هذا ليس بحثا مفصلا, بل مجرد مقال مختصر بسيط يشرح الظروف التي نشا بها التسنن والتشيع المشيخي...
ان التسنن والتشيع  الموجود الان هو ذلك المبني على الروايات المنقولة عن محمد سنيا والمنقولة عن الائمة من نسل محمد شيعيا
  فالشيعة والسنة وان كانا ينسبان وجودهما الى زمان محمد, لكننا هنا في صدد ذكر الظروف التي وضع فيها السنة والشيعة اصول مذهبيهما واعتمادا على الحديث المنقول من جيل الى جيل.
هي اذا قصة الشيعة والسنة, وتنازعهما على اصالة الاسلام, والاثنان لم يظهرا كمذاهب الا في وقت متأخر..
السنة بدؤوا بصياغة وقولبة مذهبهم ووضع قواعده ابتداءا من عصر بني العباس في أواخر القرن الثالث الهجري, بعد أكثر من 250 سنة على وفاة محمد نبي الاسلام
ثم لحقهم الشيعة بعد حوالي قرن فوضعوا اصول مذهبهم وكان ذلك  بعد سيطرة البويهيين الشيعة على الدولة العباسية والتي تزامنت مع بداية فترة ما يسمى بالغيبة الكبرى 
اذا كان تدوين الحديث النبوي الرسمي قد بدا خجولا في زمن عمر بن عبد العزيز الذي حكم من عام 99 هجري الى 101 هجري فقط, فان المجامع الحديثية  السنية بدات بالظهور في وقت متأخر زمن الحكم العباسي...
ولعله من أكبر الظلم هي التهمة التي يوجهها الشيعة للسنة من انهم اسلام بني أمية, فانهم فعلا ليسوا الا اسلام خصوم بني أمية والكاذبين عليهم والداسين ضدهم للروايات والقصص, عنيت بهم بني العباس.
والأنكى أن السنة يتهمون الشيعة بالفرسنة(من فرس) لوجود رجالات دين فرس مؤسسين في مذهبهم متجاهلين أن أهم أعمدة المذهب السني كانوا من الفرس!!
فالبخاري, الترمذي, النسائي, ابن ماجة, ابي داود, أبو حنيفة , ابو اسحق الشيرازي, عبد الرحمن الكرماني, الايجي, أبو حاتم الرازي, البيهقي والحاكم النيسابوري وغيرهم كثيرون من أئمة السنة ليسوا الا فرسا..
اذا مع زوال حكم مروان بن محمد آخر حكام بني أمية بدأ حكم الدولة العباسية عام 132 هجري مع أبي العباس السفاح اثر انقلاب شهير نفذه العباسيون على حلفاءهم ومنهم العلويين...
والدولة العباسية قد تبنت في كل فترات حكمها المذهب السني اللهم الا فترة المأمون, المعتصم والواثق من عام 198 هجري حتى 232 هجري حيث تبنى هؤلاء مذهب المعتزلة قبل ان يعيد المتوكل (يلقب بمحيي السنة) مذهب التسنن الى الواجهة..
اذا هو التراث الاسلامي السني قد بدا بالظهور مع قيام دولة بني العباس
ولئن ذكر في التاريخ أن رواد السيرة النبوية الأوائل هم أموييي المعاصرة عنيت بهم عروة بن الزبير(توفي94), عامر الشعبي(توفي104), ابان بن عثمان بن عفان(توفي105) وابن شهاب الزهري(توفي124) الا أن اول كتاب سيرة نبوية جامع وصلنا هو كتاب السيرة النبوية لابن هشام(توفي 218) والملطوش عن سيرة ابن اسحاق(توفي150 ) بعد تنظيفه من الروايات التي تتنافى مع الأخلاق النبوية والتي ستشوه صورة النبي والاسلام ان نقلها كما هي ... قال ابن هشام!!
وابن هشام هذا وضع هذه السيرة بحضانة الحاكم العباسي أبو جعفر المنصور.
ثم ظهرت كتب التاريخ, السيرة والمغازي الاخرى ومنها المغازي للواقدي (توفي 207), والطبقات لابن سعد(توفي 230) والتاريخ لابن خياط العصفري(توفي 240) وتاريخ الزبير بن بكار(توفي 257) والامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري(توفي 276) وفتوح البلدان للبلاذري( توفي279 ) وكتاب الغارات للثقفي(توفي 283) 
وبعد أن كانت قد ظهرت في العصر العباسي الأول كتب عبد الرزاق(126-211) وكتب ابن أبي شيبة(159-235) وغيرهم في الحديث ظهرت بعد قرن ونيف من الحكم العباسي وبعد نهاية التبني الرسمي للاعتزال عام232  كتب الحديث الأكثر أهمية وتبنيا ومنها: 
مسند أحمد بن حنبل المتوفي عام 241 هجري
  صحيح البخاري لمحمد بن اسماعيل المتوفي عام 256 هجري..
  صحيح مسلم لمسلم بن الحجاج المتوفي عام 261 هجري
