من مقومات عالم التدين أنه يطلب منك طلب الدين نفسه
ومن مقوماته أيضا أن الأفضل لك هو ما يقرره لك غيرك
وبالتالي فان عليك أن تسمع كلمة فلان وفلان وفلانون(عذرا على التذكير)
لا بل تكرره نفسه
عليك أن تكون ببغائيا
وهكذا تكون جميلا دينيا ايضا, فالببغاء جميل!
ان الببغاء جميل كببغاء ولكن ما اقبح الانسان عندما يمسخ ببغاءا
ولست مضطرا ولا بموقع أن تعمل العقل في هكذا أمور
أولا لعجزك أيها العامي البائس
وثانيا: لعدم امكانية الوصول للفهم اصلا
وثالثا لأن الأفضل لك هو التسليم والارتماء في أحضان الفلانين(عذرا مجددا على التذكير)
فتكون عندها من الذين يسلمون تسليما
اذا عليك أيضا أن تكون غنميا
وهيدا دليل يقين وايمان قوي وذوبان في الخط
وكأن الذوبان مطلوب وكأن الذوبان في الخط مطلوب!
ذوبان الغنمة في القطيع!
فتستمتع كما الغنم تستمتع في غنميتها وتمتلىء وترتوي بذلك
ولكن ما يملأ الغنم ويرويه يمسخ غيره, ومنه الانسان
وفي التدين لا يقال لك : اطلب الحقيقة
فالنصوص هي الحقيقة
والتدين هو الطريق
ويا ريت هيك وبس
الا كلام الفلانين(جمع فلان) وفهمهم الخاص هو الحقيقة
وطبعا كل واحد من الفلانين رأيو في نفس المسألة مش متل التاني
بس كلو حقيقة
يعني أنتي طويل وقصير ووسط في نفس الوقت وكلو حقيقة
وانتي أسمر وأشقر وأبيض في نفس الوقت وكلو حقيقة
يا حسرة!
كلو حقيقة ومبرىء للذمة
مش بس بالفقه الخلاف وهيدا أهونهم, بل في كل شيء آخر...
وأنت أيها العامي لا دخل لك بكل هذه الاختلافات
أنت امش كما يقول لك من تقلده وبتخلص
أما آية: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ..
فعليها العوض ومنها العوض
ويمارس طلاب التدين الديماغوجية مع الناس
يوقظون مكنونات مشاعرهم
فالمطلوب محاصرة التعقل باعماء الناس واغراقهم في آتون النصوص الماضية
وما أكثرها فيها البالية
كبلاوة مروجيها
يروجون لكل نطيحة ومتردية
وهل من معترض!؟
أأنت على الحق وكل هؤلاء على باطل!؟
أتسبح ضد التيار الرجالي!؟
وكأننا في أسواق مالية نريد السير مع حركة السوق!! سوق المزاج الرجالي
The trend is your friend
Yes, Factity trend is my friend, and not Men one.
أمن العقلانية أن تفعل هذا!؟
وكأنهم ما قرؤوا قرآنا وما قرؤوا عن أهل الوعي حديثا!
طبعا: فهم يقرؤون ما يناسبهم ويفهمون كيفما يناسبهم
أليس القرآن هو من قال: وقليل من عبادي الشكور
وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله
ولكن أكثر الناس لا يشكرون
ولكن أكثر الناس لا يؤمنون
الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم
قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبتك كثرة الخبيث
ألا تقض مضاجعكم ايها المتدينين الورعين الآيتان التاليتان:
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين
وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون
أليس أهل الوعي هم من قالوا:لا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه
لو كان في يدك لؤلؤة وقال كل الناس أنها جوزة ما ضروك وأنت تعلم أنها لؤلؤة, ولو كان في يدك جوزة وقال كل الناس أنها لؤلؤة ما نفعوك وأنت تعلم أنها جوزة
أليس أهل الوعي هم من قالوا:لا تنظروا الى "من" قال بل انظروا الى "ما" قيل
الحق لا يعرف بالرجال, اعرف الحق تعرف أهله
أليس أهل الوعي هم من سبحوا عكس التيار
بل الأحق أليس أهل الوعي هم من سبح أهل التيار الوهمي عكسهم
وهم من سيبحون مع التيار الحقيقي
تيار الواقع والحقيقة
فهل يتغير تيار الواقع ولو عميت عنه أعين الكل
فهل يتغير شيء في ذاته ان لم يره أحد أو فهمه أحد خطأ أو عرفه الناس وهجروه؟
فهل سبح علي ضد التيار عندما اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة؟
ألم يبق مع علي الا أربعة, أو ثمانية, أو أربعون في أكثر الروايات بينما سار خلافهم الكل؟
هذا خطاب للعقلاء لا للدوغمائيين الذين سيقولون لك: هذا علي معصوم!!
اسقاطات من خارج عالم الزمكان الخاص بعلي لا تسمن ولا تغني من جوع.
وكأن هؤلاء المعاصرين لعلي الذين سبحوا خلافه من أراذل القوم يومها!
تبا للتدين كم يعمي القلوب..
ألم يسبح الحسين خلاف التيار!؟
أليست بيعة يزيد قد تمت وما اعترضها الا قليل؟
ألم يسبح أهل الوعي من باقي الأئمة خلاف التيار!؟
خلاف تيار بني أمية وبني العباس!
فمنذ متى نهج أهل الوعي من الأئمة نهج اتباع المشهور, أو السباحة مع التيار!؟

