عبد العرب قبل الاسلام اصناما كثيرة, ومعنى عبد هنا بمعنى قصد, والا فان العرب لم تكن تتخذها آلهة الى جانب الله, بل تتخذها شفعاء تقربهم الى الله زلفى...
... جاء محمد وحارب هذه التعددية, واعتبر أن لا وسيط بين الله والانسان...
فالله أقرب للانسان من حبل الوريد, وأينما ولى هذا الانسان وجهه فليس ثمة الا وجه الله.
لكن مع تقدم الزمان ما الذي حصل؟
استبدل المسلمون التعددية الشفعائية بالتعددية الالهية عبر التعددية التوصيفية لله.
فلو سألت فرقا مختلفة من المسلمين, أو حتى أهل نفس كل مذهب باتجاهاته الفكرية المتعددة, لو سألتهم عن الله كي يصفوه, لوصفه كل واحد منهم بشكل مختلف عن الآخر..
فاله أهل الكلام ليس كاله أهل الحديث, واله كل فرقة من أهل الكلام ليس كاله الفرق الاخرى ولا كاله فرق أهل الحديث وكذا مذا الخ الخ
فاله الأشاعرة ليس كاله الحنابلة ولا كاله أهل الحديث, وطبعا ليس كاله المعتزلة ولا يشبه اله الشيعة أو اله الجبرية أو القدرية أو الخ الخ.
أما منشأ الخلاف, فهو المباني المعتمدة عند كل فئة..
فلا أحد من هؤلاء يعتبر أن الواقع هو المخبر عن هذا الاله, بل يعتبرون أن النصوص(القرآن, والسنة) اضافة الى الفهم الخاص لرجل الدين القارىء هي التي تخبرنا عن الاله.
وحدث ولا حرج, عن اختلاف المسلمين في فهمهم لآيات القرآن, اضافة الى امتلاك كل منهم نصوصا روائية خاصة به متميزة عما عند الاخر...
اذا كان الله هو واحد واقعا... وهو ما يجمعون عليه مبدئيا...
فكيف صار هذا الاله الواحد آلهة متعددة بدليل الأوصاف المتعددة بتعدد الواصفين!
فالقرآن يقول: "أرأيت من اتخذ الهه هواه"
والانسان الواعي الباقر يقول: "كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم"
فمنطقيا, لو سألنا اي انسان عاقل عن تعريف "أكس" فأجاب انه: a+b+c+d
وسألنا آخر عن تعريف هذا ال"أكس" فأجاب أنه: a+b+e+f
وسألنا آخر فأجاب: a+e+k+l
وهكذا دواليك...
لخرجنا بنتيجة منطقية أن "اكس" الاول ليس نفسه "اكس" الثاني ولا الثالث ولا الرابع!
لا بل لا يصح أن نسمي الاربعة ب"اكس" بل يلزم لكل منهم تعريفا خاصا يميزه عن غيره!
ولو لم نلتفت الى اسم من يتكلم عنه هؤلاء, ووجدنا كل واحد يتكلم عن صفات مختلفة, لخرجنا بنتيجة أن هؤلاء لا يتكلمون عن نفس الشيء.
ولكان لكل من الفرق الهه الخاص..
ففي التعريف للشيء يقال أن من شروطه أن يكون هذا التعريف جامعا مانعا.
جامعا لأن يجمع كل ما يجب أن يدخل به ومانعا لدخول أي شيء آخر في التعريف.
فما يدخل في الجامعية عند احدى الفرق لا يدخل عند الاخرى, وما يمنع دخوله عند احدى الفرق لا يمنع دخوله عند الاخرى.
اذا لا يتفقون على تعريف لله.

فكل يتحدث عن الهه الخاص!

الهه الذي صنعه باوهامه, وبالكيفية التي فهمها هو...

لا الاله كما هو في الواقع فعلا...

ولتتغمد الحياة الفيلسوف الاغريقي اكزينوفانوس - قدس سره برحمتها الواسعة حين قال ما مضمونه:
اله السلاف على شاكلتهم, واله التراقيين على شاكلتهم, واله الافريقيين اسود, واله الصينيين يشبههم, ولو قدر للبغال أن ترسم وأعطيناها ريشة لترسم الله لرسمته بغلا على شاكلتها!

وأحد احفاد علي هو ايضا من قال ما مضمونه: ان النمل الصغار تظن أن لله زبانيتان.

هو اذا الشرك الخفي...
يتفقون ظاهرا على أن الله واحد..
لكن جديا: هناك تعدد آلهة وهمية اعتبارية, ولا يؤمن اتباع اي اله بالآلهة الاخرى..

فمحمد هو من قال: الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل
وهو القائل ايضا: ان الشرك يدب في أمتي دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.

اذا كان هذا حال المسلمين فيما بينهم, فكيف الحال اذا حاولنا أن نسأل أهل كل الاديان عن آلهتهم, سنرى العجب العجاب



Leave a Reply.