وظهرت كتب السنن كسنن ابن ماجة( توفي 273 ) وسنن الترمذي(توفي 279) و سنن النسائي(توفي303),  وأبي داود السجستاني(توفي316) ووظهرت كتب المسانيد والمعاجم الحديثية الأخرى..
وأول كتاب تفسير جامع هو جامع البيان في تفسير القرآن للطبري المتوفي عام 310 هجري قد ظهر في عهد الحاكم العباسي المقتدر بالله..
وظهر ايضا علماء الرجال كابن معين(توفي233) والجوزجاني(توفي 259) والعجلي(توفي 261) والبرديجي(توفي 301) والعقيلي(توفي322) وابن أبي حاتم الرازي(توفي327) وابن حبان البستي(توفي354) وابن عدي الجرجاني(توفي365) وغيرهم
ولكن ما هذا النزوع المخيف عن التدوين في الفترة السابقة؟
أم انه كان هناك تدوين لكن تم ابادة معظمه مع قدوم العباسيين للحكم!
أم أن العباسيين المنتصرين قد صنعوا تاريخا جديدا للمسلمين بمجيئهم!!
فتخلصوا من كل ما دون قبلهم مما هو ذو قيمة ولا يناسب الواقع الذي هم فيه!!
فالتاريخ كما نعرف يكتبه المنتصرون عادة...
ولعل ما فعله المحتلون الاسبان في قارة أميريكا كاف لاثبات هذا, وهم من أخفى كل تاريخ المايا واستبدله بتأريخ جديد!!
واي تدوين بدأ زمن بني العباس؟
تدوين رسمي تحت رقابة السيف العباسي المسلط على الرقاب؟
وفي ظل دولة عباسية ترامت أطرافها وبات ثوب التراث الموجود ضيقا عليها!!
ان لم يكن الأمر كما ذكرنا فلنقل ... لماذا فجأة بدا التدوين, وبدأت الفرق الاسلامية بالظهور...
هي طفرة في عالم الفرق, اضعاف ما كان خلال حكم بني أمية!!
كل فرقة تنسب للنبي ما يبرراتجاهها هي؟!!
حتى صار عند المسلمين أنبياء بعدد الفرق..
وهنا بدا أن محمدا نبي الاسلام ليس محمدا واحدا
تراكمت المؤلفات وانتشرت وملأت الخافقين في ظل الاختلافات الفكرية لمؤلفيها الامر الذي انعكس بركانا متفجرا من التناقضات بين عقائد وسيرة نبي مختلف المسلمين..
نطق اله الفرق ونطق نبيهم أخيرا, وبدأت دائرة الفتاوى في التوسع...
وفي فترة زمنية بسيطة كان هنالك بين المسلمين ملايين الاحاديث!!
حتى أن البخاري لم يخرج في صحيحه أكثر من 7593 والتي ليست الا  2761 حديثا بعد حذف المكرر.
والأغرب أنه – أي البخاري – قد أخرج هذه الأحاديث من اصل 600 الف حديث كان لديه!!
أما مسلم صاحب الصحيح الاخر, فجمع حوالي 12 ألف حديث لا يبقى منها بعد حذف المكرر أكثر من 4 آلاف وقد انتقاها من اصل 300 الف حديث..
والأغرب من كل هذا أنه لو عرضنا هذه الأحاديث على الواقع والعقل لتبخر الكثير الكثير ايضا!!
ولئن كان الجميع يكتب يومها وينظر عقائديا, الا أن الانتشار الاوسع كان لتراث عباسي الصنع, يراعي شروطهم الخاصة في التدوين, ويلقى الرواج والتبشير..
ولا يعقل ان يكتب المؤرخون في زمن بني العباس ما لا يناسب بني العباس, أو أن يكتبوا ما يبيض صورة خصومهم كبني أمية أو العلويين
كذلك فائمة الفقه عند السنة اليوم هم: أبو حنيفة النعمان(80-150),مالك بن انس (93-179) الشافعي(150-204), وأحمد بن حنبل(164-241), وجميعهم عاشوا في فترة حكم بني العباس 
أما الشيعة فحالهم متأخر عن السنة...
فمجاميع كتبهم الحديثية قد ظهرت في وقت متأخر... ومعظمها في زمن الحكم البويهي
واصحاب المجاميع الحديثية قد نقلوا بطرقهم الخاصة عمن قبلهم..نقلوا عن كتيبات صغيرة جمعوها في خزانة مجامع حديثية..
ومعظم هذه الكتيبات تصنف تحت عنوان "الاصول الأربعمائة" التي دونت زمان حياة الائمة ومن قبل رواة متنوعي الأهواء شيعيا(زيدية,واقفية,فطحية,اسماعيلية,كيسانية,ناووسية,الخ الخ) وكثير من اصحاب هذه الكتب كانوا من خيرة اصحاب الائمة قبل أن ينحرفوا عن سكة الاثناعشرية كما قال الاثناعشرية لاحقا
ولكن اين النسخ التي نقلوا عنها!؟
معظمها صار في خبر كان, الا ما رحم ربي...
انما أذكر ذلك لاقول أنه لم يكن للشيعة من عقيدة واضحة مشهورة قبل سيطرة البويهيين على بغداد عام 334 هجري,وانما كانوا متنوعي العقيدة