هذا الموضوع لهواة النوع جدا

والا فالتجربة الانسانية الماضية والحاضرة مليئة بالكثير من الشواهد

شواهد حقيقة ملموسة الآثار بعيدا عن الببغائية والغنمية الفكرية

 
حدثني  أحدهم  قال: جمعناهم(رجال الدين) وسألناهم: هل الطقس ممطر؟
فبدل أن يفتحوا البرداية ليعاينوا الواقع ليجيبونا فزع كل منهم الى كتبه ونصوصه!
انهم عبدة النصوص والاسانيد ورجالها
يصححون ما صح من نصوص عندهم ولو خالف الواقع
يتبنون قول الفقهاء ولو خالف الواقع
حتى ولو كان هؤلاء الفقهاء يفتون في تخصيب اليورانيوم, أو في علوم الفلك, الفيزياء, الكيمياء, البيولوجي, او غير ذلك
فكل القضايا تصير فقهية عندهم خاضعة لمعاييرهم الخاصة بمجرد أن يقتحم اسوارها الفقيه
أليس الفقيه هو وكيل الله على الأرض!؟؟
فهو ملم بما لا يعرفه اي عالم آخر في اي مجال
فمن يقدر على من عالمه التحديث: حدثني قال أنبأني قال أخبرني!؟؟
يرون الآثار بأعينهم, يتحسسوها, تنعكس لديهم, فيكذبون
فقط لأن هناك نصا يقول غير ذلك..
فقط لأن هناك فقيها يقول غير ذلك...
من فرط عبادتهم للرجال والنصوص باتوا يرفضون الواقع, ويمارسون اسقاطاتهم البالية عليه عندهم
انها السلفية المنهجية القادمة من العصر الطباشيري, مقارنة بعصرنا
انها ذهنية عصور ما قبل التاريخ حيث الماموث والديناصورات, مقارنة بعصرنا
وليس اللوم للماضي ورجاله ابدا بل لمن جر تراثهم الينا اليوم وبات يجتره, حيث نجد من يتسمون بالعلماء وهم ليسوا الا مجرد رجال دين لا تليق بهم اكثر من هذه الجملة, نجدهم الى جانب من يعرضون انفسهم على أنهم انتيليجنسيين دينيين نجدهم يدافعون ويبررون...لا بل ويتبنون...لا بل ويكذبون الواقع وآثاره ويكذبون التجربة والحس
انهم خصوم الحقيقانية, عشاق الأفكاراتية المتطرفة
منسلخون من واقع اليوم ويفوتهم انه عصر التخصص
في الماضي كان الخص الواحد فيلسوفا, فقيها, محدثا, طبيبا, فيزيائيا, رياضياتيا, الخ الخ
وكذا في عالمهم المحبب, كان الشخص الواحد مؤخا, محدثا, مفسرا, رجاليا, الخ الخ
لكن مع الزمن انفصلت العلوم ونشأت التخصصات
فصار دوماين حركة الفقيه هو الفقه, ودوماين الرجالي علم الرجال, ودوماين المحدث علم الحديث, ودوماين حركة الرياضياتي هو الرياضيات ودوماين الفلكي الفلك وهكذا
ومنهم من جمع ولا مانع في ذلك, لكن مع احترام معايير ومباني كل علم
وحيث أن في كل دوماين مباني ومعايير, فلا يحق اسقاط مباني ومعايير علم على آخر
ولذلك ان كنا في علم ما وأردنا من خلال هذا العلم أن نقرأ مسألة مستوردة من علم آخر, فعلينا أن نأخذها كما يعطينا اياها المتخصص الآخر في العلم الآخر مع بياناته وأدلته وبراهينة, ثم ندلي دلونا بناء لما عندنا على ما أعطانا اياه
فالفقيه يجب أن يستلم القضية الكيميائية أو الاجتماعية أو النفسية أو الطبية مثلا ثم يفتي اعتمادا على ما استلمه من أهل الاختصاص, وهذا هو المطلوب 
لا أن يغير في نتائج ما أتى به العلم الآخر دون أدلة مسانخة لذلك العلم الآخر... ثم يفتي!!
انهم يسقطون معايير ومباني الفقه على العلوم الآخر كما في قضية مدة الحمل للمرأة هذه
فهذه أي قضية حمل المرأة هي قضية طبية خاصة, وهي تجريبية, ومن المفترض أن يكون الحكم الفقهي بناء على ما يستلمونه من أهل الاختصاص الطبيين التجريبيين 
لا أن يحكموا على القضية هذه بمباني ومعايير علمي الحديث والرجال, فيقولون هذه القضية خطأ لأن الرواية تقول كذا ولأن اسناد الرواية صحيح ولأن الفقيه الفلاني في الماضي قال غير ذلك
فيكون الفقيه حاكما على صحة الموضوع الطبي هذا لا بناء لما يقدمه علم الطب مبنيا على أدلته المسانخة بل بناء على حدثني قال أنبأني قال أخبرني... هزلت
فلا نستغرب ان طلع مع الفقهاء أن مدة حمل المرأة: من 9 اشهر الى الانفينيتي
صدق او لا تصدق!!
فقط لأن هناك فقهاء قالوا ذلك, وفي ذلك روايات ايضا, وأسانيد صحيحة
قال الشيخ ناصر بن مشري الغامدي(حي يرزق): "هذه مسألة مهمة، يكثر فيها الخلاف والكلام، وبعض من قلَّ نصيبه من العلم الشرعي يتهم الفقهاء فيها بالمبالغة والكذب، ويشنع عليهم فيها، ويَجمُد على ما يقوله الأطباء في هذا المجال، والأمر أبعد من ذلك؛ لأن هذه المسألة مسألة متعلقة بمشيئة الله تعالى وقدره وعلمه، والفقهاء رحمهم الله لم يتكلموا فيها إلا بناء على ما شاهدوه وعلموه من أحوال بعض النساء، وسمعوا به عن الثقات.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ(توفي 1969 ميلادي): "موجود مواليد تجاوزوا أربع سنين عُلِمَ وتُحُقِّق نسبتهم إلى من نُسبوا إليه، وذلك بتحقُّق الحمل ثم يتأخر، ووجد مولود أخذ أربعة عشر سنة، حُمِلَ به ثم مرض، وجد تامَّة أسنانه"
قال ابن القيم(توفي 751 ه): "خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام من تراب، وخلق حواء من آدم من غير أن يكون له زوجة تحمل، وخلق المسيح عليه السلام من أنثى لا زوج لها، فمن ذا الذي يتألَّى بعد ذلك على الله تعالى، ألَّا يمكث حمل في بطن امرأة أكثر من تسعة أشهر؟! أيعجزه سبحانه وتعالى أن يجعل الحمل يمكث في بطن أمه مدَّة أطول من المعتاد؟! كلَّا والله"
المغني لابن قدامة الحنبلي(توفي 620 ه) الجزء التاسع:مسألة: قال ولو طلقها أو مات عنها فلم تنكح حتى أتت بولد بعد طلاقه أو موته بأربع سنين لحقه الولد وانقضت عدتها به ظاهر المذهب أن أقصى مدة الحمل أربع سنين ، به قال الشافعي وهو المشهور عن مالك .
وروي عن احمد أن أقصى مدته سنتان وروي ذلك عن عائشة وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة
وقال الليث أقصاه ثلاث سنين حملت مولاة لعمر بن عبد الله ثلاث سنين .
وقال عباد بن العوام خمس سنين .
وعن الزهري قال قد تحمل المرأة ست سنين وسبع سنين .
وقال أبو عبيد ليس لأقصاه وقت يوقف عليه .
سير أعلام النبلاء للذهبي(توفي 748 ه) الجزء السادس:ترجمة محمد بن عجلان: روى عباس بن نصر البغدادي عن صفوان بن عيسى قال مكث بن عجلان في بطن أمه ثلاث سنين فشق بطنها فأخرج منه وقد نبتت أسنانه .
رواها عبد العزيز بن أحمد الغافقي عن عباس .
قال سعيد بن داود الزنبري: أخبرني محمد بن محمد بن عجلان قال: أنا ولدت في أربع سنين في حياة أبي .
وقال الواقدي : سمعت عبدالله بن محمد بن عجلان يقول : حمل بأبي أكثر من ثلاث سنين .
قال الواقدي : وسمعت مالكا يقول ، قد يكون الحمل سنتين وأكثر . أعرف من حمل به كذلك ، يعني نفسه . 
سنن البيهقي(توفي 458 ه) باسناده عن أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر بن خالد حدثنا داود بن رشيد قال : سمعت الوليد بن مسلم يقول : قلت لمالك بن أنس : اني حدثت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل. فقال : سبحان الله من يقول هذا ؟ ! هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق، وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين ).
قال الألباني: وهذا إسناد صحيح إلى مالك، رجاله كلهم ثقات، وأبو العباس هذا، وثقه الخطيب في ( تاريخ بغداد
 
اقصى مدة الحمل عند الفقهاء
-------------------------------------
عند داود(توفي 270 ه): 9 اشهر
عند محمد بن الحكم(توفي 268 ه): 1 سنة
عند أبي حنيفة(توفي 150 ه): 2 سنة
عند سفيان الثوري(توفي 161 ه): 2 سنة
عند الليث بن سعد(توفي 175 ه): 3 سنوات
عند أحمد بن حنبل(توفي 241 ه): 4 سنوات على المشهور وفي رواية أخرى 2 سنة
عند الشافعي(توفي 204 ه): 4 سنوات
عباد بن العوام(توفي 187 ه) : 5 سنوات
عند مالك بن أنس(توفي 179 ه): روايتين المشهورة منهما 4 سنوات والأخرى 5 سنوات
عند الزهري(توفي 124 ه): 6 أو 7 سنوات
عند ربيعة الرأي(توفي 136 ه): 7 سنوات
أبو عبيد:ليس لأقصاه وقت يوقف عليه, الزلمي فاتحة عنده على "الانفينيتي"
------------------------------------------------

