معلمي الكنيسة)
وهذه القوانين الكنسية تستمد شرعيتها وقوتها من تعاليم المسيح:  الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا فى السماء ، و كل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا فى السماء 
يقول القديس باسيليوس الكبير وهو من كبار معلمي الكنيسة الى ديودوروس: ان عادتنا لها قوة القانون , لأن القواعد سلمت الينا من اناس قديسين


النظرة الى المرأة  في المسيحية
-----------------------------------
ان نفس العهد القديم في التعاطي مع المرأة استمر مع المسيحية, فالمسيحية تأثرت باليهودية وهي التي نشأت في حضنها.
ورغم أن هذا النفس التوراتي لا نجد له آثار في العهد الجديد الا أن اعتبار رجال الدين المسيحيين للعهد القديم أنه كلمة الله قد فرض نفسه على نظرتهم للمرأة 
فالنظرة الدونية الى المرأة  استمرت من قبل الكنيسة اعتمادا على فهم رجالها المبني على العهد القديم والتقاليد والاعراف  
فالتقاليد اليهودية وتقاليد الشعوب الوثنية الاخرى منذ القدم كانت تنظر بسلبية الى المرأة, وهي شعوب تداخلت مع بعضها البعض وتداخلت مع المسيحية التي ورثت منهم العادات والتقاليد اضافة الى وراثتها عن اليهود العهد القديم ايضا
اذا, فالمرأة يجب أن تخضع للرجل, ومن مظاهر خضوعها حجابه, وهذا موجود عند اليهود والوثنيين ايضا.
والمرأة توراتيا هي سبب الخطيئة الاولى وانها خلقت من الرجل اضافة الى انهت أغوت الملائكة وهي مصدر استثارة وغواية وتضليل للرجل!
وهي المسؤولة عن وقوع الرجل في الخطيئة.. فقدرتها الشيطانية تسحرهم وتسبي عقولهم.
وهي سبب سقوط الرجل والملائكة ايضا وقصتهم مع الملائكة وردت في العهد القديم من خلال زواج السماويين ببنات الارض الذي أولد النيفيليم او الجبابرة الذين كان فسادهم سببا في حصول الطوفان.
ان المرأة تتبع الرجل, والمرأة ان ارادت ان تكون مؤمنة فعيلها ارضاء زوجها.
ان الرجل هو فقط من يقيم علاقة مباشرة مع الرب دون وسيط, اما المرأة فعبر وساطة الرجل.
يقول بولس الرسول والمعتبر أهم شخصية بعد المسيح وهو  يهودي الأصل(توفي 64): لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهن في الكلام ، بل أمرن أن يخضعن للطاعة ، هكذا تأمر الشريعة ، فإن أردن أن يتعلمن شيئاً ليسألن رجالهن في المنزل ، لأنه من المعيب للمرأة أن تتكلم في الكنيسة...
ويقول بولس ايضا: لا  أسمح للمرأة أن تعلم ولا أن تغتصب السلطة _ من الرجل _ ولا تتسلط ، وعليها أن تبقى صامتـــه ، لأَنَّ آدَمَ كُوِّنَ أَوَّلاً، ثُمَّ حَوَّاءُ ، وَلَمْ يَكُنْ آدَمُ هُوَ الَّذِي انْخَدَعَ بَلِ الْمَرْأَةُ انْخَدَعَتْ ، فَوَقَعَتْ فِي الْمَعْصِيَةِ.
وفي رسالة تيموثاوس الاولى 11:211 لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. 12 وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13 لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ ، 14 وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي
ويقول ترتليانوس(160-220): انك انت باب الشيطان, هاتكة الشجرة المحرمة. أنت دمرت الرجل-صورة الاله- وبسبب جزاءك أنت كان على ابن الله أن يموت.
ويقول أوغوسطين(354-430): لقد فشلت في التوصل الى فائدة المرأة للرجل اذا استثنينا الانجاب الاطفال.
ويقول أيضا: مالفرق بين أن تكون زوجة او تكون أم، في النتيجة تبقى هي أمرأة التي توقظ الخطيئة والتي علينا الحذر منها في كل امرأة
ويقول توما الاكويني(1225-1274): "المرأة خطأ عشوائي إذ ان النطفة تسعى نحو انتاج ذكر على صورة الله. وإذا كان الناتج أمرأة لابد أن ذلك بسبب ان النطفة ضعيفة أو ان المادة القادمة من الأم غير مناسبة، أو بسبب ان تأثير عوامل خارجية مثلا الرياح القادمة من الجنوب والتي تجعل الطقس رطب


العهد الجديد(الاناجيل الأربعة) وحجاب المرأة
----------------------------------------------
في الأناجيل لا يوجد ما يدل على دينية الحجاب بل نجد في قصة مريم التي ذكرت في انجيلي يوحنا ولوقا ما يدل على خلاف ذلك.
وحيث أنه لا نص على وجوب تغطية الراس في الانجيل فلعله لتركيز المسيح في دعوته على الجوهر لا الشكل الذي كان سمة اليهودية.
ففي انجيل يوحنا : "وقبل الفصح بستة أيام جاء يسوع الى بيت عنيا, حيث كان لعازر الذي أقامه من بين الأموات, فأقيم له عشاء هناك. وكانت مرتا(أخت لعازر) تخدم, وكان لعازر في جملة الذين معه على الطعام. فتناولت مريم (اخت مارتا) حقة من طيب من الناردين الخالص الغالي الثمن, ودهنت قدمي يسوع ثم مستحتهما بشعرها. فعبق البيت بالطيب. فقال يهوذا الاسخريوطي أحد تلاميذه, وهو الذي أوشك ان يسلمه:"لماذا لم يبع هذا الطيب بثلاثمائة دينار فتعطى للفقراء؟". ولم يقل هذا لاهتمامه بالفقراء, بل لأنه كان سارقا وكان صندوق الدراهم عنده, فيختلس ما يلقى فيه".
وفي انجيل لوقاا: " ودعاه أحد الفريسين الى الطعام عنده, فدخل بيت الفريسي وجلس الى المائدة. واذا بامرأة خاطئة كانت في المدينة, علمت أنه على المائدة في بيت الفريسي, فجاءت ومعها قارورة طيب, ووقفت من خلف رجليه وهي تبكي, وجعلت تبل قدميه بالدموع (فتمسحهما بشعر راسها), وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب"
ها هي مريم اخت مارتا ولعازر وحسب نص انجيل يوحنا تدهن قدمي يسوع  ثم مسحت بحقة الطيب شعرها
وها هي الامرأة الخاطئة بحسب نص انجيل لوقا تبل قدمي المسيح بالدموع ثم تمسحهما بشعر رأسها
اذا في غياب نصوص من العهد الجديد تفرض الحجاب على المرأة, نجد نصين يبينان خلاف ذلك
اذا الحجاب لا نص عليه من العهد الجديد
فمن اين نظر له رجالات المسيحية؟
ان التنظير للحجاب مسيحيا قد تم اعتمادا على الربط بين الحجاب وبين عناوين أخرى كانت متداولة قبلا عند اليهود وعند باقي الأمم الوثنية الأخرى التي عرفت الحجاب
فللحجاب دلالة دينية موروثة وعاداتية من قبيل: التبعية, الخطيئة الاولى, العقاب, العفة, التواضع والحشمة وغيرها مما سيظهر في نصوص المنظرين
استخدم المنظرون المسيحيون هذه العناوين وصبغوها بصبغة دينية مسيحية, وحاول بعضهم أيضا الاستفادة من نصوص العهد القديم رغم أنها لا تبين الزامية الحجاب بل تتحدث فقط عن وجوده عند بني اسرائيل كما عند غيرهم, فهو كان ظاهرة منتشرة عند شعوب الشرق الادنى


حجاب المرأة عند المنظرين المسيحيين الشرقيين
--------------------------------------------------------------
ارتبط الحجاب عند المنظرين المسيحيين الشرقيين بعناوين متعددة منها: الخضوع, هي ليست صورة الله, يجب أن يكون هناك سلطة عليها, هي من الرجل وخلقت لاجله, الحشمة, الخطيئة, العفة, التواضع, الوقار, حمايتها, الخضوع وغيرها
بولس الرسول - توفي 64
ارتبط التشدد في مسألة الحجاب بداية ببولس الرسول ابن مدينة طرطوس المتشددة في هذا الشأن منذ زمن الآشوريين والتي كان سكانها مزيجا من اليونانيين واليهود الذين عرفوا في عاداتهم واعرافهم غطاء المرأة لشعرها.
فبولس هو أول من نظر في شأن الحجاب للمرأة مسيحيا
فقد بدأ بولس كتاباته حول الحجاب وأعطاه الصبغة الدينية وتبعه في ذلك منظرون مسيحيون آخرون.
ففي احدى رسائل بولس لأهل كورنثوس المدينة ذات المرفأ البحري والتي كانت تحوي سكانا من ميول مختلفة عاداتيا واعرافا ودينيا: """ ينبغي لللمراة الخاضعة للرجل ان تلبس ما يدل على خضوعها."""
وفيها أيضا: الرجل لا يغطي رأسه لانه صورة الله ومجده والمرأة هي مجد الرجل. يجب على المرأة أن يكون هناك سلطة على رأسها من أجل الملائكة. ألا تعلمكم الطبيعة انه من العار على الرجل أن يغطي شعره وأن على المرأة أن تغطي شعرها واذا رأى أحد أن يجادل فليس هذا من عاداتنا ولا عادات كنائس الله.
ويقول بولس في رسالته لأهل كورنثوس أيضا: " ولكني أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح, وراس المرأة هو الرجل, ورأس المسيح هو الله.
وكل امرأة تصلي أو تتنبا وهي مكشوفة الراس تشين راسها كما لو كانت محلوقة الشعر. أما الرجل فما عليه أن يغطي راسه لأنه صورة الله ومجده, وأما المرأة فهي مجد الرجل. فليس الرجل من المرأة بل المرأة من الرجل. ولم يخلق الرجل من أجل المرأة بل خلقت المرأة من أجل الرجل. لذلك يجب على المرأة أن تكون سلطة على راسها من أجل الملائكة..." 
ان الرسائل التي بحثت في حشمة المرأة وتواضعها اعتمدت على خضوعها للرجل, بعضها بنفس ديني واخر عرفي
فكان الاعتماد على خلق الرجل قبل المرأة وكون المرأة هي سبب الخطيئة.
ولا ننسى أن هكذا مقاربات روحيتها موجودة في العهد القديم وان بولس كان يهوديا فريسيا ومن طرسوس.
لذلك يعبر بولس أول من نظر في تغطية المرأة لراسها وربطها بالدين فتأثر بالتنظير اليهودي المعتمد في نظرته للمرأة على فلسفة الخطيئة الأولى وعلى التنظير اليوناني المعتمد على الحشمة, العفة والتواضع ولا ننسى انه ابن طرسوس المتشددة في مسألة الحجاب.
ولئن جاء العهد الجديد ليحرر المرأة من تفسيرات اليهود لنصوص العهد القديم, فان بولس قد أعاد في تنظيراته الهيمنة لنفس العهد القديم مجددا!