فعلي سبيل المثال لا الحصر وحال فرق الشيعة اكبر من أن يحصر بسهولة:
الشيعة الكيسانية هم من قالوا بامامة محمد بن الحنفية بعد استشهاد الحسين ورفضوا امامة زين العابدين
الشيعة الزيدية هم من قالوا بامامة زيد بن زين العابدين ورفضوا امامة الباقر 
الشيعة الناووسية هم من توقفوا عند الامام الصادق وقالوا هو المهدي المنتظر وأنه لم يمت
الشيعة الفطحية هم من قالوا بامامة عبد الله الأفطح ابن الامام الصادق ورفضوا امامة الكاظم
الشيعة الاسماعيلية هم من قالوا بامامة اسماعيل ابن الامام الصادق ورفضوا امامة الكاظم
الشيعة الواقفة هم الذين توقفوا عند الامام الكاظم ورفضوا امامة الرضا مدعين أن الكاظم هو المهدي المنتظر وأنه لم يمت
ومعظم هذه الفرق كان لاصحابها ورجالاتها كتبا من بين الأصول الأربعمائة التي اعتمد عليها محدثو الشيعة لاحقا في التدوين لموسوعاتهم الحديثية
فها هو شيخ الطائفة الطوسي(توفي 460) يقول وهو صاحب كتابين في علم الرجال: فإذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول، فلا بد من أن أُشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح، وهل يعول على روايته أو لا؟ وأبين عن اعتقاده، وهل هو موافق للحق أو هو مخالف له؟ لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كتبهم معتمدة
طبعا الشيخ الطوسي يقصد بمذاهب الشيعة الفاسدة الشيعة مذاهب من ليسوا من أتباع النظرية الاثناعشرية والتي انتشرت على حساب غيرها من المذاهب الشيعية الاخرى بعد السيطرة البويهية على البلاد 
ففي فترة الحكم البويهي الشيعي وسيطرته على الخلافة العباسية - دامت من عام 321 هجري الى عام 447 هجري-  بدأت الكتب والمجاميع الشيعة بالظهور.. وبدأت فلترة الكتب المدونة والتي قد طالتها دسائس المغالين والمبغضين, ورغم الفلترة ظهر من الغلو ما ملأ الخافقين!
وبدأت العقيدة الشيعية تتضح ملامحها وتميل الى كفة أهل الكلام من أهلهم على حساب أهل الحديث...
كما بدأ التنظير لعقيدة المهدي بالظهور بعد فترة حيرة من الانتظار مل منها الشيعة فانحرف الكثيرون, واي كثيرون, كثيرون من نخبة الشيعة وليس من عامة الناس...
اذا ظهرت كتب الشيعة الأساسية في هذا العصر...
فظهرت كتب التفسير للقرآن من خلال الروايات 
فظهر تفسير القرآن للعياشي المتوفي عام 320 ميلادي
وكذلك تفسير القمي لعلي بن ابراهيم المتوفي عام 329 هجري, وفي نسخته الموجودة اليوم هو خليط مع تفسير أبي الجارود الزيدي
وظهر تفسير فرات لمؤلفة فرات بن ابراهيم الكوفي المتوفي عام 352 هجري
وغيرها من كتب التفاسير..
وفي الحديث كتب محمد بن الحسن الصفار كتابه المسمى "بصائر الدرجات" قبل نهاية القرن الثالث الهجري...
وجمع الشريف الرضي(359-406) في "نهج البلاغة"  الأحاديث المنقولة عن علي من بطون الكتب المختلفة 
وظهرت كتب والد الصدوق علي بن بابويه القمي المتوفي عام 329 هجري..
كما ظهرت أعمدة كتب الشيعة حديثيا وهي ما يعرف بالكتب الاربعة: الكافي للكليني( توفي 329), الاستبصار و التهذيب لمحمد بن الحسن الطوسي(توفي 460) ومن لا يحضره الفقيه للصدوق( توفي 381)
كما قام هؤلاء الرجال بتاليف الكتب لاثبات ولادة المهدي بعد ان احتار الشيعة وضاع من ضاع في تيه الانتظار..
اذ انقسم الشيعة  بعد وفاة الامام الحسن العسكري ثلاث عشرة فرقة, منهم واحدة آمنت بولادة المهدي وبقاءه حيا, والباقون كان لهم رأي آخر!!
فالمهدي قيل أنه بدا غيبة كبرى عام 329 هجري بعد وفاة سفيره الرابع علي بن محمد السمري, الا انه حقيقة قد غاب منذ بداية غيبته الصغرى لانه لم يظهر للعيان منذ يومها والاتصال كان يتم به عبر سفرائه, اذا هي غيبته بدات عام 260 هجري وعن عمر 5 سنوات!!
وفي خصوص هذه الغيبة كتب علي بن بابويه(توفي 329) كتابه "الامامة والتبصرة من الحيرة"
وكتب الشيخ الصدوق(توفي 381) كتابه " كمال الدين وتمام النعمة"

