في الحضارة الرومانية الوثنية : القرن 5 قبل الميلاد – القرن ال 4 بعد الميلاد

----------------------------------------------------------------------------
  ان الرومان هم شعب أتى من آسيا واستقر في الجزر الايطالية ابتداء من القرن ال 12 قبل الميلاد.
الا أن الكثيرين يربطون بين نشأة الحضارة الرومانية وانشاء مدينة روما في القرن 8  قبل الميلاد (753 قبل الميلاد) بحسب علماء الآثار.
عرفت روما في بادىء الأمر الحكم الجمهوري اثر الاطاحة بالحاكم تارلينيوس واستمر هذا الحكم الى عام 44 قبل الميلاد حين اعلنت الامبراطورية على انقاض الجمهورية التي أتعبتها الحروب الأهلية الداخلية.
بلغت الامبراطورية الرومانية اوج مجدها في القرن ال2 ميلادي مع "تراجان" الامبراطور ال13 الذي أعلن المسيحية ديانة محرمة والذي في عهده  ثار يهود شمال افريقيا اثر خلافهم مع السكان اليونانيين.
بدأ العد العكسي للامبراطورية الرومانية منذ عام 235 ميلادي بسبب الاضطرابات السياسية والاجتماعية الكبيرة
فقد شهدت الامبراطورية  هجمات القبائل الجرمانية العنيفة على الاطراف غربا ووصول الفرس الى انطاكية شرقا كما ظهر فقدان الولاء للعنصر الروماني في الجيش كون جزء كبير منه صار من المرتزقة وظهر الصراع الطبقي ودور المسيحية السلبي
وترافق هذا مع حالات الجفاف وانتشار الامراض والافلاس الزراعي ومزاحمة خط الراين-الدانوب لطريق المتوسط وخروج الذهب من الامبراطورية بسبب بدائية الصناعات الرومانية كونهم لم يولوها الاهتمام مما أدى الى ضعف كبير ضرب الاقتصاد.
أدت المشاكل المتفاقمة الى تقسيم الامبراطورية الى شرقية وغربية عام 286 ميلادي على يد ديوقلتيانوس ولكل منهما عاصمة خاصة بيزنطية وميديولانوم(ميلانو) على التوالي.
مع مجيء قسطنطين امبراطورا أخذت الامبراطورية الرومانية منحى جديدا, اذ ألغى عام 313 ميلادي العقوبات المفروضة على معتنقي الديانة المسيحية بموجب مرسوم ميلانو وتبنى الديانة المسيحية كما دعا الى عقد اول مجمع مسكوني في نيقيا عام 325 ميلادي ثم نقل عاصمة الامبراطورية بعيدا عن الغرب الوثني تاريخيا باتجاه الشرق المسيحي الهوى فكانت الى بيزنطية التي سميت بعده القسطنطينية" تيمنا باسمه.
انتهت الامبراطورية الرومانية الغربية مع وفاة يوليوس نيبوس عام 480 ميلادي الذي كان لا زال يحكم باسمها في دالماسيا.
واستمرت الامبراطورية في جزءها الشرقي الى حين سقوط العاصمة القسطنطينية وامبراطورها قسطنطين ال11 أمام العثمانيين عام 1453 ميلادي.
ان دراسة وضع المرأة والحجاب في الامبراطورية الرومانية ما قبل المسيحية هو مهم جدا كون الامبراطورية هذه قد تبنت الديانة المسيحية لاحقا وبالتالي فان الموروثات الرومانية قد تكون وجدت طريقا لها الى المسيحية أو الى الفهم المسيحي للنصوص الدينية.

 
وضع المرأة عند الرومان
------------------------
  يعتبر وضع المرأة الحرة في الامبراطورية الرومانية أفضل من غيره  عند باقي الأمم في تلك الحقبة وما سبقها .
فالمرأة الرومانية لم تكن معزولة عن الحياة العامة كما هو الحال عند غيرهم  ولها حقوق في عالمها وشؤونها الشخصية وان افتقدته في الاطار العام, فلم يسمح لها بالانتخاب , تمثيل الاخرين, تعاطي الشان العام, الكفالة, وفقدت بعض حقوقها في مجال الارث 
أما الاماء فلم يتمتعن بأي حقوق
  والزوجة كانت ستتبع الزوج كنتيجة ضرورية لاتباعها الهه أو تتبع اباها كنتيجة لاتباعها الهه ان اختارت البقاء تحت سلطة أبيها بعد الزواج, وهذا كان مسموحا
فقد كانت المرأة تتبع أباها قبل الزواج وأما بعد الزواج فكانت امام حالتين: اما انتقالها من سلطة ابيها الى سلطة زوجها أو البقاء تحت سلطة ابيها لكن مع طاعة زوجها وتنفيذ مطالبه.
والرجل كان لا يحق له تطليق زوجته الا في حالتي الخيانة أو العقم
كما شهدت الامبراطورية انتشار الرقيق بحيث تتبع المرأة سيدها دون اي حقوق.
  وفي الزواج كان يكفي موافقة رب الاسرة, وأما هي فالموضوع شكلي فقط بالنسبة اليها
  والخيانة الزوجية كانت جريمة بالنسبة للمرأة فقط, حيث يقوم أهلها بقتلها
وفي مديح تراجانوس(توفي 117 ميلادي): " يا لرصانة هيئتها, لا ريب أن زوجها هو من أدبها وهو صاحب الفضل في ظهورها بهذا المظهر, ان المرأة ليكفيها مجد الطاعة"
فطاعة الزوجة لزوجها مجد لها, ومن مظاهر هذه الطاعة البساطة في التزين 