 ملاحظة أولى: الفيل الأسيوي حمله سنتان تقريبا!
ملاحظة أخرى: في القرآن: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا

 
 ارتبطت بعثة الأنبياء بهذه المنطقة الجغرافية المعروفة دون باقي المناطق...
فلم تخبرنا لا الموروثات التاريخية ولا الآثار الاركيولوجية عن اي اثر لدعوى نبوات في غير هذه البقعة.
ان مصطلح نبي لهو من ابتكار الموروث الخاص بهذه المنطقة, حيث كان من يأتي للاصلاح والتغيير نحو الأفضل يطلق على نفسه أو يطلق الناس عليه اسم نبي.
فكثير مما جاء به من سموا أنبياء في هذه المنطقة انما أتى بشبيه لما أتوا به أناس في مناطق أخرى, ولكن لم يكن ابدا ليطلق عليهم مصطلح النبي كون تلك المناطق الاخرى قد تربت واعتادت على مصطلحات أخرى تناسب هذه الحالات كمصطلح "الحكيم", "الفيلسوف" "المصلح" وغيرها ..
ومصطلح نبي لم يكن ليقبل تداوله في غير هذه المنطقة تماما كما لم يتم قبول مصطلح الفيلسوف مثلا في مناطق لا تؤمن الا بالنبوات وتنتظرها!
لذلك وجدنا عجقة "أنبياء" في هذه المنطقة دون غيرها وساهم الموروث اليهودي بشكل فعال في صياغة هذا الدوماين بشكل مؤثر خصوصا وأن القسم الأكبر الساحق من الأنبياء كانوا يهودا ان لفجورهم كما يزعم خصومهم وان لاصطفاء الهي لهم كما يزعمون هم.
فحتى شعوب المنطقة الاخرى من غير اليهود كانت في معاصرتها لليهود المتخمين بالانبياء تعاني من تصحر وجفاف نبوي, كما هو حال البابليين, الاشوريين, الكلدانيين, الفينيقيين, المصريين, الحيثيين, الأدوميين, الخ الخ
ارتبطت النبوة في المنطقة بالمعجزات الخارقة للمألوف بحيث صارت العلاقة بين المعجزة والنبوة علاقة لزومية لا تنفك وزرعت في نفوس الناس هذه العلاقة بشكل كبير الى درجة أن اي مدعي نبوة بات يكون مطالبا بدليل معجزة يثبت دعواه!
أما المعجزات فبحسب الموروث الديني وغيره فقد كان مناسبا وملائما لشخصية الانسان النبي أو لطبيعة المنطقة وثقافة شعبها وما اعتادوا عليه او لم يعتادوا.
فكانت المعجزة تأتي من مدعي النبوة بما يقهر مألوفهم ابن ثقافتهم
وبطبيعة الحال وحيث أن شبه الجزيرة لها علاقة مع النبوات أو هي قريبة منها لمجاورتها لمنطقة زحمة الأنبياء اليهودية, فان هذا الأمر قد ترك التاثير الكبير عليها وعلى ثقافة شعبها, وان تمت صباغتها وكالعادة بصبغة تلائم المنطقة وثقافتها.
فتعرفت شبه الجزيرة على اسماء مثل هود وصالح واسماعيل وغيرهم قيل انهم انبياء عربا وتنوقلت قصتهم بين الناس لأجيال وأجيال..
كما أن شبه الجزيرة لا تنسى أن جزءا كبيرا من سكانها من العرب المستعربة الذين منهم "عدنان" أحد أجداد العرب انما هم من نسل اسماعيل بن ابراهيم النبي الغير عربي..
وعاش هؤلاء جنبا الى جنب مع العرب العاربة البيور القحطانيين, وذلك بعد زوال ما سمي بالعرب البائدة اما بالعقاب الالهي الجماعي كما تزعم الموروثات الصحراوية واما بانصهار هؤلاء ضمن العرب العاربة والمستعربة..
عندما أعلن محمد عن نبوته وأنه مرسل كنذير الى أهل مكة, كان من الطبيعي لمن زرعت في راسه العلاقة اللزومية بين النبوة والمعجزة ان يطالبه بالمعجزة الخارقة للمالوف.
كان محمد يصر على انه مثلهم بشرا وانه انما نذير.. وأنه ليس بيده شيء من هذا!
ان دعوى محمد هذه كانت تلقى دائما الرفض في مجتمع لم يعتد على هكذا جواب من نبي, وهم من توارثوا معجزات ابراهيم ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان والمسيح وزكريا ويحيى وغيرهم..
ان المطالع للقرآن يلاحظ اصرار محمد على تساويه معهم في البشرية وأنه ليس لديه ليقدمه الا ما قاله انه يوحى اليه..
" قل انما الآيات عند الله."
" وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه, قل انما الآيات عند الله, وانما أنا نذير مبين."
" قل انما أنا بشر مثلكم يوحى الي."
" قل انما الآيات عند الله وانما أنا نذير مبين."
هي اذا التجربة المحمدية الجديدة, تجربة النبوة الخالية من القدرات الغير طبيعية والتي لم تألف المنطقة لا ذكرا من قبل!
أما ما هو مشهور عقائديا من معجزة القرآن لهي اسقاط متأخر على عصر محمد, فالقرآن كان يبوح محمد بآياته في مناسبات متعددة ولم يكن مجموعا لديه ليقدمه للناس كما هو الحال, ومن يعرف القليل عن تاريخ جمع وتدوين القرآن وما يعتري الموضوع من اشكالات سيكون صورة واضحة عن مبتغى هذا الكلام.
الكلمات المتفرقة التي كان يقدمها محمد كانت تنال اعجاب الناس ودهشتهم لكنها لم تكن ترتقي لمعجزة كما يشاع بين أهل العقيدة القارئين للتاريخ بعيون التسليم بعيدا عن الوعي الكلي لكل التفاصيل السيرية المحمدية وترابط الاحداث زمانا وعلاقة..
وقد عبر أهل مكة عن هذا(علو شأن الكلمات) من خلال اتهام محمد بأنه مجنون وهي اسم مفعول من جن اي ان الجن ينطق على لسانه وليس كما تفهم عرفيا من الخبل مثلا!
واتهموه بالسحر وأنه كاهن ويتعلم من الغير وما الى ذلك, وكل هذا يدل على أن ما كان يتلوه محمدا كان بالنسبة لأهل مكة أكبر مما يمكن أن يأتي به شخص محمد الذي عرفوه..
  وأما المعاندون لتميز ما اتى به من آيات فقالوا:
"افتراه على الله"
ومن اعتاد سماع هكذا آيات خصوصا القصصية منها قال:
"انها أساطير الأولين"
ومنهم من لم يجد مانعا في قبول ما يأتي به محمد, لكن كان يحتاج للاثبات فقط, وهذا أمية بن عبد الله يقول: "أنا أعلم أن الحنيفية صدق ولكن الشك يداخلني في محمد"
لكن كل ذلك لم يرتقي الى درجة اعتبارهم ما يأتيه من الآيات على انه معجزة.
لذلك كانوا دائما يطالبونه بمعجزات كتلك التي تعودوا عليها وعرفوها من خلال الموروث.
": فليأتنا بآية كما أرسل الأولون"
" وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه, قل ان الله قادر على أن ينزل آية, ولكن أكثرهم لا يعلمون."
" ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه, قل انما الغيب لله, فانتظروا اني معكم من المنتظرين."
" وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية."
" ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه, انما أنت منذر, ولكل قوم هاد"
" وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله وبالملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه, قل سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا."
" وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه"
" وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه."
" قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله"
لا بل كانوا جادين فعلا في هذا:
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها"
الامر الذي أدى بمحمد الى أن يضوج من طلبهم هذا بل يصل الامر الى حد التشكيك!
"وان كان كبر عليك اعراضهم فان استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية, ولو شاء الله لجمعهم على الهدى, فلا تكونن من الجاهلين."
فان كنت في شك مما أنزلنا اليك فسل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين"
"فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك, انما أنت نذير, والله على كل شيء وكيل."
لا بل يذهب القرآن اكثر من ذلك فيتكلم عما يختلج محمد من حالة نفسية صعبة لدرجة أنه قد يساير أهل مكة:
"ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا"
"وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته"
مشكلة كبيرة واجهها محمد مع هذا الموروث التي عشش في صدور الناس...
موروث ربط بشكل لا ينفك بين سوبرمانية النبي ونبوته!
" أبعث الله بشرا رسولا"
"مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق"
ان هذه الاسئلة كانت لعلها أكثر ما راودت العرب في مكة وغيرها, وهي ما كانت تعني لهم الكثير, بينما نجد ان أتباع الأنبياء الاخرين من مسيحيين ويهود وصابئة ذهبوا ابعد من هذه الاسئلة الى السؤال عن تاريخ الانبياء والساعة والروح والغيب كما تروي الآيات والسيرة والحديث.
هذا هو محمد القرآني...
وهذه هي طبيعة العلاقة الجدلية بينه وبين خصومه
هو يقول لهم لا أملك الا هذه الىيات, وهم يرفضون كفايتها كمعجزة دالة على نبوته, فيطلبون ما اعتادوا على معرفته قبليا مما أتى به أنبياء سابقون
أما محمد الرواة والمحدثين والفقهاء فهو نبي المعجزات
معجزات تسير في حركة تصاعدية لا تهدا عبر القرون..
من زمن الصحابة الى التابعين فتابعي التابعين فالزمن الاموي فالعباسي الخ
فهذا ابن اسحاق أبو أهل السيرالمولود عام 85 هجري قد ذكر 10 معجزات لمحمد رغم أن القرآن يخبرنا ان أهل مكة كانوا يطالبون محمدا بها وما كان يجيبهم الا بانه بشر مثلهم!
ثم تتكاثر المعجزات في العصر العباسي فتصل مع الماوردي المولود عام 364 هجري الى 40 معجزة!
أما البيهقي المولود عام 384 فيذكر تقريبا في كتابه "دلائل النبوة"  نفس عدد المعجزات التي ذكرها الماوردي بالنسبة الى محمد الا أنه يضيف شيئا جديدا هذه المرة: معجزات الصحابة!
وكانو كرمال عين تكرم ألف عين, لا بل حتى صحابة غير مشهورين أو مجاهيل لعله انطلاقا من قاعدة عدالة الصحابة جميعا" التي كانت سادت في العالم السني..
ولا يسعنا الا القول: حصان البيك بيك
أو كما يقول البريطانيون: he who loves me loves my horse
وقد ابتدعت في اختيار "الحصان" بدل اسم الحيوان المذكور في المثالين كون العرب والمسلمون يشمئزون من الحيوان الآخر رغم قربه من الانسان..
وعندما يصل الدور الى من يوصف بالعلامة الأوحد القاضي عياض المولود عام 476 هجري فان عدد المعجزات في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" يصل عنده الى أكثر من مئة!
ويستمر الرقم بالارتفاع مع تقدم الزمان فيصل عند الحلبي المولود عام 753 هجري في "السيرة الحلبية" الى حوالي 3 آلاف معجزة!
ويزايد آخرون عليه ويقولن: " ان معجزات محمد لا يمكن حصرها ابدا"
هذا سنيا!
أما شيعيا فلا حاجة لذكر المعجزات ابدا لا لمحمد ولا للائمة ايضا!
فلهم الولاية التكوينية وهم من خلق الكون كله لأجلهم(مع الجراد والام اربعة واربعين)
والكون كله في يدهم كخاتم يقلبونه!
ومنهم من يغالي أكثر فيزعم التفويض اليهم ان مباشرة وان غير مباشرة..
هذا كله رغم استفاضة مضمون حديث الأئمة عن عرض الحديث على القرآن
فان كنا نعذر السنة فيهذا لرفضهم فكرة العرض على القرآن وزعمهم أنها من بدع الرافضة والزنادقة, لكن كيف نعذر مدعي الانتماء لمدرسة أئمة أهل البيت!؟؟
ولست ادري اي معجزات واي منزلة مخترعة لمحمد ستبقى حينها, حين العرض.
سيبقى ببساطة محمد الحقيقي, محمد كما هو, وسيتبخر وهم محمد - الفكرة المصطنعة

