أحد الافلام الاميركية الجميلة المبنية على الخيال العلمي, واسمه "السديم"
- The mist , هو فيلم مبني على رواية لستيفان كينغ ...
في هذا الفيلم الذي يحتوي على التشويق والغموض, تهاجم أسراب من الكائنات الغريبة الجبارة مدينة أميركية, الناس تصبح فريسة لهذه الكائنات وطعاما لصغارها..
مجموعة من الناس يحتمون في سوبرماركت, ويعانون في مواجهة هذه الكائنات المتربصة بهم شرا في الخارج..
سبب ما حصل كان عبارة عن خطأ من علماء يجرون تجارب على نظرية الاكوان المتداخلة - The multiple universe theory , بحيث أن خطأ ما قاد هذه الكائنات من عالمها المتداخل مع عالمنا الى عالمنا هذا..
الناس في السوبرماركت فقدوا الامل وراحوا يبحثون عن اي قشة يتمسكون بها, فالسطات في الولايات المتحدة قد عزلت المنطقة كليا, وغيبتها اعلاميا منعا لحصول ضجة في المناطق المحيطة, ولضمان عدم تسرب سبب حصول ما حصل كون من قاموا بذلك هم علماء تابعين للدولة الاميركية..
كل من كان يملك أدنى فكرة للناس كان الناس يجتمعون حوله..
لكن لاحقا يستسلمون لما يرونه واقعا, وهو عدم القدرة على مواجهة أو تخطي هذه الكائنات الغريبة العملاقة.
فجاة تظهر امرأة متدينة, تملك في جيبها نسخة من "الكتاب المقدس".
تبدأ بتلاوة نصوص من الكتاب على الناس وتبدأ بتأويلها واسقاط فهمها للنصوص على الواقع الموجود والباسها لثوبها المنسوج ذهنيا بيديها.
تتكلم عن العقاب الالهي, تتكلم عن الفساد, تتكلم عن تخلي الناس عن الدين, ثم تتكلم عن تفسيرها لهذه الظاهرة التي لا يعرف الناس شيئا عنها, وهم المعزولون الذي لا حول ولهم ولا قوة ولا ناصرا ولا معينا..
آخرون يستخدمون العقل لتفسير ما يحصل ويحاولون ايجاد تفسيرات واقعية, لم تكن لتقنع الكثيرين, خصوصا وأنهم أمام ظاهرة جديدة لم يألفوها..
ينظر الناس في وجوه بعضهم البعض, ينظرون للمقاربات المطروحة من عدة اشخاص في السوبرماركت, ثم يلتف معظمهم حول تلك الامرأة المتدينة..
صحيح ان البعض استخدم التعقل للأحداث لتفسير ما يحصل, لكن هذه التعقل وما نتج عنه, بغض النظر عن النتائج الى أتى بها, لم يكن ليسد رمق الناس المرعوبين الخائفين التائقين لأي فهم لما يحصل, هذا الفهم الذي ربطوه بالنجاة.
فلا نجاة ان لم يفهموا ما الذي يحصل.
ان التعقل لم يعط الناس جوابا واضحا, لذلك فبظر الناس لم يكن لينجيهم!
أما تلك المرأة المتدينة, فهي أعطتهم أجوبة غيبية جاهزة, من عالم ما وراء العقل!
ان حالة الذعر والميل للتعلق باي قشة منجية من الواقع المرعب الموجود جعلت غالبية الناس تسلم أمرها لهذه المرأة المتدينة, رغم أنها لم تعط أي شرح عقلاني لما يحصل, ولم تنطلق في حركتها من نفس الواقع الموجود, بل ان ما فعلته كان انتقالا من صفحات الكتاب المقدس الموجود لديها نحو الواقع.
حالة التعاطي اللاغيبي مع الواقع الموجود دفع البعض للخوض وعدم الانتظار للخلاص الالهي الذي كانت المرأة المتدينة تعد الناس فيه بعد أن يتوبوا داخل السوبرماركت ويرجعوا عما اقترفوه من بعد عن الدين... والالتزام بما تقوله هي لهم, ومما تقوله: تقديم قربان يومي لهذه الكائنات!
هؤلاء الرافضين للغيبيات دفعوا الثمن بعد أن قرروا عدم الانتظار وماتوا جميعهم بأيديهم الا واحدا نجا!
أما هؤلاء الذين استسلموا للغيبيات وللخلاص الغيبي فنجا معظمهم لاحقا, بعد أن تمكن الجيش الاميركي من نجدتهم والقضاء على الغائنات الغريبة...
هي اذا حالة الخوف, حالة الجهل لما يحصل أمام الانسان من ظواهر يعجز عن تفسيرها ويعجز أهل التعقل عن تفسيرها..
هو حال الانسان في السابق, حيث كان محدودا جدا بقدراته على الاحاطة بالظواهر الطبيعية والحالات المختلفة للطبيعة وللانسان نفسه, فكان من السهل له أن ينقاد لأي انسان يأتيه شارحا ومبينا للأمور بلغة قطعية ولو بمنطق بعيد عن التعقل والاحاطة بما يقول..
فهذا الشخص هو يأتيهم بجواب قطعي عنده لما يحصل, فهموه هم ووعوه أم لا.. الا أنه قطعي بالنسبة اليه واليهم, وهذا المطلوب بالنسبة اليهم.
فالناس لا تحب تعليق الامور, ولا تطيق ذلك ان كان يحمل في طياته الخوف والتهديد.
أما أهل التعقل يومها ممن يحترمون عقولهم, وممن لم يحيطوا بما يحصل فاحترموا أنفسهم واحترموا الانسان الذي أمامهم, فذهبوا أدراج الرياح بعد أن غيبهم خوف العامة في غيابت الجب, منتظرين أحدا من المارة السيارة يلتقطهم!
وكثير منهم نعتوا عبر التاريخ بالكفار, والملاحدة والزنادقة...
فقط لأنهم لم يقبلوا ما لم يعقلوه مما طرح أمامهم من غيبيات!




Leave a Reply.