كليمنت الاسكندري : 150-215
كذلك طالب كليمنت الاسكندري في "بيداغوغ- المربي" المرأة بارتداء الحجاب في أي مكان تتواجد به خلا منزلها.
وفي كتابه المعلم يقول كليمنت الاسكندري: لا بدّ للمرأة  أن تغطّي جسدها بصورة كاملة, ما لم تكن موجودة في بيتها؛ لأنّ هذا الطراز من اللباس  وقور, وهو يحميها من حملقة العيون في جسدها ...  وهي أيضًا بتغطيتها وجهها لا تدعو غيرها ليسقط في الخطيئة.

: 347-407 يوحنا كريزوستوموس
أما يوحنا كريزوستوموس بطريرك القسطنطينية والمعروف بيوحنا الانطاكي فيذكر في "مواعظ على رسالة بولس الاولى الى كورنثوس": ان خضوع المرأة هو للرجل ولباسها على راسها يدل على ذلك وهو ليس سوى عاقبة خطيئتها.
وفي المواعظ يقول يوحنا: إذا كان حلق شعر المرأة مخز دائمًا؛ فإنّ كشفها شعرها يعدّ أمرًا يستحقّ دائمًا التوبيخ
وفي تعليقه على رساله بولس لاهل كورنثوس من وجوب وضع المرأة غطاء على راسها كعلامة خضوع يقول يوحنا: عني أنّه ليس فقط في وقت الصلاة, وإنّما عليها أن تكون دائمًا مغطاة) 
وينقل يوحنا نفسه عن اسقف أنقرة باسيليوس(329-379) في "السلامة الحقيقة في العذرية": أما المرأة التي خصها القدر بطبيعة أدنى بكثير من طبيعة الرجل فلتضع على رأسها ما يشير الى خضوعها والا فهي متمردة على مشيئة الرب.
هذا عند المنظرين المسيحيين الشرقيين
 

حجاب المرأة عند المنظرين المسيحيين الغربيين
---------------------------------------------------
أما المسيحية الغربية فقد  فرضت الحجاب الديني حتى صار ارتداءه يدل على الانخراط في السلك الكهنوتي
فمن القرن الرابع بدأ ادخال الحجاب في الكنيسة بشكل رسمي, و بدأت الراهبات المسيحيات ترتدين الحجاب(طقس التكريس الكاثوليكي) فتتزوجن من المسيح فتكون تغطية الشعر تواضعا.
وعند المنظرين المسيحيين الغربيين ارتبط الحجاب بعناوين مختلفة كالحشمة, العفة , الخضوع, السلطة عليها, فتن الرجال والملائكة, موافقه قوانين الله المنحوته فيالطبيعة, الشهوة, العرف, وغيرها

ترتليانوس القرطاجي: 160-220
  ألف ترتليانوس كتابا كاملا عن الحجاب سماه "حجاب العذارى" عبر فيه عن نظرته للمرأة ولحجابها وصبغه بصبغة مسيحية دينية
يقول فيه: " وهكذا نرى انهن لا زلن كعهدهن يعنين بجمالهن وأناقتهن ويذهبن هنا وهناك متبرجات كنساء الشعوب الكافرة اللاتي لا يدركن معنى العفة الحقيقية"
ويقول ايضا فيه: "واني احضكن ايضا أيتها المتزوجات اللواتي تمتلكن صنفا آخر من الطهر والنقاء على عدم التخلي ولو للحظة واحدة عن عادة الالتزام بالحجاب.... فالنساء ينبغي أن يخضعن وينبغي أن تمارس سلطة على رؤوسهن والحجاب هو نيرهن"
ويقول أيضا: ان الوثنيات العربيات ليسخرن منكن, هن اللائي لا يسترن رؤوسهن فحسب بل وجوههن ايضا حتى انهن يفضلن التمتع بنصف الضوء بعين واحدة مكشوفة على أن يبدين وجوههن كاملة. ان المرأة تريد أن ترى لا أن ترى.
ويقول: على الفتيات ارتداء الحجاب في الشارع, في الكنيسة وبين الغرباء وبين اخوانهن.
كما يقول ترتليانوس ايضا في كتابه هذا: تحاصر عذارى الرجال عذارى الرب, اذ يكشفن بجرأة متهورة كامل جبينهن, وعلى الرغم من أنهن يعتبرن عذارى لكنهن ينتظرن شيئا من الرجال, ومع أن الاخريات يتمتعن بحرية اكبر لكونهن خادمات المسيح, فانهن يقلدن عذارى الرجال ويذعن لهن.
ويقول ايضا : كما أنّها مطالبة بالحجاب من أجل الملائكة, فهي كذلك مطالبة به من أجل الرجال حتى لا يفتنوا بها
وفي كتابه الاكليل يقول ترتليانوس: إنّ على المرأة أن تتحجّب؛ لأنّ ذلك يتوافق مع قوانين الله ((المنحوتة في الطبيعة
وفي كتابه "حول الصلاة" يقول : اذا تكشفن أمام الله, ما تغطينه أمام الرجال؟ هل أنتن محتشمات في الشارع أكثر من الكنيسة؟

 أوريليوس امبروزيوس: 337 - 397 
أما قديس ميلان في ايطاليا فيقول في كتابه حول العذارى: هل يوجد شيء أكثر إثارة للشهوة من الحركات غير اللائقة لعرض عري هذه الأعضاء التي غطّتها الطبيعة أو أمر العرف بتغطيتها, واللهو بإطلاق النظر, وإدارة العنق وإرسال الشعر)
وفي كتابه حول التوبة يقول: لندع العرف نفسه يعلّمنا. تغطّي المرأة وجهها بنقاب للسبب الآتي؛ وهو أن يكون احتشامها محميًا في المكان العام, وألا يلتقي وجهها بسهولة مع تحديق الشباب فيه... إذا كانت تغطّي رأسها بالخمار حتّى لا تَرى أو تُرى (ولو) عن غير قصد (لأنّه إذا كان الرأس مغطى؛ كان الوجه مغطى), فكم بالأحرى أنّه عليها أن تغطي نفسها بثوب الحشمة
وفي كتابه حول اعمال الراهب يقول: أنّ على المرأة أن تغطي جسدها, بما فيه الرأس؛ لأنّها ليست صورة الله, بخلاف الرجل الذي قرّر الكتاب المقدّس أنّه صورة الله؛ ليكون ذلك علّة أخرى -مع الدعوة إلى العفة-, لفرض الحجاب على النساء. 

أوغوسطين : 354-430
أما اوغوسطين المتحدر من أصول أمازيغية والذي يعتبره الكاثوليك ثاني أهم شخصية أثرت في الفكر المسيحي بعد بطرس(أحد التلاميذ ال12 قتل صلبا عام 67 أيام حكم نيرون)  فيقول: لا تضعي خمرا رقيقا تبدين ما يفترض أن تخفيه, استري شعرك تماما وحاذري أن تتركيه يتهدل باهمال.

ايزودوروس الاشبيلي : 636 -750
اما  ان كلمة "مافورس" غطاء الراس مشتقة من "مارس" اله الحرب عند الرومان, وهي تدل على سلطة الرجل على زوجته.


الحجاب في التقاليد الكنسية
------------------------------
في دسقولية الرسل ال12 التي كتبت في القرن 3 ميلادي وتتضمن تعاليم الرسل ال12 وبولس ويعقوب أسقف اورشليم وكتاب الديداكي أو كتاب تعاليم الرب.  
" اذا أردتن أن تكن مؤمنات, اهتمي بزوجك لترضيه وحده, واذا مشيت في الطريق فغطي رأسك برداءك فانك ان تغطيت بعفة تصانين عن نظرة الاشرار"
وفي الدسقولية أيضا: لا تتشبهن بهؤلاء النساء أيتها المسيحيات إذا أردتن أن تكن مؤمنات. اهتمي بزوجك لترضيه وحده. وإذا مشيت في الطريق فغطي رأسك بردائك فإنك إذا تغطيت بعفة تُصانين عن نظر الأشرار
إذا كانت هناك حمّامات للنساء في المدينة أو الحي؛ فلا تذهب المرأة المؤمنة لتغتسل في الحمّامات مع الرجال؛ إذا كنتِ تغطين وجهك أمام الرجال الأجانب بغطاء العفّة, فكيف تذهبين مع الرجال الأجانب إلى الحمّامات
وفيه ايضا: ولمّا تكونين في الشارع, غطِّي رأسكِ؛ لأنّك بهذه التغطية ستتحاشين أن يراك المتسكّعون. 
إذا أردتِ أن ترضيه؛ غطِّي رأسك لمّا تكونين في الشارع, غطّي وجهك لتمنعي النظرات الطائشة.
وفي المجموع الصفوي : إذا مشيت في الطريق فغطّي رأسك بردائك وتغطي بعفة؛ فإنك تصونين نفسك من الناس الأشرار, ولا تزوّقي وجهك فليس فيك شيء ينقص زينة. وليكن وجهك ينظر إلى أسفل مطرقة وأنت مغطاة من كلّ ناحية. 
والمجموع الصفوي هو لابن العسال وهو احد مراجع التشريع للكنيسة الاورثوذوكسية المصرية وهو عبارة عن دراسات في القوانين الكنسية