الحجاب عند المرأة الرومانية
----------------------------
  عرفت المرأة الرومانية الحجاب الذي عرفته باقي الشعوب لكن بدرجة اقل.
كانت النساء تلبس رداء للجسم اسمه الباليوم أو البالا يضعنه فوق ثيابهن المنزلية ويلبسن ايضا للراس خمارا اسمه الريكينيوم أو الريكولا بعد أن كان يسمى قبلا بالفلاميوم 
  كما عرفن الميترا وهي على شكل عمامة تلف على الرأس.
وعرفن أيضا الانابول وهو خمار يلف حول العنق.
وعرفن الستولا الخاص بالمرأة الرومانية المتزوجة وهو ثوب ذو اكمام والذي كان يعلق على الكتفين ويتهدل باتجاه الارض
وكان يمكن تثبيته تحت الصدر واحيانا عند الخصر وكن يغطين بجزءه العلوي شعورهن
أن الآثار المكتشفة والتي تعود الى عهود الامبراطورية الرومانية تبين أن الحجاب لم يكن منتشرا بتلك القوة التي انتشر بها عند شعوب بلاد ما بين النهرين وحتى عند اليونانيين ولعل السبب يعود الى غياب قوانين الزامية بشأنه.
اذا هو كان منتشرا بعنوان العرف والعادات التي كانت تختلف مكانا وزمانا ودرجة.
فاذا كان اليونانيون المنظرون اعتبروا في غطاء الراس دلالة على التواضع والحشمة الا أن هذا كان غائبا عن فكر الرومان منهم.
فهذه مدينة طرطوس(جنوب تركيا حاليا) توصف بأنها المدينة الأكثر تشددا في هذا المجال فقد كانت قبلا تحت السيطرة اليونانية المتبنية لحجاب المرأة وقبلها كانت لفترة تحت السيطرة الآشورية الأمة الأكثر تشددا في هذا المجال.
خرجت هذه المستعمرة اليونانية من حكم اليونان ودخلت تحت سيطرة الرومان عام 64 ميلادي.
يقول ديونيسيوس كريزوستوموس ممثل الفلسفة الرواقية: ان نساء طرسوس كن يلتحفن بثوب لا يبدو فيه شيء من أجسادهن وكن يسدلن الغطاء على وجوههن حتى يكدن لا يميزن أكثر من موطىء اقدامهن.
وفي ناووس فيبيا ظهرت صور النساء المتوفيات المنحوتة على النصب في المدافن محجبات في الغالب.
الا انه وفي أماكن أخرى من آسيا الصغرى كان الوضع مختلفا, فمن اصل 69 منحوتة لنساء في مناطق أخرى مختلفة كان هناك فقط 22 امرأة مغطيات الشعر.
وبعيدا عن مدن التشدد كطرسوس فقد كان للحجاب صبغتان : دينية واجتماعية
  في بعض المعابد ظهرت بعض آلهة الرومان من الاناث( هيرا, ديميترا, هستيا) وهن يرتدين الحجاب.
وطقوس غطاء الرأس كان موجودا عند العذارى في المعبد.
كانت نساء المعبد وزوجات كهنة الاله جوبيتر في روما يرتدين الفلاميوم وهو خمار بلون النار في حياتهن اليومية وكن يتدثرن به في المعبد بعد وضع اكليل من براعم الشجار المثمرة فوقه.
وكان كبير كهنة المعبد يغطي الفيستاليات اللواتي لم يحافظن على نذر العذرية بخمار قبل دفنهن وهن على قيد الحياة.
والفيستاليات هن فتيات من بنات الأشراف يجسدن الالهة فيستا وكن يسكن معا وينذرن الحفاظ على عفافهن وطهرهن ل 30 سنة, هي مدة التكريس.
كما غطى الرومان رؤوسهم عند تقديم الاضاحي فكانت النساء يرتدين خمارا (ريكينيوم) ارجوانيا.
كان الزفاف يفرض على العروس الرومانية غطاء لرأسها (تكريس الراس).
فكانت تضع على راسها الفلاميوم الاحمر اللون من دون اسداله على وجهها وكان يرمز الى شعلة الالهة فيستا.
وهذا الغطاء يعلن عن انتقال الفتاة الى وضع جديد هو وضع الزوجة.
فغطاء الراس التكريسي قد خضعت له العذارى والزوجات.
كما كان للحجاب عند المرأة رمزية خاصة في مسألة احترام الميت فكن يتحجبن أثناء الدفن وفي مراسم العزاء...
--------------------------------------------------------------------------
نستنتج
1- الحجاب كان له دلالة دينية(العذرية) لكن خاصة بالمعابد ومن يعملون بها
2- الحجاب كان له دلالة بخصوص الانتقال من العزوبية الى الزواج
3- كان للحجاب مكان في بعض الحالات الخاصة كالدفن أو العزاء
4- لم يكن للحجاب دلالات عفة او حشمة او تواضع كما كان له عند غيرهم باستثناء المناطق التي اختلطوا فيها مع اليونانيات




Leave a Reply.