 
من اين نشأت الكثير من التشريعات الدينية؟
اذا سألنا دينيين دوغمائيين سيجيبونا بنفس الاجابة: من الله.
واذا سألناهم كيف وسمحوا لنا بذلك سيقولون: ربك أخبر مباشرة او بواسطةهو اذا سلخ وفصل للتشريعات عن الواقع الانساني, فهي ليست الا اسقاطات خارجية, وليست هي ابدا منبثقة منه.
وبسبب هذا السلخ كان من الطبيعي أن ينتج دينيا الايمان الدوغمائي بعدم امكانية الادراك للغاية من التشريع
لذلك ان حاولنا ان نسأل عن الغاية او المقصد الواقعي من التشريع أجابنا كثير منهم: العقل أعجز عن ادراك هكذا غايات ومقاصد واقعية
ولكن ماذا عن زهق الكثير من التشريعات بثغر الواقع الجميل؟
وهذا سؤال لمن يصدق ذلك, والا فمنهم من يقولون سياتي يوم يكذب فيه الواقع وتصدق التشريعات, ان هي الا فتنة.
فالأصالة للتشريع, والواقع عليه أن يسير خلف التشريع.
ومنهم من يقولك ان التشريع هو من يدل على الواقع فقط, ولا مجال لغيره في ذلك.
ونسأل: ماذا عن بعض التشريعات الدينية التي نجد لها جذورا في المجتمعات البدائية (الوثنية) والتي لم تعرف أديانا ولا نبوات ولا شرائع سماوية؟
بل عرفت الطوطمية, ودافعت عنها وحمتها بسلاح التابو.
ألا يدل ذلك على وضعية بعض هذه التشريعات لا سماويتها؟
وماذا عن السير على خطى هذه القبائل البدائية في الايمان بتشريعات لا يدرك غايتها والايمان في أن المخالفة لها يستتبع تعرض المخالف للأذى من القوى الخفية كالارواح الشريرة مثلا أو ما شابه..
والتابو هي كلمة بولينيزية يتم اطلاقها على ما هو محظور وممنوع في نظر المجتمع بحيث أن الأعراف الاجتماعية تعتبره من الممنوعات أو المحرمات بغض النظر عن التنوع الديني أو السياسي أو اي تنوع آخر يشهده المجتمع مما قد يبيح لأفراده القيام به.
فالبدائي يلتزم بهذه الممنوعات أو التحريمات دون ان يدرك غايتها الاخلاقية.
وأصل هذه الكلمة هو بولينيزي وتعني باللغة المحلية "المحرم" أو"الممنوع" أو "المهابة القدسية" وعكسها هو "النوا "أي المألوف أو الاعتيادي.
وقد يبرر هذاالتحريم أو المنع بأن تجاوزه يعني اطلاق الأرواح الشريرة التي تتعلق بهذا الفعل المحرم نفسه لو فعله الانسان.
كما تبرره مجتمعات أخرى بأن تجاوزه يؤدي الى التسبب بالأذى, التعرض لغضب الآلهة, الخطر, وغيرذلك ومنها "النجاسة".
أما الطوطم فهو الرمز المقدس عند القبائل البدائية وهو لا يزال منتشرا بشكل علني بين القبائل البدائية في استراليا وميلانيزيا وعند هنود أميركا الشمالية وفي افريقيا.
وقد يكون على صورة انسان, حيوان, نبات, أو اي شكل طبيعي آخر, ويرجع كثيرون أصل فكرته الى أحد الشامان الذين يعبر عنهم  أنهم سحرة دينيون.
والتابو أي حرمة المس عادة يستتبع الطوطم المؤله.
والطوطمية: هي الديانة المركبة من الرموز والافكار والطقوس تعتمد على علاقة بين قبيلة بدائية وطوطم وهي من اقدم اشكال الديانات التي عرفتها الانسانية
وقال دوكهايم عنها أنها شكل بدائي للدين وكانت عاملا مهما في بناء التماسك الاجتماعي للمجتمعات الانسانية الاولى
وهذه الافكار والطقوس في الطوطمية غالبا ما تكون مجهولة الغاية والمقصد, وانما يمارسها الناس كجزء من الطوطمية
يستخدم هذان المصطلحان(الطوطم والتابو) بشكل كبير في الدراسات الانثروبولوجية , السوسيولوجية والسيكولوجية وغيرها, ولفرويد كتاب شهير هو "التابو والطوطم" تكلم فيه عن العلاقة بين التابو والوسواس القهري عند المرضى النفسيين.
وأنثروبولوجيا يعتبر ماكلينين أول من استعمل "الطوطمية" في الدراسات الانثروبولوجية كمايعتبر الاسكتلندي جيمس فريزر من أهم من كتب في التابو والطوطم وله كتاب شهير هو"الطوطمية والزواج من غير ذوي القربى".
ويعتبر جايمس كوك أول من نقل "تابو" اثر اكتشافه لجزء من استراليا ونيوزيلندا..
و"التابو" هو أقدم قوانين غير مكتوبة لدى الانسان, وهي اقدم من الأديان, ولا يعرف لها مصدر ولا يمكن فهمها ولا تعليلها.
وقد استمر التابو مع المسيرة الانسانية عبر عناوين مختلفة أشهرها تابوهات : الجنس, السياسة,اللغة, القومية, والدين!
أما تابو الدين والذي صار يرادف عنوان "حرمة المس"  فيبدأ من العنوان الاساسي نفسه, ثم يطاول العناوين الاخرى المنطوية تحته.
ففي الدين الاسلامي, غلف الدين نفسه بتابو, وغلفت شخصياته المقدسة بتابو, وكتبه المقدسه بتابو,ومذاهبه المتنوعة بتابو, ورجال الدين بتابو, والتاريخ الديني بتابو, لا بل اكثر من ذلك غلفت العادات الدينية بتابو وصار الفهم الرجالي الديني للنصوص مغلفا بتابو!
فلم يعد ممنوع ومحرم التعرض بنقد أو الاشكال أو محاولة فهم الدين فقط, بل تعداه الى كل تفصيل آخر فيه, حتى ولو كانت قيمة هذا التفصيل لا تزيد عن قيمة قصص عجائز اهل نيسابور!
وهكذا اذا,فقد غرقت الأمة الاسلامية في مستنقعات التابو عبر استبدال المصطلح بمصطلح براق أخاذ مؤثر أو مخدر أو مسطل, أو عبر وعد ووعيد وتهويل وصراخ وتفتفة ورغي وزبد!!
دينيا, لايخفى على اي مطلع سوسيولوجي أن كثيرا مما يسمى اليوم في الاسلام دينا ليس الا مجرد عادات وتقاليد اجتماعية لبست ثوب الدين اما بواسطة من ينسب له الدين أو من قبل أتباعه لاحقا.
وليس خطأ ان تكون التشريعات ذات اصل اجتماعي, فالاسلام ليس الا ابن واقعه, ومحمد ليس الا ابن واقعه, وما جاء به الاسلام ليس كما هو شائع بين رجال الدين والعوام ومن يسمون أنفسهم بالانتلجنسيين الدينيين من أنه اسقاط غيبي وأوامر خارجية منسلخة عن الواقع,بل هي- التشريعات- ليست الا بنت واقعها ومن رحمها قد خرجت.
ان ما حصل مع تقدم الزمان أن رجال الدين قد حولوا هذه التشريعات التي ليست في جزء كبير منها الا عادات وتقاليد دينية قد ألبسوها ثوبا جديدا هو ثوب التابو بحيث يحرم الاقتراب منهلا بل محاولة النقد له وأكثر من ذلك عند بعضهم من متطرفي الدوغمائية يمنع محاولةفهمه أو ادراك الغاية من تشريعه!
فبتنا نجد في الدين أحكاما وتشريعات لا يفهم المراد منها في هذا الزمان بعد كانت مفهومة سابقا فتصير كفكرة طوطمية, ويمنع الاستفهام أو الاشكال عليها كونها لبست ثوب التابو الذي عرضوه على الناس باسم الله, وهو في هذه الحالة حقيقة ليس الا باسم الطوطمية المقدسة!
هذه الطوطمية التي ظهرت بعد محمد بشكل جديد وعبر عنه بما سماه هو نفسه ب"الشرك الخفي",ومحمد هو من كانت اساس حركته محاربة طواطم الجاهلية التي كانت على صور انسان أوجزء منه أو حيوان أو غير ذلك رغم ما كان يستتبع هذه الطواطم من تابووهات..
لقد صارت هذه التشريعات الطوطمية قميصا مقدسا يصار الى الباسه أو محاولة الباسه للواقع عبرالعصور بالرغم من قيام الواقع المتواضع المحترم برمي اشارات رحمة لهم أو نقمةبالنسبة اليهم عبر زهقه لباطلهم المزعوم هذا, ولكن هل من معتبر!
وكما قال أحد الحكماء علي بن أبي طالب: ما أكثر العبر وما اقل المعتبرون!
ان الحديث مع أخباريي المسلمين لا طائل منه وهو لا يساوي في احسن حالاته فليس(تصغير فلس),وأما الحديث مع اصولييهم فهو ما يحار منه المرء!
فالاصوليون هم أهل الاجتهاد لكن ما نجده في اجتهاداتهم ليس الا شرحا للطوطمية ومتسلحين بسلاح التابو ضد كل من توسوس له نفسه الامارة بالواقعية الاستفسار أو النقد.
هكذا تحول فقهاءنا من الاجتهاد الى الطوطمية التابووية!
اذا كان الواقع قد قال كلمته ومحق ضلال الكثير من الطواطميات عبر الزمان في المجال العلمي التجريبي الذي لا امكانية ذهنية كبيرة للتلاعب ضده ووضع كثير من الطوطميات المقدسة في مهب الريح وجعل عبدتها من المعممين مع التابو الخاص بالطوطميات المتسلحين به شبه الريح, فانالامر في عدد من القضايا الاخرى التي لا يزال للذهن القدرة على المغالطة يختلف.
فلا زلنا نجد الكثير من الطوطميات تسود في المجتمعات الاسلامية مع تأمل من عبدتها بعودة الواقع الى الوراء وها ليس الا كما يقولون كحلم ابليس بالجنة!
فالواقع لايرجع الى الوراء, لا بل لا يتوقف, لا بل لا يهدا ابدا..
و الواقع نضر سيال ديناميكي متطورعلى خلاف ذهنية رجال دين عصرنا رمز الجمود والتحجر والتوقف والسكون!!
ولنأخذ هذه النظرة الى المرأة الحائض وتطورها مع الزمان واصل نشألتها والتي أقدم ما نجد ما يدلنا عليه هو عند القبائل البدائية...
عند القبائل البدائية في استراليا يتم عزل المرأة في فترة حيضها فيمنع عليها وتحت تهديد القتل لمس اي شيء يستخدمه الرجل لا بل اكثر من ذلك يمنع عليها المشي حيث يمشي الرجال!
وكذا الحال في فترة النفاس بحيث يتم فصلها عن باقي الناس لانتهاء هذه الفترة وكل شيء تستخدمه خلال هذه الفترة يتم التخلص منه!
وعند القبائل البدائية في أميركا الشمالية تعزل المرأة الحائض في بيت لوحدها وتمنع من رؤية اي رجل ولو كان زوجها او ابوها او أخوها.
في الديانة اليهودية يحرم على أحد الجلوس مع المرأة الحائض في غرفة واحدة لا بل حتى على مائدةطعام واحدة فتعزل في بيت يسمونه "بيت القذارة"
وهذا لعله استنادا الى نصوص العهد القديم الذي يعتبر المرأة الحائض غير نقية وغير نظيفة لابل اكثر من ذلك هو معد ومنجس للغير..
كما أن الكاهن الذي تكون زوجته أو ابنته أو والدته حائض لا يمكنه أن يسرد المباركة الكهنوتية في المعبد..
في سفر اللاويين: واذا كان بامرأة سيلان دم من جسدها كعادة النساء, فسبعة ايام تكون في طمثها, وكل من لمسها يكون نجسا الى المغيب. وجميع ما تضطجع أو تجلس عليه في طمثها يكون نجسا, وكل من لمس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بالماء ويكون نجسا الى المغيب. من لمس شيئا مما تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بالماء, ويكون نجسا الى المغيب.
أما التلمود : إذا مرت المرأة الحائض بين رجلين وإذا كانت في بداية الطمث فإنها ستقتل أحدهم وإذا كانت في آخره فإنها ستتسبب في نزاع بينهم
ونفس الامر استمر مع المسيحية التي لا تزال تتبنى العهد القديم, ولو ظهرت هناك محاولات للثورة على نصوصه كما فعل الباباشنوده قبل وفاته بسنين قليله عندما افتى بجواز دخول المرأة الحائض الى المعبد والكنيسة.
وفي الاسلام: المشهور بين المسلمين عدم جواز الصلاة لا واجبا ولا مستحبا ولا قضاءا وكذاالصوم للمرأة الحائض كذلك هناك ممنوعات فيما يخص القرآن تختلف بفتاوى متعددة.
وكذا يمنع على المرأة الحائض الطواف الواجب بالبيت(والمستحب على الأحوط) واللبث في المسجد أو الاعتكاف اضافة الى العملية الجنسية.
ان نظرة خاطفة تبين أن التشريعات المتعلقة بالمرأة ليست الا بنت الواقع الاجتماعي للمرأة والذي منه انبثقت.
فالنظرة للمرأة كانت دونية جدا لأسباب مختلفة باختلاف القبائل البدائية وأهل الديانات السماوية!
لكن الملفت هو هذا الالتقاء في النظرة للمرأة وعزلها حين حيضها بين قبائل بدائية لم تعرف ديانات سماوية ابدا وبين تشريعات هذه الديانات, في الوقت الذي تتفق فيه هذه القبائل مع اهل الديانات السماوية في النظرة الدونية اليها.
هل هذه النظرة للمرأة حين حيضها هي كانت نظرة عامة منتشرة عند المجتمعات الانسانية كافة منذ كانت بدائية بحيث تكون هذه النظرة جزء من الطوطمية التي تعتبر العلاقة الرابطة بين أفراد القبيلة, ثم حيث تمدنها انتقلت معها هذه النظرة واستمرت!
أم أن المجتمعات الانسانية المدينية الاولى والتي كانت الذكورية المحور فيها كونها كانت مجتمعات الغزو والسلب والقتال والكفاح من أجل البقاء قد أخذت هذه النظرة للمرأة حين حيضها من المجتمعات البدائية التي تعرفت اليها خلال توسعاتها!؟
ان التشريعات الدينية ليست الا بنت الواقع الذي نشأت فيها وليست اسقاطا غيبيا والا فكيف ينسخ الواقع الكثير منها؟ وكيف نفسر الكثير الاخريات التي لم تعد ملائمة؟ 
وفي هذه الحالة كيف سنبرر الهيا وقدسيا التعاطي مع المرأة الحائض بهذه الطريقة؟
فهل هناك تفسير عقلاني يبرر هذا التعاطي أو الاسباب المقدسة المزعومة المؤدية لهذه الكيفية من التعاطي؟
هي اذا الطوطمية, لا زالت تلقي باثقالها على مجتمعاتنا, سواء كانت طوطمية ظاهرة بينة كطوطميات المجتمعات البدائية, أم طوطميات خفية وقد تلبس ثوب القداسة احيانا.
طوطميات لايزال رجال الدين يطوفون ويسعون حولها ويرجمون تابوويا كل من تسول له نفسه الاقتراب منها وان لمجرد التأمل.
الطوطميات تتم عبادتها بحجة الحفاظ على الاصالة والجذور, ومن يعترض يتم اتهامه بالعالماينة,اللاأدرية, العولمة, الحداثوية, اللادينية, الالحاد وغيرها من العناوين
فقط المصطلح الطوطم قد غاب, لكن مصداقه يسري ويسري في حياتنا الدينية والاجتماعية
وهذا لا يعني طبعا الحكم العام على كل التراث الديني والاجتماعي بالطوطمية, فهذا اجحاف وتطرف 
فلنترك الواقع يخبرنا, فهو أدرى
والا فالتصلبية والعنادية المعطلة سيكونان سيدا الموقف