نستتنج مما ورد
--------------------
1- لا وجود لنصوص في الاناجيل تفيد بوجوب الحجاب بل انه يحتوي نصين يفيدان خلاف ذلك
2- لعبت نصوص العهد القديم من خلال فهم مسيحي خاص لها دورا في فرض الحجاب دينيا: الخطيئة الأولى, الغواية, التبعية للرجل, الخضوع, خلقت منه ولأجله, ليست صورة الله, فتن الملائكة, الخ الخ
3- لعبت العادات والتقاليد دورا كبيرا ايضا في فرض الحجاب: العفة, الحشمة, التواضع, الوقار, حمايتها, الشهوة, العرف, الخ الخ
4- الصبغة الدينية للحجاب في المسيحية مرتبطة فقط بتنظيرات رجال الدين المسيحييين والتقاليد الكنسية
------------------------------------------------------------------------------------------------------

 
الاسرائيليون اليهود : القرن ال18 قبل الميلاد - عصرنا الحالي
--------------------------------------------------------------

  من هم الاسرائيليون اليهود 
------------------------------------
اليهود أو الشعب اليهودي هم امة ومجموعة اثنية دينية ترجع باصولها الى الاسرائيليين الذين هم عرق سامي سكن الشرق الأدنى القديم وتكلم اللغة اليهودية.
والاسرائيليون يرجعون الى أبناء يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الذي عاش في بلاد كنعان.
وقد نشأ الاسرائيليون كجماعة بادىء الأمر في مصر في القرن ال18 قبل الميلاد زمن حكم يوسف بن يعقوب ابان الاحتلال الهكسوسي لمصر قبل أن يعود بهم موسى أحد أحفاد لاوي الى بلاد كنعان بعد زوال حكم الهكسوس على يد احمس الأول وتعرضهم للاضطهاد من قبل السكان الاصليين.
وقد انقسم الاسرائيليون لاحقا الى يهود وسامريين خلال الحقبة الهيلنستية اليونانية(القرن 4 قبل الميلاد) وظهرت بوادر هذا الانقسام قبلا اثر السبي البابلي(القرن ال6 قبل الميلاد).
واليهود أتباع موسى يعتبرون أنفسهم هم نسل أربعة من اولاد اسرائيل(يعقوب) هم يهوذا, لاوي وشمعون من زوجته ليئا وبنيامين من زوجته راحيل.
وهناك ترابط  قوي جدا بين الاثنية, الوطنية, والدين حيث أن اليهودية هي الايمان التقليدي للأمة اليهودية.

المرأة عند اليهود
---------------------
ان تبعية المرأة للرجل يهوديا تظهر نواتها في سفر التكوين:" فأوقع الرب الاله سباتا عميقا على الانسان فنام, فأخذ أحد أضلاعه وسد مكانها بلحم. وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من الانسان امرأة, فأتى بها الانسان"
كما حمل اليهود المرأة وحدها معصية الأكل من الشجرة فالمرأة مخلوق ممحض للشر وداع اليه فهي أصل المتاعب للجنس البشري.
فحسب سفر التكوين فان الحية وسوست لحواء التي وسوست بدورها لآدم أكل الشجرة من الفاكهة المحرمة
" فقال آدم انها المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت"
فقال الاله لحواء: تكثيرا اكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك
فصورة حواء هذه انعكست على وضع المرأة, فقد ورثت المرأة ذنب أمها والطمث والحمل والولادة عقاب لها
كما اعتبروها نجسة في أيام ميعادها يتنجس كل ما تلمسه وما زالوا الى يومنا هذا يعزلونها اثناء حيضها ويهجرها زوجها لفترة زمنية محددة.
كما ان المرأة لا ترث الا اذا لم يكن هناك وارثا ذكرا.
ويعتبر الكثيرون من الحاخامات انه لا يحق للمرأة أن تتعلم التوراة لانها ستحوله الى هراء!
وفي سفر التثنية ما يفيد بحق الرجل في تطليق امرأته عند وجود اي شين فيها في الوقت الذي لا تستطيع هي فعل هذا الا في حال وجود عيب جسدي أو تقصير جنسي.
وحسب طائفة "هليل" الرجل يستطيع ان يطلق زوجته متى شاء حتى ولو لمجرد أنها أفسدت وجبة طعام
والمرأة كل ما تملكه هو ملك لزوجها... ففي التلمود: " ليس للمرأة أن تمتلك اي شيء , فكل ما تمتلكه هو ملك لزوجها. ..... واذا دعت اي ضيف الى المنزل وأطعمته فهي تسرق زوجها."
وهذا أدى الى وصول الأرملة الى وضع ماساوي بعد فراقها زوجها ففرض عليها حسب سفر التكوين أن تتزوج أخا زوجها حتى ولو كان متزوجا لينجب أطفالا لأخيه فيضمن ان اسمه لن ينتهي بموته...
" فقال يهوذا لأونان ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها واقم نسلا لأخيك" 
أما تعدد الزوجات عند اليهود فلم يمنعه العهد القديم الا في الجمع بين أختين, فقد ذكر في سفر الملوك ان سليمان النبي كان لديه 700 زوجة و300 جارية

الحجاب عند اليهود
-----------------------
ان دراسة الحجاب في اليهودية مهمة جدا كون اليهودية هي أولى الديانات السماوية الثلاث التي صبغت الحجاب بصبغة دينية.
لذلك وجب أن نعرف هل للحجاب اليهودي جذور ومصادر دينية تشريعية من خلال النظر في نصوص العهد القديم وفي التلمود والشروحات اليهودية,
  أم أنه كان تقليدا اجتماعيا موجودا سواء هم أتوا به او استوردوه من الامم الوثنية الاخرى ثم لاحقا تم صبغه صبغة دينية.
ودراسة تاريخ الحجاب عند اليهود منوط بدراسته عند باقي الامم التي اختلطوا بها خصوصا في فترة الشتات.
واليهود يعتمدون على مصدرين لاخذ شرائعهما منهما وهما: أ- اسفار العهد القديم و ب- اجتهادات الحاخامات في شرح الاسفار وأهم كتاب جامع لهذه الاجتهادات هو التلمود
من خلال النظر في نصوص العهد القديم لا يظهر وجود نصوص تبين الزامية الحجاب دينيا بل كل ما يوجد هو نصوص للتمييز بين الزي الرجالي والزي النسائي
ففي سفر التثنية: يحظر على المرأة ارتداء ثياب الرجال، كما يحظر على الرجل ارتداء ثياب النساء؛ لأن كل من يفعل ذلك يصبح مكروهًا لدى الرب إلهكم.
اضافة الى نصوص تدل على وجود الحجاب وانتشاره بين اليهود وهذا لا دلالة تشريعية فيه كونه(الحجاب) قد عرفته الكثير من المجتمعات الاخرى في ذلك الزمان وقبلهم.
فالأرجح أنه كان شانا اجتماعيا وعاداتيا, ثم تحول لاحقا الى تشريع ديني مع فهم جديد للتلمود من خلال الشروحات الحاخامية.
والحجاب في مرحلة الزاميته الدينية والقانونية كان يخص النساء المتزوجات.
لذلك نجد أن الالتزام الكبير بالحجاب عند اليهود وانتشاره كظاهرة دينية  جاء متأخرا خلال القرون الميلادية الاولى بعد تصفية الروماني هادريان عام 135 ميلادي لكل أثر يهودي في فلسطين ولو أنهم عرفوه قبلا كعادة اجتماعية ذات دلالات معينة.
اذا الحجاب اليهودي الديني وان ظهرت دلالاته في التلمود القديم الا انه بدا بالانتشار مع التنظير الحاخامي له بعد الميلاد والذي لحق التنظيرات المسيحية له والتي سبقته رجاليا وبدات مع بولس الرسول ابن طرطوس مدينة التشدد في الحجاب منذ زمن الحكم الآشوري والمتوفي عام 64 ميلادي.

 

الحجاب في العهد القديم
-------------------------------
  في نصوص التوراة اشارات واضحة الى انتشار الحجاب لا بل البرقع ايضا والذي يغطي كل الوجه في المجتمع اليهودي قديما, لكن لا يوجد نص واضح يبين أن انتشاره كان بتشريع من الله 
  سفر اشعيا: انزلي واجلسي على التراب أيتها العذراء ابنة بابل. اجلسي على الأرض لا على العرش ياابنة الكلدانيين لأنك لن تدعي من بعد الناعمة المترفهة. خذي حجري الرحى واطحني الدقيق. اكشفي نقابك، وشمري عن الذيل، واكشفي عن الساق، واعبري الأنهار، فيظل عريك مكشوفا وعارك ظاهرا، فإني أنتقم ولا أعفو عن أحد.
وفي سفر اشعيا أيضا: لان بنات صهيون اختلن فمشين ممدودات الاعناق غامزات بالعيون مشين وقاربن الخطو في مشيهن وجلجلن بخلالخل اقدامهن, فسيصلع السيد هامات بنات صهيون (ويعري الرب رؤوسهن).
ان تعرية رؤوسهن قد حصلت فعلا حين تم سبي اليهود الى بابل بحيث تحولن الى جواري في تلك البلاد التي كانت تمنع الجواري من تغطية شعورهن والا العقاب.
لقد ظهرن نساء اليهود غير حييات من دون غطاء للراس أو نقاب وأنزلن الى مرتبة الاماء بعد أسرهن
سفر التكوين: فخلعت تامار ثياب ارمالها من عليها (وتغطت بالخمار) واحتجت به وجلست من مدخل العينين على طريق تمنة فرآها يهوذا فحسبها بغيا لأنها كانت مغطية وجهها. فمال اليها الى الطريق وقال: هلم ادخل عليك, لانه لم يعلم انها كنته ودخل عليها فحبلت منه. ثم قامت فمضت (ونزعت خمارها) من عليها ولبست ثياب ارمالها.
ان يهوذا قد دخل بكنته تامارا التي لم يعرفها كونها مغطاة الوجه بالبرقع الذي يغطي كامل الوجه عدا العينين, ولعلها اثناء الممارسة قد أبقت على وجهها مغطى... ويهوذا ظنها بغيا كونها كانت تجلس على طريق...
أما لماذا فعلت هي ذلك؟ فهذه قصة أخرى..
سفر التكوين: رفعت رفقة عينيها فرأت اسحاق ونزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي للقائي؟ فقال العبد: هو سيدي .. (فأخذت البرقع وتغطت.)
انها رفقة زوجة اسحاق وبغض النظر عما اذا كانت كاشفة عن وجهها مع العبد أم لا الا أنه من الواضح أن البرقع كان منتشرا بحيث يخفي كل الوجه ولا تكشفه المرأة الا حين الاختلاء بزوجها.
سفر التكوين: وعند المساء أخذ ليئة ابنته فزفها الى يعقوب, فدخل عليها, ... فلما كان الصباح, اذا هي ليئة. فقال يعقوب للابان: ماذا صنعت بي؟ أليس أني براحيل خادمتك؟ فلم خدعتني؟
ان يعقوب تزوج ليئة ظنا منه أنها راحيل! وهذا يدل على أن تغطية الوجه كان منتشرا في ذلك المجتمع الأمر الذي أوقع يعقوب في الفخ فوقع في زواج ليئة التي أنجبت له لاحقا آباء معظم اليهود(شمعون, يهوذا, لاوي) لكنه عاد وتزوج راحيل لاحقا وهي التي أنجب منها يوسف وبنيامين!
سفر دانيال: كانت سوسنة لطيفة حسنة المظهر (ولما كانت مبرقعة) أمر هذان الفاجران أن تكشف وجهها ليشبعا من جمالها.
سفر نشيد الاناشيد الاصحاح الرابع: ها انت جميلة يا حبيبتي ها انت جميلة عيناك حمامتان (من تحت نقابك شعرك) كقطيع معز رابض على جبل جلعاد..


