ان المطالع في القرآن وفي الحديث يلحظ فيهما -في أماكن مختلفة- التركيز على الاتصال المباشر بين الله وبين خلقه بحسب التعبير الديني أو بين الشمس واشعتها وبين النبع وجداوله لمن يهوى التعابير الغير دينية, وللناس فيما يعشقون مذاهب.

فنجد في مصاديق هذين العنوانين اللافصل والاتصال الدائم بحيث لا تكون الجداول ولا الأشعة الا فيوضات لهذا النبع أو الشمس.
فالأشعة هي الشمس وقد شعت, والجداول هي النبع وقد تجدولت.

وهذا القرآن يقول:
ونحن أقرب اليه من حبل الوريد
وهو معكم أينما كنتم
أينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله

وهذا الحديث القرآني يقول:
ما رايت شيئا الا ورأيت الله فيه وقبله وبعده
لو دليتم بحبل الى الأرض السابعة لوقع على الله

لكن نفس المطالع ايضا يلحظ التركيز على البينونة بين الله وخلقه من خلال الكلام عن الخالق(وردت 11 مرة) والمخلوق.

ففي القرآن:
اذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من طين
قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار
ذلكم الله ربكم خالق كل شيء

فعنوان "الخالق والمخلوق" انما هو عنوان يستشف منه الفصل والمباينة بحيث أن الخالق متجاوز لمخلوقاته بائن منهم موجدا اياهم بعد أن لم يكونوا.

لعل تعبير "الخالق والمخلوق" انما هو نابع من الواقع الذي ظهر فيه القرآن والآتي به, والذي لم يمكن تجاوزه في منطقة زرع فيها دينيا, اجتماعيا, وسيكولوجيا هذا العنوان, لعله لم يمكن حتى تجاوزه ذاتيا من قبل محمد وهو ابن الواقع الزمكاني يتأثر به.
ونجد لعنوان "الخالق والمخلوق" استعمالات كثيرة في التعاطي مع الاخرين من قبيل الاستدلال, بحيث أن الاخرين قد نشؤوا على هذين العنوانين تماما كما محمد وان كان قد قطع أشواطا أبعد في مجال العلاقة مع الاصل نتيجة تنسكه وانعزاله.

اذا هي جدلية قائمة, تحتاج الى قراءات قرآنية أوسع تجمع الآيات معا وتجعها تشرح بعضها بعضا, قراءات واقعية بعيدا عن الفهم الوثني المتغلغل في صدور كبار الشارحين والفقهاء والمفسرين...

قراءات يترتب عليها نتائج كبيرة فيما يخص العلاقة بين النبع وجداوله والشمس واشعتها, او بين الخالق ومخلوقاته.

نتائج تختلف فيما اذا كان كل شيء بالنسبة الى الاصل عبارة عن ظهوره وتجلياته, او كان كل شيء بالنسبة للخالق بائن منه في امتحان!

نتائج تختلف في رؤيتها للنظرة من النبع لجداوله ومن الشمس لاشعتها عن رؤيتها للنظرة من الخالق للمخلوق البائن منه.

وآثار تجربة انسانية تختلف باختلاف النظرتين أيضا, من قطف ثمار الحركة للفيوضات والاشعاعات, أو ثواب وعقاب غير مسانخ للتجربة ينتظر حين معاد



Leave a Reply.