 
  كنت في فترة ماضية أشاهد مسلسلا أميركيا يسافر فيه انسان عبر الزمن 
ويدعى هذا المسلسل بسلسلة : Quantum Leap
فكنت أحبه وأحب السفر عبر الزمن لأعيش بما أنا عليه في أزمان مختلفة
والان قررت أن اسافر عبر الزمن الى زمان فيه النبي محمد واصحابه وأهل بيته
وحصل في عالمي هذا...
سافرت عبر الزمن الى العصرالاسلامي الاول حيث فعلا النبي محمد وصحابته وأهل بيته
أخذت معي صررا من الدنانير ومعجون أسنان وفرشاة...
وهناك التقيت بفتاة, ولسبب ما استليت سيفي وقطعت ثلاث اصابع لها, على مضض...
أخذوني للمحاكمة.... في حضرةالنبي...
أجلسوني وأجلسوها مقابلي..
فحكم علي النبي بدفع ثلاثين من الابل...
استغليت التهاء احدهم بأسنانه التي يلوكها بمسواك خشبي وانقضيت على سيفه واستليته وقطعت به اصبعا رابعا لنفس الفتاة
وقلت للنبي: اليك عشرون من الابل!
لقد وفرت على نفسي عشرة من الابل!
انه حكم الله يا نبي, فهل أنت معترض؟
فأجاب: لا
هي اذا..
دية قطع ثلاث من أصابع المرأة ثلاثون من الابل, ودية قطع الاربعة أصايع عشرون.
فكلما زادت جراحاتها وزاد ألمها وكثر عذابها كلما قلت ديتها وخفف الجزاء عن مؤذيها..
هو ذا اذا مضمون رواية مشهورة سنياوشيعيا, مروية عند السنة عن النبي وعند الشيعة عن الصادق وفي احداها ينسبها هو نفسه للنبي