الحجاب في التلمود والشروحات اليهودية وآراء المنظرين اليهود
-------------------------------------------------------------------------------
  التلمود هو  نتاج الشريعة الشفوية عبارة عن نقاشات حاخامات اليهود وشروحاتهم حول الشريعة اليهودية والتراث اليهودي واعرافه وقصصه وفي الاخلاق.
والتراث اليهودي يعتبر هذه الشفويات ثابته بالتواتر الشفوي
والتلمود اسمه مشتق من "لامد" اي "درس" أو "تعلم"
والتلمود المتأخر عن العهد القديم يتألف من "الميشنا" وتعني التفسير وهي النسخة المدونة من التعاليم اليهودية المنقولة شفويا ,التي حررها يهودا-هاناني في نهاية القرن الثاني ميلادي و"الجمارا" والتي هي تعليقات على الميشنا والتي ليست الا خلاصات 300 سنة من تفسير أو نقاشات وتحليلات تمت في فلسطين وبابل حول الميشنا والميشنا مع الجمارا تشكلان معا التلمود
وأطلق على الشروحات والنقاشات الأولى التي تمت في بلاد ما بين النهرين بالتلمود البابلي وظهر شفويا منذ القرن 5 قبل الميلاد وقام بتدوينها عزرا اسوفير واكتملت تنقيحاته نهاية القرن الخامس للميلاد مع آشي ورابينا مقابل تلمود أورشليم(موجز وشروحاته مقتضبة) الذي تمت شروحاته في ارض اسرائيل في الجليل حوالي سنة 425 ميلادي.
أما الميشنا فيرجح أن تدوينها قد تم على يد يهوداه هناسي في بداية القرن ال3 ميلادي
يعتبر اليهود التلمود مقدسا, وان كلام حاخاماته هو وحي من الروح القدس(روح هقدش)
وهو يتناول: القصص, الفلك, أسرار الاعداد, التنجيم, الميراث, الملكية, الضرائب, الرق, الصناعة, التجارة, المهن, الربا,الزراعة, الآداب, الطبيعيات, التاريخ, اذافة الى الشريعة, الدين والمواضيع الغيبية.
ان اليهود بعد عودتهم من السبي البابلي اثر احتلال الفرس لبابل على يد قوروش الاخميني حوالي عام 538 قبل الميلاد قد عادوا بعادات البابليين معهم وعادوا بأكثر من توراة فوقع الخلاف بينهم.
ومن نصوص التلمود تظهر الصبغة الدينية والقانونية والعرفية الشديدة للحجاب...
هؤلاء يطلقن دون أن يعطين كتابهن: الزوجة التي تنتهك شريعة موسى أو العرف اليهودي. ماالذي يعدّ انتهاكًا لشريعة موسى؟ الجماع عند حيضها ... ماالذي يعدّ انتهاكا للعرف اليهوديّ؟ الخروج برأس مكشوف .
   كانت رؤوس الرجال مكشوفة تارة ومغطاة طورا أما رؤوس النساء فمغطاة على الدوام ورؤوس الاطفال مكشوفة دوما
  تفرض غرامة 200 قطعة فضة على كل مطلقة أو أرملة اقر شهود أنها خرجت حاسرة الراس.
خروج المرأة المتزوجة دون حجاب كالزنا أو استحمامها مع الرجال في مكان واحد.
الشيطان يرقص على رؤوس النساء الحاسرات.
  شعر المرأة عورة
إذا حدّق الواحد في الإصبع الصغير للمرأة فكأنما حدّق في الموضع السريّ من جسدها 
وحين سئلت قمحيث عن سبب تولي سبعة ابناء منها منصب رئاسة الكهنة أجابت: لم تر قائمة باب بيتي ضفائر شعري طوال أيام حياتي
ومن آراء المنظرين اليهود خارج التلمود
يقول مدرس التلمود في جامعة ييشيفا ماير شيلر: يبدو أنّه لا يوجد مصدر تشريعي مقبول يسمح للمرأة المتزوّجة بأن يكون كامل شعرها مكشوفًا في الأماكن العامة
ويقول ايضا: يعتبر اليوم أمر تغطية المرأة شعرها عند المشرّعين اليهود في العالم حكما موضوعيا وتبقى مسألة طريقة ارتداء الحجاب متأثرة بالتحول الاجتماعي دون أن يمس ذلك أصل الحكم
يقول فلنا غاون: ليس من مسلك بنات إسرائيل أن يسرن في الشارع برؤوس مكشوفة
ويقول أستاذ التوراة جيتزيل ايلينسون: كلّ السلطات العلمية متفقة بصورة تامة على أنّ المرأة المتزوجة ملزمة بألاّ تغادر بيتها بشعر مكشوف. اختلاف الآراء منحصر في أمر تفاصيل هذا التحريم
ويقول موسى بن ميمون(توفي 1204 ميلادي): هذه هي الأمور التي إذا تعدت واحدة منها فقد خرقت العرف اليهودي: أن تخرج إلى الشارع أو زقاق مفتوح برأس مكشوف دون غطاء كما هو صنيع كلّ النساء حتى ولو كان شعرها مغطى بشال

لماذا الحجاب ؟
----------------
فأحد الآراء يعود الى خطئية حواء الاولى في الأكل من الشجرة.
مدراش رايا-التفسير العظيم(أحد التعليقات على التوراة): لم يخرج الرجل حاسر الراس والمرأة مغطاة؟ ذلك كمن ارتكب ذنبا فمنعه خجله أن يظهر أمام الناس, هو ذا ما يدفع المرأة لتغطية راسها.
ويقول حاخام في مدراش آخر: على المرأة تسع لعنات ثم الموت : الطمث ودم العذرية وتعب الحمل والولادة وتربية الاطفال وتغطية راسها كانها في حداد وتخرم اذنها مثل الجارية ولا يؤخذ بشهادتها وبعد كل هذا الموت.
بينما لآخر راي آخر فالحاخام شيشيت (260 ميلادي) يقول: ان شعر المرأة يستثير الاحاسيس الجنسية.
وفي ربط فيلون الاسكندري المعروف بافلاطون اليهودي (توفي 50 ميلادي) بين الحجاب وشريعة الغيرة قال ان على المرأة التي يشك فيها زوجها ان يتم محاكمتها وانزال الحكم الالهي فيها مكشوفة الراس أي محررة من الانتماء الى زوجها بان تسلم نفسها عارية الرأس اي خالية من اي عائق بأن تصبح على علاقة مباشرة مع الرب ودون وجود اي وسيط!
ويقول اسراييل بوبكو في كتابه مشناه بروراه: أنّ إلزام المرأة بتغطية الرأس لا تعلق له في الفقه اليهودي بأعراف المجتمعات وإنما هو أمر متعلق بالمعايير الموضوعية للعفة التي لا تتأثّر بطبائع المجتمعات وتحولاتها
ويقول موسى بن ميمون:  إذا خالفت المرأةا واحدًا منها عدت خارقة لشريعة موسى: أن تخرج إلى الشارع بشعر مكشوف. وما هو عرف اليهود؟ إنّه كل عرف متعلّق بالعفّة التي اعتادتها بنات إسرائيل
يقول حزقياهو: لتكن اللعنة على كل رجل يسمح لزوجته أن تكشف شعرها. هذا جزء من عفة الأسرة

لمن الحجاب؟
--------------
اختلف منظرو اليهود في من يجب أن تغطي شعرها, هل هي مطلق الفتاة اليهودية البالغة أم فقط المتزوجة؟
في التلمود: يغطي الرجال رؤوسهم أحيانًا, ويكشفونها أحيانًا أخرى, لكن النساء يغطّين رؤوسهن دائمًا, ولا يغطي البناتُ الصغار رؤوسهن البتّة
ويقول موسى بن ميمون: على بنات إسرائيل ألاّ يخرجن إلى السوق برأس مكشوف سواء كنّ متزوّجات أو غير متزوّجات.
في "المائدة المنضودة" يقول يوسف قارو: يجب على النساء المتزوّجات أن يغطين رؤوسهن على الدوام, أمّا غير المتزوّجات فلا ينطبق عليهن هذا القانون

شكل الحجاب اليهودي ومدى الالتزام به
----------------------------------------
أما شكل الحجاب عند اليهوديات ومدى التزامهن به فمرتبط بالمناطق التي انتشروا بها ولعل ذلك لعدم تمييزهن عن باقي النساء من الأمم الأخرى... خوفا من الاضطهاد ولعدم كونهم مرحب بهم..
فاليهود وبحكم أنهم لم يشعروا بحسن الضيافة في المجتمعات التي حملتهم آثروا الاندماج شكليا في هذه المجتمعات,.
فالحجاب كان علامة فارقة اكثر عند يهود الشتات نتيجة اختلاطهم بالشعوب الشرق أوسطية التي عرفت الحجاب لنساءها.
ولئن كانت نساء اليهود قد تميزن بحجابهن في الشتات في بعض المجتمعات التي جمعت المحجبات وغيرهن, فانه لم يمكن التمييز بينهن وبين باقي النساء في المجتمعات التي كانت تتبنى الحجاب بشكل الزامي قانوني او عرفي وحتى في المجتمعات التي لم تعرف الحجاب, فانهم(اليهوديات) لم يلتزمن بالحجاب كما حصل في زمن الاضطهاد الروماني لليهود زمن هيرودس في المناطق الرومانية الاوروبية
  وفي أحد تفسيرات الميشنا ليهودا هاناسي حول ما يجب أن تلبسه اليهوديات يوم الشاباط(السبت) ذكر أنه يسمح ليهوديات ميديا(شمال غرب ايران) بارتداء المعجر(ثوب تشده المرأة على راسها) وليهوديات الجزيرة العربية بارتداء الخمار كما تفعل النساء اللاتي يحيين هناك.
ويذكر فيلون الاسكندري الملقب بافلاطون اليهودي في "كونتري فلاكوس" : حين حنق سكان الاسكندرية على اليهود لم يكن بالامكان التعرف الى اليهوديات من الزي أو من اي علامة فارقة أخرى فيضطهدون بالخطأ النساء الاغريقيات ظنا منهم انهن يهوديات.