وكتب ابن أبي زينب النعماني(توفي 360) كتابه "الغيبة"

وكتب الشيخ الطوسي(توفي 460) كتابه "الغيبة"

اذا في هذا العصر ظهرت مجامع الحديث الشيعية, وظهر الفقهاء المؤسسون, وعلماء الكلام ومنهم الشيخ المفيد والشريف المرتضى..

ان احتضان البويهيون للشيعة الاثناعشرية القائلين بولادة مهدي وغيابه على حساب الباقين كان هذا كافيا لاضعاف شوكة الفرق الشيعية الأخرى..

ومنزلة الشيخ المفيد(336-413) عند عضد الدولة البويهي تملأ الكتب, ومنزلته عنده عالية جدا الى درجة أنه كان يزوره شخصيا

أما مذهب البويهيين فمثار جدل, وانا أميل الى كانوا زيديين أولا لانهم أتوا من بلاد الديلم, ولم يكونوا شيعة اثناعشرية و يكفي لذلك حكمهم للبلاد في وجود امام اثناعشري معصوم غائب وهذا ما لا ترتضيه  العقيدة الاثناعشرية وقتها في الوقت الذي ترتضيه عقيدة الزيدية التي تقول بامامة من يخرج من نسل علي بالسيف

فبلاد الديلم انتشر فيهم مذهب الزيدية منذ هرب أحد أحفاد الامام الحسن اليها المعروف بالأثلثي والمدعو يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الامام الحسن اثر الهزيمة أمام العباسيين عام 169 هجري تقريبا في خلافة الهادي ابن المهدي بن أبي جعفر المنصور..

وقويت شوكتهم هناك بعدما سيطر الحسن بن علي المعروف بالأطروش على طبرستان عام 301 هجري

لكن بعد دخولهم بغداد قد يكون الامر قد تغير, فهم ولو كانوا في علاقة حسنة مع معظم المذاهب الموجودة بما فيهم القرامطة والحنابلة المتعصبين اضافة الى المعتزلة, الاشاعرة, المرجئة, المحكمة, الزيدية, الواقفة وغيرهم الا أن احتضانهم لرجالات الاثناعشرية  وتكريمهم لهم كان مميزا عن غيرهم

فقد عمد البويهيون الى اجراء الرواتب لتلاميذ الشيخ المفيد كما قاموا بتخصيص جامع براثا في الكرخ لصلاته وخطبه

ولطالما عمد عضد الدولة البويهي لزيارة الشيخ المفيد واهدائه ما يناسب مقامه 

والبويهيون في وجودهم في بغداد أبقوا على الخليفة العباسي لكن قاموا بسلب نفوذه, وبالتالي كان هذا لعله حل لشرعنة سلطتهم في وجود امام معصوم غائب فيما لو كانوا قد تبنوا المذهب الشيعي الاثناعشري

ولا يدعم امكانية انتقال هؤلاء الى الاثناعشرية اختراعهم للمراسيم الشيعية الخاصة بعاشوراء كون عاشوراء مناسبة تخص كافة فرق الشيعة, لكن تنامي قوة الشيعة الاثناعشرية قد يكون هو أهم الأمور الدالة على امكانية تشيعهم الاثناعشري

هذا هو اذا واقع التسنن والتشيع الحديثي, هو واقع التسنن والتشيع المشيخي لا السياسي بحيث ان أصول المذهبين لم تعرف النور الا في وقت متأخر عن زمن النبي والصحابة والتابعين ولو رجعنا الى زمن محمد والصحابة وعلي وسألناهم عما عند هذين المذهبين الكبيرين لقالوا معا: أنحن وضعنا كل هذا!!؟؟؟

1/28/2024 01:08:12 am

Merci pour votre service

Reply



Leave a Reply.