الرواية الشيعية المشهورة
--------------------------
في هذه الرواية التي اخرجها الكليني في الكافي بسنده عن ابان بن تغلب 
قال قلت لابي عبد الله: ما تقول في رجل قطع اصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ ال: عشر من الابل, قلت قطع اثنتين؟ قال: عشرون, قلت قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون, قلت قطع أربعا قال: عشرون
قلت: سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟
ان هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول الذي جاء به شيطان
فقال: مهلا يا ابان هكذا حكم رسول الله(ص) ان المرأة تقابل الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف, يا ابان انك أخذتني بالقياس والسنة اذا قيست محق الدين
وشبيهها رواها الشيخ الطوسي في التهذيب بسنده عن محمد بن أبي عمير والصدوق في من لا يحضره الفقيه بسنده عن عبدالرحمن بن الحجاج عن ابان.
وهناك رواية اخرى تشير الى معنى شبيه مروية عن سماعة بن مهران قال:سألته عن جراحة النساء؟ فقال: الرجال والنساء في الدية سواء حتى تبلغ الثلث، فإذا جازت الثلث فإنها مثل نصف دية الرجل
وأخرى عن الحلبي عن الصادق ايضا قالو إصبع المرأة بإصبع الرجل حتى تبلغ الجراحة ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية ضعّفت دية الرجل على دية المرأة
وأخرى عن جميل بن دراج قال: سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص؟ قال: نعم في الجراحات حتّى تبلغ الثلث سواء، فإذا بلغت الثلث سواء، ارتفع الرجل وسفلت المرأة
وأخرى عن أبي بصير قال سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن الجراحات؟ فقال: جراحة المرأة مثل جراحة الرجل حتى تبلغ ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية سواء، أضعفت جراحة الرجل ضعفين على جراحة المرأة،وسنّ الرجل وسنّ المرأة سواء