استنتاج
----------
1- الحجاب وجد مع وجود اليهود كعادة منتشرة في الشرق الأدنى
2- لا يوجد نص توراتي واضح على فرض الحجاب من الله
3- الزامية الحجاب موجودة في التلمود وآراء المنظرين اليهود
4- اختلف فيمن يجب عليها الحجاب هل هي فقط المتزوجة أم مطلق الفتاة البالغة
5- فلسفة الحجاب عند اليهود ترتبط بشكل رئيسي وكبير وعلى المشهور بالخطيئة الأولى وبموضوع العفة 
6- شكل الحجاب اليهودي كان منسجما مع شكل الحجاب في المجتمعات التي تواجدوا بها سابقا زمن الاضطهاد
------------------------------------------------------------------------------------------------------

 
 
في الحضارة الرومانية الوثنية : القرن 5 قبل الميلاد – القرن ال 4 بعد الميلاد

----------------------------------------------------------------------------
  ان الرومان هم شعب أتى من آسيا واستقر في الجزر الايطالية ابتداء من القرن ال 12 قبل الميلاد.
الا أن الكثيرين يربطون بين نشأة الحضارة الرومانية وانشاء مدينة روما في القرن 8  قبل الميلاد (753 قبل الميلاد) بحسب علماء الآثار.
عرفت روما في بادىء الأمر الحكم الجمهوري اثر الاطاحة بالحاكم تارلينيوس واستمر هذا الحكم الى عام 44 قبل الميلاد حين اعلنت الامبراطورية على انقاض الجمهورية التي أتعبتها الحروب الأهلية الداخلية.
بلغت الامبراطورية الرومانية اوج مجدها في القرن ال2 ميلادي مع "تراجان" الامبراطور ال13 الذي أعلن المسيحية ديانة محرمة والذي في عهده  ثار يهود شمال افريقيا اثر خلافهم مع السكان اليونانيين.
بدأ العد العكسي للامبراطورية الرومانية منذ عام 235 ميلادي بسبب الاضطرابات السياسية والاجتماعية الكبيرة
فقد شهدت الامبراطورية  هجمات القبائل الجرمانية العنيفة على الاطراف غربا ووصول الفرس الى انطاكية شرقا كما ظهر فقدان الولاء للعنصر الروماني في الجيش كون جزء كبير منه صار من المرتزقة وظهر الصراع الطبقي ودور المسيحية السلبي
وترافق هذا مع حالات الجفاف وانتشار الامراض والافلاس الزراعي ومزاحمة خط الراين-الدانوب لطريق المتوسط وخروج الذهب من الامبراطورية بسبب بدائية الصناعات الرومانية كونهم لم يولوها الاهتمام مما أدى الى ضعف كبير ضرب الاقتصاد.
أدت المشاكل المتفاقمة الى تقسيم الامبراطورية الى شرقية وغربية عام 286 ميلادي على يد ديوقلتيانوس ولكل منهما عاصمة خاصة بيزنطية وميديولانوم(ميلانو) على التوالي.
مع مجيء قسطنطين امبراطورا أخذت الامبراطورية الرومانية منحى جديدا, اذ ألغى عام 313 ميلادي العقوبات المفروضة على معتنقي الديانة المسيحية بموجب مرسوم ميلانو وتبنى الديانة المسيحية كما دعا الى عقد اول مجمع مسكوني في نيقيا عام 325 ميلادي ثم نقل عاصمة الامبراطورية بعيدا عن الغرب الوثني تاريخيا باتجاه الشرق المسيحي الهوى فكانت الى بيزنطية التي سميت بعده القسطنطينية" تيمنا باسمه.
انتهت الامبراطورية الرومانية الغربية مع وفاة يوليوس نيبوس عام 480 ميلادي الذي كان لا زال يحكم باسمها في دالماسيا.
واستمرت الامبراطورية في جزءها الشرقي الى حين سقوط العاصمة القسطنطينية وامبراطورها قسطنطين ال11 أمام العثمانيين عام 1453 ميلادي.
ان دراسة وضع المرأة والحجاب في الامبراطورية الرومانية ما قبل المسيحية هو مهم جدا كون الامبراطورية هذه قد تبنت الديانة المسيحية لاحقا وبالتالي فان الموروثات الرومانية قد تكون وجدت طريقا لها الى المسيحية أو الى الفهم المسيحي للنصوص الدينية.

 
وضع المرأة عند الرومان
------------------------
  يعتبر وضع المرأة الحرة في الامبراطورية الرومانية أفضل من غيره  عند باقي الأمم في تلك الحقبة وما سبقها .
فالمرأة الرومانية لم تكن معزولة عن الحياة العامة كما هو الحال عند غيرهم  ولها حقوق في عالمها وشؤونها الشخصية وان افتقدته في الاطار العام, فلم يسمح لها بالانتخاب , تمثيل الاخرين, تعاطي الشان العام, الكفالة, وفقدت بعض حقوقها في مجال الارث 
أما الاماء فلم يتمتعن بأي حقوق
  والزوجة كانت ستتبع الزوج كنتيجة ضرورية لاتباعها الهه أو تتبع اباها كنتيجة لاتباعها الهه ان اختارت البقاء تحت سلطة أبيها بعد الزواج, وهذا كان مسموحا
فقد كانت المرأة تتبع أباها قبل الزواج وأما بعد الزواج فكانت امام حالتين: اما انتقالها من سلطة ابيها الى سلطة زوجها أو البقاء تحت سلطة ابيها لكن مع طاعة زوجها وتنفيذ مطالبه.
والرجل كان لا يحق له تطليق زوجته الا في حالتي الخيانة أو العقم
كما شهدت الامبراطورية انتشار الرقيق بحيث تتبع المرأة سيدها دون اي حقوق.
  وفي الزواج كان يكفي موافقة رب الاسرة, وأما هي فالموضوع شكلي فقط بالنسبة اليها
  والخيانة الزوجية كانت جريمة بالنسبة للمرأة فقط, حيث يقوم أهلها بقتلها
وفي مديح تراجانوس(توفي 117 ميلادي): " يا لرصانة هيئتها, لا ريب أن زوجها هو من أدبها وهو صاحب الفضل في ظهورها بهذا المظهر, ان المرأة ليكفيها مجد الطاعة"
فطاعة الزوجة لزوجها مجد لها, ومن مظاهر هذه الطاعة البساطة في التزين 


الحجاب عند المرأة الرومانية
----------------------------
  عرفت المرأة الرومانية الحجاب الذي عرفته باقي الشعوب لكن بدرجة اقل.
كانت النساء تلبس رداء للجسم اسمه الباليوم أو البالا يضعنه فوق ثيابهن المنزلية ويلبسن ايضا للراس خمارا اسمه الريكينيوم أو الريكولا بعد أن كان يسمى قبلا بالفلاميوم 
  كما عرفن الميترا وهي على شكل عمامة تلف على الرأس.
وعرفن أيضا الانابول وهو خمار يلف حول العنق.
وعرفن الستولا الخاص بالمرأة الرومانية المتزوجة وهو ثوب ذو اكمام والذي كان يعلق على الكتفين ويتهدل باتجاه الارض
وكان يمكن تثبيته تحت الصدر واحيانا عند الخصر وكن يغطين بجزءه العلوي شعورهن
أن الآثار المكتشفة والتي تعود الى عهود الامبراطورية الرومانية تبين أن الحجاب لم يكن منتشرا بتلك القوة التي انتشر بها عند شعوب بلاد ما بين النهرين وحتى عند اليونانيين ولعل السبب يعود الى غياب قوانين الزامية بشأنه.
اذا هو كان منتشرا بعنوان العرف والعادات التي كانت تختلف مكانا وزمانا ودرجة.
فاذا كان اليونانيون المنظرون اعتبروا في غطاء الراس دلالة على التواضع والحشمة الا أن هذا كان غائبا عن فكر الرومان منهم.
فهذه مدينة طرطوس(جنوب تركيا حاليا) توصف بأنها المدينة الأكثر تشددا في هذا المجال فقد كانت قبلا تحت السيطرة اليونانية المتبنية لحجاب المرأة وقبلها كانت لفترة تحت السيطرة الآشورية الأمة الأكثر تشددا في هذا المجال.
خرجت هذه المستعمرة اليونانية من حكم اليونان ودخلت تحت سيطرة الرومان عام 64 ميلادي.
يقول ديونيسيوس كريزوستوموس ممثل الفلسفة الرواقية: ان نساء طرسوس كن يلتحفن بثوب لا يبدو فيه شيء من أجسادهن وكن يسدلن الغطاء على وجوههن حتى يكدن لا يميزن أكثر من موطىء اقدامهن.
وفي ناووس فيبيا ظهرت صور النساء المتوفيات المنحوتة على النصب في المدافن محجبات في الغالب.
الا انه وفي أماكن أخرى من آسيا الصغرى كان الوضع مختلفا, فمن اصل 69 منحوتة لنساء في مناطق أخرى مختلفة كان هناك فقط 22 امرأة مغطيات الشعر.
وبعيدا عن مدن التشدد كطرسوس فقد كان للحجاب صبغتان : دينية واجتماعية
  في بعض المعابد ظهرت بعض آلهة الرومان من الاناث( هيرا, ديميترا, هستيا) وهن يرتدين الحجاب.
وطقوس غطاء الرأس كان موجودا عند العذارى في المعبد.
كانت نساء المعبد وزوجات كهنة الاله جوبيتر في روما يرتدين الفلاميوم وهو خمار بلون النار في حياتهن اليومية وكن يتدثرن به في المعبد بعد وضع اكليل من براعم الشجار المثمرة فوقه.
وكان كبير كهنة المعبد يغطي الفيستاليات اللواتي لم يحافظن على نذر العذرية بخمار قبل دفنهن وهن على قيد الحياة.
والفيستاليات هن فتيات من بنات الأشراف يجسدن الالهة فيستا وكن يسكن معا وينذرن الحفاظ على عفافهن وطهرهن ل 30 سنة, هي مدة التكريس.
كما غطى الرومان رؤوسهم عند تقديم الاضاحي فكانت النساء يرتدين خمارا (ريكينيوم) ارجوانيا.
كان الزفاف يفرض على العروس الرومانية غطاء لرأسها (تكريس الراس).
فكانت تضع على راسها الفلاميوم الاحمر اللون من دون اسداله على وجهها وكان يرمز الى شعلة الالهة فيستا.
وهذا الغطاء يعلن عن انتقال الفتاة الى وضع جديد هو وضع الزوجة.
فغطاء الراس التكريسي قد خضعت له العذارى والزوجات.
كما كان للحجاب عند المرأة رمزية خاصة في مسألة احترام الميت فكن يتحجبن أثناء الدفن وفي مراسم العزاء...
--------------------------------------------------------------------------
نستنتج
1- الحجاب كان له دلالة دينية(العذرية) لكن خاصة بالمعابد ومن يعملون بها
2- الحجاب كان له دلالة بخصوص الانتقال من العزوبية الى الزواج
3- كان للحجاب مكان في بعض الحالات الخاصة كالدفن أو العزاء
4- لم يكن للحجاب دلالات عفة او حشمة او تواضع كما كان له عند غيرهم باستثناء المناطق التي اختلطوا فيها مع اليونانيات

 
  
في الحضارة اليونانية: 1150 قبل الميلاد – 146 قبل الميلاد
------------------------------------------------------------
عرفت شواطىء بحر ايجه أولى الحضارات شمال البحر المتوسط وهي الحضارة المعروفة بالحضارة الميسينية والمتحدثة باليونانية.
وفي التقسيم المشهور لتاريخ وحضارة اليونان يسمون الحقبة الزمنية الاولى التي بدأت مع المسينية عام 1150 قبل الميلاد الى عام 776 قبل الميلاد بالحقبة المظلمة.
ثم تلاه العصر اليوناني القديم الذي استمر حتى عام 480 قبل الميلاد وفيه أنشأ اليونانيون الابجدية اليونانية اعتمادا على الابجدية الفينيقية وظهرت فيه ايضا تشريعات سولون وفيه انتصر اليونان على الفرس في معركة ماراثون  ثم تلاه العصر الكلاسيكي الذي ظهرت فيه اسماء لامعة مثل سقراط, افلاطون وأرسطو وكانت نهايته مع وفاة الاسكندر المقدوني الكبير عام 323 قبل الميلاد. وأخيرا العصر الهيليني الذي امتدت فيه ثقافة اليونان في الشرق الاوسط وتبدأ بوفاة الاسكندر المقدوني وتنتهي مع الغزو  الروماني لليونان عام 168 قبل الميلاد وضمها الى الامبراطورية الرومانية كمحافظة تابعة لها ولكن مع استمرار هيمنة الثقافة اليونانية على الجزء الشرقي من الامبراطورية الرومانية والتي كان مركزها القسطنطينية.


واقع المرأة في اليونان
---------------------------------
كان واقع المرأة في اليونان سيئا كما هو في باقي بقاع الأرض , ولم تنجح الحضارة اليونانية ووضعها الراقي معرفيا على جيرانها في انصاف المرأة الا في الفترات المتأخرة من عمر هذه الحضارة.
فالمرأة الحرة لم تكن تقدر على الخروج من بيتها الا مع أحد محارمها
ولم يكن يحق لها الاختلاط بالرجال من غير محارمها ولو في بيتها, اذ اثناء الزيارات كن النسوة يجلسن في غرفة لوحدهن
والمرأة لم تكن سوى من اجل الانجاب والايتاء بوريث
اذا هو واقع سيء عاشته المرأة اليونانية في ظل احدى أرقى الحضارات في ذلك العصر
فالمرأة الزوجة مثلا لم يكن يحق لها مثلا أن تحصل على الطلاق, كما منعت من اي ارث.
ونقل عن حكماء ذلك الزمان اقوال متضاربة في المرأة
فهذا سقراط ينقل عنه انه يقول: قلب المرأة لؤلؤة يحتاج إلى صياد ماهر وايضا يقول: المرأة أحلى هدية قدمها الله الى الانسان, ويقول أيضا وايضا: عبقرية المرأة تكمن في قلبها. 
لكن ينقل عنه ايضا قول آخر: المرأة مصدر كل شر!!! 
وهذا أفلاطون يقول في كتابه الجمهورية: ان المرأة دون الرجل في كل شيء.
وهذا أرسطو يقول عنها: ان الطبيعة لم تزود المرأة باي استعداد عقلي يعتد به.
وهذا الطبيب المشرح جالينوس يقول: الجهاز التناسلي للمرأة لايكمل نموه إنه يبقى موديل غير تام بالمقارنة بما سيكون عليه لو اصبح الموديل تاماً
ومن خلال بعض الأعمال المسرحية اليونانية في العصر الكلاسيكي الثالث يمكن ان نأخذ صورة عامة عن واقع النظرة الذكورية يومها للمرأة .
فمن بعض أعمال ايسيخلوس(توفي 452 قبل الميلاد) يمكن أن نستشف الوضع السيء الذي كانت تعانيه المرأة ونظرة الاستعلاء الذكورية ضدها
ففي ثلاثية الأوريست يظهر أن النساء اليونانيات كن يرين الزواج عبودية, وانه يحولهن الى جواري عند الرجل
وفي مسرحيته"السبعة ضد طيبة" يقول ايتيوكليس حاكم طيبة كلاما عنيفا عن المرأة من انها مخلوقة لا تحتمل ومحتقرة عند أهل الفكر السوي وهي لا تطاق ان انتصرت وتجلب الشقاء ان خافت 
وان كان ايسيخلوس قد اعتبره البعض من اللاواقعيين في أعماله الأدبية والمسرحية الا أن هذا العصر قد شهد ايضا من يوصف بأبي الواقعية في الشعر المسرحي التراجيدي اليوناني ... انه يوريبيدس
فيوريبيدس(توفي 406 قبل الميلاد) هو ابن اثينا العلمية, ابن أثينا الفلسفية والخطابية
وهذا يوريبيدس يذكر في أحد أعماله في لوم النساء ان من يتوقف عن عيب المرأة يكون فاقدا للحكمة!!
وأحد ذكور مسرحياته في أحد المقاطع من الكريديات يقول مخاطبا رجلا تزوج من قريب: تزوج تزوج, ثم مت بالسم أو بحيلة امرأة

حجاب المرأة في اليونان
--------------------------
في اليونان كان تغطية المرأة لجسدها ولشعرها تقليدا يعبر عن الحشمة والتواضع, وقد لقي التأييد الكبير من كثير ممن كتبوا في الأخلاق وغيرها وعلى
سبيل المثال لا الحصر اكزينوفان(توفي 355 قبل الميلاد) في "ايكونومي" وفيليمون(توفي 262 قبل الميلاد) في "اثيني"
كانت النساء تلبس رداءا تلتحف به اسمه الهيماتيون , معطف وغطاء رأس, وقد شوهد على تماثيل في تاناغرا شمال اثينا وفي ميرينا عاصمة جزيرة ليمنوس في بحر ايجه.
وكن في غالب الأحوال يلففن الهيماتيون على رؤوسهن.
كما عرفت نساء اليونان الببلوس ,وهو رداء أعرض من الهيماتيون.
يذكر ديسيارخس المسيني(318 قبل الميلاد) واصفا نساء "بيوتيا" التي تقع وسط اليونان : تضع المرأة الغطاء على رأسها بطريقة تجعل وجهها يحتجب كليا فتبدو كالشبح لا يظهر الا عينان.
  وفي منطقة فيليبس, أظهرت بعض الآثار المكتشفة أن النساء كن يغطين رؤوسهن حتى لدى خروجهن لجلب الماء.
كما يبدو أن اليونانيين استخدموا الحجاب ايضا للتعبير والدلالة على حالة ما خاصة بالعائلة من أجل التمييز...
فقد ذكر أرستوفان في "أعياد تحتفل بها النساء على شرف الالهة ديميترا" قائلا : في مراسم العزاء والدفن النساء يكشفن والرجال يغطين والنساء يقصون الشعر والرجال يغطون.
اذا مخالفة العرف بتغطية الرجال رؤوسهم وظهور النساء مكشوفات الشعر مبعثرا هو تعبير عن الحداد, واشارة الى وجود حالة حزن أو مصيبة ما في العائلة.
وظهر الحجاب في النصب الجنائزية كتلك المكتشفة على بعض التماثيل في اثينا بحيث تبدو النساء وقد أزحن خمرهن قليلا بطريقة محتشمة.
ان مصدر قوة الحجاب في اليونان كان العرف العام, ولم يكن بفضل قوانين صارمة الزامية مفروضة كتلك التي شهدتها حضارات بلاد ما بين النهرين.
ففي نفس المدن التي كان فيها انتشار قوي للحجاب, ظهر أن كثيرا من سيدات المجتمع حتى ولو كن في مدن محافظة  كن يرفضن تغطية رؤوسهن.
لذلك نستطيع ان نفهم هذا التفاوت في الالتزام بالحجاب في المناطق اليونانية المختلفة, ويمكن التقدير أن الأمر يعود الى القرب أو البعد من مركز الدولة
كذلك يشتد الالتزام في مناطق ويخفت في مناطق بحسب الانفتاح والاحتكاك بالأمم الأخرى خصوصا عبر المدن التي كانت تحوي الموانىء البحرية كما هو الحال مثلا في مدينة كورنثوس ذات الميناء البحري الهام والتي لم يكن الحجاب فيها منتشرا بل كان ان وجد فهو مخالف للعرف العام في هذه المدينة.
يقول الشاعر والأديب فلوطرخس في "المسائل الرومانية واليونانية" : ان خروج المرأة دون تغطية رأسها مخالف للعرف العام.
كذلك كان للحجاب معنى طقوسي ديني فقد صورت كاهنات ديميترا الهة الأرض وهن يرتدين غطاء رأس كما كان المشارك في المسارة محجوبا, والمسارة هي عبارة عن تلقين المرشد للمريد اسرارا ومعارف خاصة
واستخدم غطاء الرأس أيضا في احتفالات الاسرار في ايلوزيس 
يذكر بوزانياس في"رحلة تاريخية في اليونان"  أنه في مدينة أولمبيا جنوبي اليونان وهي التي عقدت فيها اول دورة أولمبية عام 776 قبل الميلاد, في هذه المدينة ذات المعابد الكثيرة كان يحظر على كاهنة سوسيبوليس الدخول الى الهيكل دون تغطية راسها وستر وجهها, وهذا يعني أن الكاهنة ملتزمة بالعفة.
وفي فترة ما يسمى بفترة مصر اليونانية -حيث أن الاسكندر اليوناني قد دخلها عام 332 قبل الميلاد-  انتقلت الثقافة اليونانية الى مصر  بحذر مراعاة للسكان المصريين المحليين كي لا يقوموا ضدهم الا أن الوضع كان مختلفا في المركز الاداري الأول في البلاد في الاسكندرية  العاصمة ومركز الثقافة اليونانية
والملفت أن حجاب المرأة قد ظهر  بشكل كبير في الاسكندرية  في هذا العصر الى درجة أن فيلون الاسكندري(ولد 20 قبل الميلاد) والملقب بأفلاطون اليهودي يذكر في "كونتري فلاكوس" أنه حين حنق سكان الاسكندرية على اليهود لم يكن بالامكان التعرف الى النساء اليهوديات من خلال الزي فكان يتم اضطهاد النساء اليونانيات بالخطأ ظنا من الناس أنهن يهوديات
----------------------------------------------------------------------------------------------------