آراء رجال الدين الشيعة:
------------------------
وقال الشيخ المفيد في المقنعة بعد تبنيه هذا الكلام: "بذلك ثبتت السنة عن نبي الهدي، وبه تواترت الاخبار عن الائمة(ع)
قال الخوئي في مباني تكملة منهاج الصالحينفالظاهر أ نّه لا خلاف فيه بين الأصحاب وأنّ دية المرأة ترجع إلى النصف .
وقال ايضافالمعروف والمشهور فيه بين الأصحاب :أنّ المرأة تعاقل الرجل إلى الثلث ، فإذا بلغت الثلث رجعت دية المرأة إلى النصف مندية الرجل.
لكن الخوئي اعترض وناقش الامر وضعفه في كتابه مصباح الاصول
لكن محمد تقي الحكيم(تلميذه) قال انه(اي الخوئي) تراجع لاحقا عن ذلك لكن لم تنسح له فرصة التأكد.
قال محمد جواد مغنية: ان عقولنا لاتدرك لهذا الحكم سرا وهو تعبدي محض
وقال المظفر: اعتبره من التعبديات المحضة
وقال المجدد الأصولي الانصاري: ان توبيخ الامام الصادق كان لمراجعة العقل في استنباط الاحكام وهو توبيخ على المقدمات المؤديةلمخالفة الواقع. وقد اشرنا الى عدم جواز الخوض لاستكشاف الاحكام الدينيةفي المطالب العقلية والاستعانة بها في تحصيل مناط الحكم
وقال ايضا: وأوجب من ذلك ترك الخوض في المطالب العقلية النظرية لادراك ما يتعلق باصول الدين, فانه تعريض للهلاك الدائم والعذاب الخالد.

الرواية السنية المشهورة
-------------------------
أخرج النسائي في السنن بسنده عن النبي:"عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلث الثلث من ديتها"
في رواية البيهقي زاد: "فمازاد(على ثلث دية الرجل) فعلى النصف."
وهي رواية أخرجها ايضا الدارقطني وابن خزيمة.
وهي مروية عن جد عمرو بن شعيب وعن عمر ابن الخطاب وزيد بن ثابت وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز
وأخرج مالك في الموطأ في باب ما جاء في عقل الاصابع بسنده عن ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الراي قال سألت سعيدبن المسيب (التابعي) عن مقدار الدية فيما لو قطع رجل ثلاثا من اصابع المرأة؟ فأجاب سعيد أن فيها ثلاثين من الابل, ثم سألته عن الدية فيما لو قطع اربعا, فأجاب سعيدأن فيها عشرين..
فقال ربيعة: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها!!
فقال ابن المسيب: أعراقي أنت؟
فقال ربيعة: بل عالم متثبت أو جاهل متعلم
فقال سعيد: انها السنة  ياابن أخي.


أما آراء رجال الدين السنة
-------------------------
مالك والشافعي(قبل أن يتراجع عن رأيه فيه) وابن حنبل خلافا لأبي حنيفة امام الرأي والقياس يرون ايضا أن دية جراح المرأة كدية جراح الرجل فيما دون ثلث الدية الكاملة, فاذا بلغت الثلث أو زادت عليها رجعت الى نصف دية الرجل.
الشافعي لاحقا تراجع عن قوله هذا وقال انه كان يتابع مالكا فيه وفي النفس منه شيء لكنه فهم من القول عن ابن المسيب انه من السنة بمعنى أنه من سنة أهل المدينة أي ما يرونه هم أنه من السنة وقال مختتما: القياس أولى في ذلك.


خاتمة
------- 
اولا: ان تعاطي أصحاب الأئمة مع الائمة لم يكن دوغمائيا تماما كما باتت امتنا تتعاطى لاحقا ليس فقط مع الائمة بل مع المرجع الديني لا بل اكثر من ذلك مع قارىء عزاء, شيخ جامع, أو أي معمم!!
وهذا واضح من اعتراض ابان بن تغلب الاستفساري على الصادق, وكذلك سنيا يوجد نفس الامر من تعاطي ربيعة الراي مع ابن المسيب التابعي الجليل الذي يقبل السنة مراسيله التي يرسلها عن النبي دون أن تمر عبر صحابي
ثانيا: هذه الرواية مشهورة جدا وتستند الى حديث عن النبي رواه عدة من الصحابة كما روي عن الصادق والذي نسبه في أحدها للنبي 
ثالثا: اذا قام الرجل بقطع ثلاث اصابع فسيدفع ثلاثون ابلا لذلك فانا لو محلو بكفي وبقطع الاصبع الرابع للمرأةوبدفع عشرون ابلا :P
فكيف ينخفض تعويض المرأة حينما زاد الضرر الذي تعرضت له وحين زاد حجم الجرم؟
فأين الحكمة من ذلك؟
رابعا: اذا كان ابن المسيب لم يشرح لربيعة الراي الموضوع ويعلله ليزيل الابهام بل اكتفى بقوله "انها السنة فهذا أفهمه" 
لكن أن يتعاطى الصادق بنفس الطريقة فهذا يستحق أن نقف عنده كثيرا
ان تعجب ابان من كلام الصادق لم يقابله الصادق بجواب موضح عقلاني, وهو الصادق أحد من نعرف عنهم أنهم من أهل الحكمة
فابان يتسائل ليفهم العلة من الحكم بينما الصادق يقول له هذا حكم الرسول ولا تقس!
وهذا يجعلنا نتسائل قليلا, فليس الصادق هكذا ولا باقي الائمة
وكانوا حين يسألون عن الغايات والعلل يشرحون كما عهدناهم, وقد جمع الشيخ الصدوق هكذا أنواع من الروايات التعليلية للعديد من الشرايع في كتابه المعروف ب "علل الشرايع"
فالمسألة مسألة شرح الغاية أو العلة بغض النظر عما اذا كانت طريقة القياس(تسمى التمثيل في المنطق) خاطئة ولا تفيد علما في التشريعات أم لا
خامسا: كيف نوفق بين هكذا روايات والروايات المشهورة عن الائمة في التفكر والتدبر؟
فالنبي هو القائل: لا ينال منزلة التفكر الا من خصه الله بنور المعرفة والتوحيد
فعلي هو القائل: نبه بالتفكر قلبك وهو القائل ايضا: التفكر يدعو الى البر والعمل به
والحسن المجتبى هو القائل: التفكر حياة قلب البصير وهو القائل ايضا: التفكر أبو كل خير وأمه
والصادق يقول: كانت أكثر عبادة أبي ذر التفكر والاعتبار
سادسا: اين هذا الموضوع في اختلاف الديات من كلام القرآن: "وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا" و "ان الحكم الا لله يقص الحق" و "ان الله لا يظلم مثقال ذرة"