نستنتج مما مر
1-الحجاب كان لزوميا في الأماكن الدينية ويرمز لعفة 
2- الحجاب خارج الأماكن الدينية لم يكن مفروضا بموجب قوانين صارمة تعاقب من يخالفها
3- الحجاب كان انتشاره بعنوان العرف العام الدال على الحشمة والتواضع
4- الالتزام بالحجاب كان متفاوتا من منطقة لأخرى بل أحيانا كان التفاوت داخل نفس المنطقة
5-  الحجاب كان له رمزية بخصوص الموت من خلال دلالة ما عبر مخالفة العرف أثناء مراسم الجنائز 

 

المرأة والحجاب عند حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر

------------------------------------------------------------

قد يكون من الخطا الحديث عن معرفة اقدم حضارة على الأرض كون الحضارة وجدت مع وجود الانسان العاقل, لكن يمكننا الحديث عن معرفة أقدم آثار وجدت لحضارة وهي التي تعود الى حضارات بلاد ما بين النهرين وتحديدا الى اقدمها.... الحضارة السومرية

في الحضارة السومرية   4500 قبل الميلاد – 2334 قبل الميلاد
-----------------------------------------------------------------------------
هي حضارة قديمة لمجموعات بشرية غير سامية في جنوب بلاد ما بين النهرين.
وهي حضارة تعتبر المؤسسة الاولى للثقافات في الرحلة الانسانية الحضارية.
فهم أول من اهتم بالتدوين وهم من اخترع الكتابة المسمارية في الألفية الخامسة قبل الميلاد.
فوثقوا العقود ودونوا المعاملات التجارية والزواج والاعمال الأدبية والنصوص الدينية.
وبالرغم من أن الآثار المكتشفة في المنطقة والدالة على اسم سومر لا تعود أبعد من 2900 قبل الميلاد الا أن مؤرخون معاصرون كثر يرجعون أكثر من ذلك ويقولون أن سومر قد نشأت بين الحقبة 4500-4000 قبل الميلاد من قبل شعوب غير سامية لم تتكلم اللغة السومرية اعتمادا على أسماء مدن وأنهار كدليل يثبت قولهم.
وهكذا فان اسم سومر قد ظهر في بداية الالفية الثالثة قبل الميلاد.
والديانة السومرية هي أول الأديان التي عرفها التاريخ فهم أول من كتبوا قصصا عن الجنة, بدء الخلق والطوفان.
كما أن اقدم قصة أدبية في التاريخ "ملحمة جلجامش" هي سومرية, وهي ملحمة دونها حاكم مدينة أوروك حوالي عام 2000 قبل الميلاد تحوي في صفحاتها أخبارا عن طوفان عظيم يقضي على البشرية عدا عائلة بنت فلكا فنجت وعمرت الأرض بعد نهاية الطوفان.
وبالرغم من أن التاريخ أخبرنا عن حكم امرأة سومرية اسمها شوب-أد وبالرغم أن قصة الخلق السومرية لم تذكر أي تمييز جنسي بين الرجل والمرأة كما هو حال الفهم الديني الابراهيمي السماوي بل خلقوا من جبلة طين واحدة ,الا أن مكانة المرأة في هذا المجتمع كانت دون الرجل.
فالرجل هو المسيطر ويحق له ان يبيع زوجته ان أراد ايفاء دين عليه!
كما ان الأحكام الخاصة على المرأة كانت اقسى بكثير مما هو على الرجل, فالرجل الزاني يصفح عنه لان ما فعله نزوة أما المرأة الزانية فعقابها الاعدام.
كما أن المرأة التي تقصر في واجبات الامومة كان يتم قتلها غرقا!
وفي بعض المقتنيات النسائية السومرية التي وجدت ظهر أن المرأة في ذلك العصر كانت تغطي شعرها كما يظهر في غطاء الرأس في الصورة في الاسفل وهو موجود اليوم في المتحف البريطاني.
كما ظهرت في بعض النقوش الجدارية وشعرها مزين بعمامة مدورة كعصبة سميكة.
اذا السومريون هم اول من عرف الحجاب للمرأة

في الحضارة الاكادية   2334 قبل الميلاد – 2154 قبل الميلاد
--------------------------------------------------------------------------
هي حضارة سامية نشأت في بلاد ما بين النهرين على أنقاض سومر وتمركزت في أكاد الواقعة وسط العراق ووصلت الى عزها ومجدها ابان حكم سرجون الذي وضعته امه حين ولادته في سلة ورمته في الفرات الى أن عثر عليه شخص في خدمة ملك "كيش" فرباه في القصر قبل أن يشب ويترقى في منصبه ثم يستولي على العرش وقد ظهر سرجون هذا كقوة حوالي عام 2334 قبل الميلاد وأخضع سومر وباقي البلاد المحيطة كعيلام والخليج  واستمرت فترة حكم سرجون الذهبية هذه حتى عام 2279 قبل الميلاد, وبعده بدا الضعف يدب في الدولة
وقد انتهت هذه الدولة اثر غارات الغوتيين الجبليين عليها بحدود عام 2154 قبل الميلاد.
فتوزعت مدنها بين الغوتيين الجبليين والسومريين الذين استقلوا مجددا ببعض مدنهم
خلال قأقل من قرنين من الحكم الأكادي لم يعدل الأكاديون في القوانين السومرية الا قليلا, فقد ابقى سرجون خلال حكمه على كل القوانين السومرية كذلك استمرت العادات والاعراف على ما كانت عليه واندمج الأكاديون في المجتمع السومري دون ان تكفي فترة حكمهم القليلة الى التعديل والابتكار.
ولم يظهر في الآثار التي وجدت اي تعديلات في القوانين الخاصة بالمرأة وبأي شيء يخصها بما فيه لباسها وتغطيتها لشعرها.

في الحضارة البابلية  1763 قبل ميلاد – 600 قبل الميلاد
---------------------------------------------------------------------
أسس حمورابي دولة بابل عام 1763 قبل الميلاد بعد ان طرد الغوتيين الجبليين القادمين من القوقاز والذين دمروا اكاد ثم أسس شرائعه او قوانينه المسماة باسمه التي لا تزال نصوصها موجوده ومتداولة الى يومنا هذا.
والحضارة البابلية من أهم الحضارات القديمة وقد حققت انجازات هامة على صعيد الفلك والطب والرياضيات.
ومن الفترة التي سيطر فيها الكلدانيون على بابل عام 625 قبل الميلاد بقيادة نابوبلاصر صار يطلق عليها اسم الامبراطورية البابلية الثانية والتي برز فيها اسم نبوخذ نصر القائد الكبير المعروف في كتب التراث الاسلامي ببختنصر والذي دمر دويلة يهوذا وسبى شعبها مرتين عامي 597 قبل الميلاد و 586 قبل الميلاد.
انتهت دولة بابل من الوجود حين اجتاحها الفرس بقيادة قوروش عام 539 قبل الميلاد وذلك بعد وفاة نبوخذ نصر الذي خلفه حكام ضعفاء .
لم يكن واقع المرأة جيدا في بابل, فالمرأة كانت تتبع زوجها دون استقلال في العمل وفي الادارة وكان عليها ان تطيعه في كل شيء حتى المعاشرة بل يستطيع الرجل أن يخرج المرأة من بيته أو يتزوج عليها أو يتعاطى معها كجارية فيفقدها حريتها لمجرد أن تخالفه.
وان أخطات في تدبير شؤون المنزل كان يستطيع ان يرفع أمرها الى القاضي فيصدر حكما باغراقها في الماء!
ووفقا لقوانين حمورابي فالمرأة هي كسلعة يشتريها الرجل: "الزواج یتم عندما یكون ھناك عقد یقوم رجل بموجبه بشراء امرأة".
وكان يحق للرجل أن يرهن زوجته لفترة زمنية محددة تسديدا لديون عليه, وأن يطلقها ان لم تنجب
  أما على صعيد الحجاب, فقد عرفت بابل الحجاب عند المرأة وسنت فيه قوانين متشددة جدا لدرجة أن المرأة العاهرة ان ضبطت محجبة تعدم, والمرأة المتزوجة ان كشفت عن شعرها خارج بيتها تعدم.
الامر الذي يدل أن الحجاب قد صار لزوميا على النساء الشريفات والمتزوجات.
فالمرأة عندما تتزوج كان عليها ان تغطي شعرها من أجل تمييزها كما أن العاهرة كان ينبغي تمييزها عن غيرها ويفهم منه أن المتزوجة التي تخرج دون تغطية شعرها كانت تفقد حقوقها اذ تتحول بنظر المجتمع الى عاهرة.
اذا يبدو من قوانين حمورابي وبابل هذه أن الحجاب كان من أجل التمييز ولم يأخذ بعد اي صبغة دينية

في الحضارة الآشورية    2500 قبل الميلاد – 600 قبل الميلاد
--------------------------------------------------------------------------
الآشوريون هم اقوام سامية عاشت في شمال بلاد ما بين النهرين وهم من الاكاديين أصلا وقد قامت بينهم وبين البابليين صولات وجولات فسقطت دولتهم بيد البابليين ايام حمورابي عام 1760 قبل الميلاد قبل أن يستولي الملك الآشوري شلمنصر على بابل عام 1273 قبل الميلاد.
ومنذ عام 775 قبل الميلاد بدأ الآشوريون توسعاتهم غربا فاستولوا على فينيقيا والسامرة واحتلوا اورشليم بقيادة سرجون الثاني وسبى اليهود.
دمر الآشوريون بابل عام 686 قبل الميلاد.
وفي عام 616 قبل الميلاد أنهى الكلدانيون بزعامة نابوبلاصر الدولة الآشورية التي جاهدا حاول ملكها سين شار اوشكن ابن آشوربانيبال الصمود الا انه فشل, والحق يقال ان التوسع الآشوري غربا كان سببا جوهريا في نهايتها.
أما واقع المرأة يومها فكان سيئا, فكانت المرأة ملك لزوجها والبنت ملك لأبيها.
أما الحجاب فيعد الآشوريين أكثر من تشدد به وأولاه عناية مشددة ونظم فيه القوانين.
فبعض الحفريات التي وجدت في آشور تبين العقوبات ضد النساء الذين لا يرتدين الحجاب.
فكان على الجارية والتي لم تكن ترتدي الحجاب, كان عليها أن ترتديه عندما تخرج مع سيدها.
  وكان الرجل اذا أراد الزواج من جارية فانه وأمام الملأ يحجبها معلنا انه صارت زوجته.
وفي مدونة قوانين مكتشفة في آشور زمن حكم تغلات فلاصر(1077 قبل الميلاد) ينص القانون على منع المتزوجات وبنات الأحرار من الخروج من المنزل حاسرات الرأس.
كذلك لا يحق للعاهرة والاماء تغطية رؤوسهن والا فصلم الآذان هو العقوبة المنتظرة.
ففي اللوحة الطينية المكتشفة في آشور القديمة: لا زوجات الرجال ولا الأرامل ولا النساء الآشوريات اللاتي يخرجن إلى الطريق يمكنهن ترك رؤوسهن مكشوفة. بنات الرجل سواء أرتدين شالاً أم جلباباً أم عباءة، لا ينبغي لهن ترك رؤوسهن مكشوفة. المومس يجب ألا تحجب نفسها، ويجب أن يكون رأسها مكشوفا
وفي احدى المنحوتات الجدارية التي تعود الى زمن الملك الآشوري سنحاريب (حوالي 700 قبل الميلاد) تظهر نساء مرتدين ثوبا طويلا متأزرين بشال يلفهن حتى الكاحل
فيظهر أن الحجاب في آشور كان لتمييز الحرة من الجارية والمتزوجة من غير المتزوجة والشريفة من العاهرة, ولم يكن له أي دلالة دينية
وفي الحجاب دلالة تبعية للمرأة  وهو ايضا ضمانة لها لأنه يجنبها التعرض للتحرش الذي كانت تتعرض له العاهرات او الجواري الغير محجبات

في الحضارة المصرية الفرعونية
  -------------------------------------
مصر الفرعونية يبدأ التأريخ لها منذ وحد الملك مينا قطري مصر (الشمال والجنوب) عام 3200 قبل الميلاد واعتبر بذلك مؤسس الاسرة الفرعونية الأولى واستمرت الى زمان دخول الاسكندر المقدوني اليها عام 323 قبل الميلاد
في مصر الفرعونية تمتعت المرأة بحرية كبيرة أكثر من اي بقاع أخرى الى درجة أن المؤرخ اليوناني هيرودس حين زار مصر فوجىء من حياة المرأة فيها وتحررها واختلاطها بالناس.
تمتعت المرأة باحترام كبير وكانت النظرة للشخص تتحدد بالوضع الاجتماعي لا بالجندرية, فاشتغلت بالادارة والتجارة ونعمت بحقها من الارث بالتساوي مع الرجلوقد تمكنت المرأة وانطلاقا من الحرية التي تمتعت بها من أن تصبح في عديد الحالات وريثة العرش 
والنساء اللواتي سنحت لهن الفرصة في حكم مصر القديمة: مريت نيت, خنتكاوس, نيت اقرت, سبك نفرو, حتشبسوت, وتاوسرت
أما الحجاب فلم تعرفه مصر الفرعونية لكنني آثرت الكتابة قليلا هنا لأن احدى المنقوشات التي وجدت تحدثت عن تقلص دور المرأة وانحسار نفوذها والتعصب ضدها وظهور الحجاب في فترة حكم الهكسوس لمصر وبقي الحال على ما هو عليه حتى زوال حكمهم.
فمن هم الهكسوس وما قصتهم هنا مع المرأة والحجاب؟
الهكسوس هم من يطلق عليهم أيضا اسم الملوك الرعاة وهم شعوب بدوية من اصول مختلفة احتلت مصر في نهاية حكم الأسرة الفرعونية ال14
فقد دخلوا مصر من الشرق وحكموها ابتداءا من عام 1789 قبل الميلاد الى عام 1580 قبل الميلاد حين طردهم الثائر المصري أحمس الأول
والهكسوس هم من القبائل البدوية لكنهم ساميون مثل بني اسرائيل ويظهر هذا من خلال أسماءهم السامية مثل : صكيرحار وخيان وغيرها.
اذا رجعنا الى القرآن نجد أن القرآن كان دائما يتكلم عن حكام مصر مستخدما كلمة "فرعون" الا أنه في قصة يوسف لم يرد اي ذكر لهذه الكلمة بل كان الاستخدام دائما لكلمة "العزيز".
  أن فترة وجود الهكسوس في مصر هي نفس الفترة التي عاش فيها يوسف اذا صح التأريخ له توراتيا, فيوسف ولد عام 1796 قبل الميلاد, وبالتالي اثناء وجوده في مصر كانت مصر خاضعة لحكم المحتلين الهكسوس وبالتالي فان المنصب الذي حظي به يوسف كان من قبل الهكسوس لا المصريين أي من قبل "العزيز" لا "فرعون"
واذا عرفنا منزلة يوسف وقتها زمان حكم الهكسوس, ومنزلة بني اسرائيل ايضا, فانناا نستطيع أن نفهم لماذا اضطهد الفراعنة بني اسرائيل في مصر لاحقا بعد زوال حكم الهكسوس, لان بني اسرائيل كانوا عملاء خونة بنظر الفراعنة وشعب مصر كونهم محسوبين على المحتلين الأجانب اضافة الى كونهم أيضا أجانبا واي أجانب, أجانب من طبقة بشرية اقل مستوى بالنسبة للمصريين
فبني اسرائيل قد عاشوا في مصر منذ زمن يوسف حين ارسل يوسف وراءهم ووراء أبيه يعقوب, وتناسلوا وصاروا جماعة كبيرة ولهم منزلة عند الهكسوس منذ زمان يوسف 
..
والعزيز المذكور في القرآن ليس فرعونا مصريا ولا وزيرا كما اخترع مخرج المسلسل الايراني ليجد حلا لسلطة العزيز في مصر الفرعونية, بل هو حاكم هكسوسي محتل, ويوسف بالنسبة للفراعنة وشعبهم ليس الا أجنبيا ساميا بدويا راعيا من مستوى الهكسوس المحتلين ومحسوب عليهم ولو كان مصلحا جيدا!!
وهكذا مع زوال حكم الهكسوس على يد أحمس الأول أول فراعنة الاسرة ال18, بدأ اضطهاد  الفراعنة لبني اسرائيل في مصر حتى زمان موسى ال
ومعظمنا وان قد شاهد مسلسل يوسف الصديق الايراني الاخراج وتأثر به الا انه مسلسل يحوي الكثير من الاخطاء التاريخية المرعبة لدرجة ان مخرج الفيلم والذي ذكر انه اعتمد على مصادر تاريخية ودينية متنوعة في اخراجه قد عمد الى جلب شخصيات مختلفة عاشت في أزمان مختلفة وأعطاءهم أدوارا في نفس الحقبة الزمنية التي عاش فيها يوسف في مصر!
فأخناتون وزوجته نفرتيتي اللذان وضعهما المخرج في نفس عصر يوسف قد ولدوا بعد زمان يوسف بحوالي 400 سنة 
ولعل الشهرة التاريخية لاخناتون ونفرتيتي في أنهما دعا الى عبادة اله واحد بدل الالهة المتعددة التي يعبدها المصريون قد حذت بالمخرج الى هذا التلاعب والى جلبهما من زمانهما الى زمان آخر تواجد فيها يوسف في مصر, لكن قد غاب عن ذهن المخرج اضافة الى انهما من عصر آخر فان اخناتون ونفرتيتي دعيا الى عبادة قرص الشمس لا اله الاديان الابراهيمية!!
لا بل أكثر من ذلك فان اخناتون ونفرتيتي قد عاشا قبل ابراهيم النبي بحوالي 200 سنة ان صح التأريخ التوراتي لابراهيم
وهناك الكثير من الاخطاء التي وقع بها ولا داعي لذكرها, ولكن ظهر أن المخرج يريد تركيب القصة باي طريقة ممكنة ولو على حساب الحقائق التاريخية المدونة والحفريات!!
فقد عمد المخرج الى البحث عن فرعون ما مؤمن ليسقطه على زمن وجود يوسف في مصر, فظن أنه أخناتون عابد الاله الواحد قرص الشمس العظيم
والان بات بامكاننا أن نأخذ فكرة عن سبب تراجع حال المرأة ولعله ايضا سبب انتشار الحجاب ابان حكم الهكسوس لمصر, اي ابان النفوذ البني اسرائيلي فيها؟!

نستنتج مما مر... أن
1- الحجاب كان من أجل التمييز بين الحرة والجارية
2- الحجاب كان للتمييز بين المتزوجة والعزباء
3- الحجاب كان للتمييز بين الشريفة والعاهرة
4- الحجاب كان مفروضا بموجب قوانين يعاقب من يخالفها وهذا يفسر انتشاره بقوه في مجتمعات بلاد ما بين النهرين 
--------------------------------------------------------------------