 
عرفت المجتمعات الانسانية على اختلافها واختلاف أماكنها وأزمنتها تعدد النكاحات تحت عناوين مختلفة, وخصوصا وبشكل كبير في الأزمنة البدائية, بحيث يتزوج الرجل أكثر من امرأة واحدة, وكانت هذه العادة تنتشر عادة في الطبقات الثرية او الحاكمة أكثر من غيرها .
أما اسباب انتشار هذه العادة فكثيرة ليس هنا موضع ذكرها...
ومن الشعوب التي عرفت تعدد الزوجات: اليهود, عرب ما قبل الاسلام, الفرس, الصقالبة وغيرهم..
ويخبرنا التاريخ الديني عن انبياء من بني اسرائيل كانوا يعيشون تعدد الزوجات كيعقوب(زوجتان وجاريتان), ويوسف(زوجتان) وداود(مئة امرأة) وسليمان(الف زوجة عدا السراري) وغيرهم وهذا كله على ذمة رواة التاريخ الديني من يهود وعرب متأثرين بهم
اذا , ان تعدد النساء عند الرجل كان منتشرا بين الشعوب الدينية الابراهيمية والشعوب الوثنية, ولم يكن حكرا على العرب وحدهم
أما الزهد في عدد النساء في ذلك العصر القديم فهو من ثمار القرن الاول مسيحيا ولم يكن الا لمصلحة الرجل كغاية: الاكتفاء بأقل عدد ممكن من الشر, فالمرأة شر, وهي سبب الخطيئة, ولا ننسى أن المسيحية دعت للرهبنة ايضا فطبيعي أن لا تشجع تعدد النساء للرجل, صورة الله!
والاسلام نشأ في شبه الجزيرة العربية قبل أن يمتد الى مناطق العرب الاخرى المجاورة لشبه الجزيرة اي أنه قد نشأ في منطقة ومجتمعات عرفت تعدد النكاحات باشكال مختلفة وأسماء مختلفة 
فقد عرف العرب قبل الاسلام أي مجتمع شبه الجزيرة وجوارها وهو البيئة التي نشأ فيها الاسلام, عرف هؤلاء النكاح المتعدد
ومنها باختصار...
  ---------------------------------------------------------------
نكاح المضامدة: وذلك عبر قيام الزوجة باتخاذ زوج اضافي أو قيام الزوج باتخاذ زوجة اضافية لاسباب متعددة غالبا ما تكون اقتصادية وقد تكون لمنع الغير منه أو منها
فعن اللغوي الشهير الفراء:" الضماد أن تصادق المرأة اثنين او ثلاثة في القحط لتأكل عند هذا وهذا لتشبع
 قال أبو ذؤيب الهذلي منشدا الشعر بعد أن قامت زوجته بنكاح مضامدة مع خالد بن زهير:
تريدين كيما تضمديني وخالدا ... وهل يجمع السيفان ويحك في غمد
وقال مدرك الشاعر في هذا الموضوع ايضا:
أردت لكيما تضمديني وصاحبي ... ألا لا أحبي صاحبي ودعيني

نكاح الرهط: وهو نوع من الزواج من مجموعة ما قد يصل العدد فيهم الى عشرة, بحيث ينكح الرجال كلهم المرأة ثم تدعوهم بعد فترة من ولادتها للحضور, ثم تحدد والد الطفل وعليه القبول فيلحق به.
 
نكاح المقت أو الضيزن: وهذا النكاح هو نكاح وراثي بحيث يرث الابن مثلا أباه وفيما يرثه زوجته ايضا, فتصير زوجته ضمن الميراث ملكا له ينكحها.
 
نكاح المساهاة: ويعرف ايضا بنكاح المسامحة, وهو نكاح افتدائي كان منتشرا بين القبائل الضعيفة التي يتعرض رجالها للاسر, ولا يملكون القدرة على افتدائهم.
فكانوا يفتدون الرجال بنساءهم من غير صداق..فيكون فك الاسر هو الصداق.
 
نكاح الاستبضاع: المباضعة تعني المجامعة, ويسمى هذا النكاح ايضا بنكاح الاستفحال, وهو نكاح هدفه تناسلي يتم باختيار الزوج لرجل يعاشر زوجته ويكون الاختيار عادة اما ان كان الرجل الزوج لا ينجب أو من أجل تحسين النسل فيختار شاعرا أو فارسا قويا أو جميلا أو الخ
ثم يعتزلها الزوج الرئيسي حتى يتبين حملها من عدمه..
ويكون الهدف من هذا النكاح الولد فقط
 
نكاح السر: ويتم عادة بين رجل وامرأة من طبقتين متفاوتتين في المجتمع,ويكون عادة الرجل من طبقة عليا والمرأة من طبقة أدنى ويبقى سريا حتى الحمل , فاذا حملت يتم الاعلان عنه.

نكاح المخادنة: ويسمى ايضا نكاح الصاداقة فالخدين هو الصديق. فالمرأة كانت تتخذ صديقا لها بمعرفة الزوج, ويكون هذا النكاح خاصا بين الزوجة والصديق فيما يخص جسمها العلوي فقط, وكان أكثر ما ينتشر بين اهل البادية وكان في غالب الاوقات سريا غير معلن.
 
نكاح الشغار: والشغار تعني الرفع, وهي من "شغر الكلب" اي رفع احدى رجليه ليبول
و يتم في هذا النكاح تبادل زواجي بين رجلين, بأن يتزوج رجلين اخت كل منهما أو بنت كل منهما , فيكون المهر مرفوعا فعلا, فالمرأة المعطاة من الرجل الاول(اخته او بنته) هي المهر المقدم للرجل الاخر والعكس كذا!!
 
نكاح البدل: ويتم في هذا النكاح تبادل الزوجات بأن يتنازل أحدهم عن زوجته لاخر مقابل أن يتنازل الاخر عن زوجته له ....
 
----------------------------------------------------

ان الموضوعية تقتضي منا أن نتجرد من اي خلفية تسليمية عند التعاطي مع أي بحث نسعى من وراءه لمعرفة الحقيقة, كما علينا أن نكون ملتفتين الى الابتعاد عن اي شكل من أشكال الاسقاط القيمي, بحيث يتم اسقاط قيم ومثل زمان ومكان ما على زمان ومكان آخر, وهو ما يعرف بالكرونوسنتريسيتي.(كرونو=وقت).
ان الموضوعية تقتضي الوسطية أو الاعتدال بعيدا عن اكستريمية متطرفة بعيدا حتما عن الحقيقة...
فليست القصة قصة قبول كما هو(اكستريم اول), يعني بشراشيبه وسلطاتة وباباغنوجه على الطريقة الدينوية ذات الانتاج المشيخي الدوغمائي, وبالتالي استخدام القدرات الذهنية في سبيل هذه العناوين المسلم بها مسبقا, فيتم التبرير لكل هذه العلقاات التي نادى بها الاسلام..
وليست القصة قصة رفض انفعالي او ممنهج مسبقا لكل ما أتى به الاسلام(اكستريم ثاني), فقط لأنه الاسلام..
وكذلك فكما لا يصح أن نأتي بكل ما أتى به الاسلام وهو ابن واقعه الزمكاني, نأتي به ليلاحقنا في كل زمان ومكان(اكستريم أول), كذلك علينا أن لا نرفض كل ما أتى به الاسلام بحجة أنه ابن واقع زمكاني ما...
ففي الاسلام عناوين واقعية عابرة للزمكان... كما فيه عناوين منتزعة من واقع زمكاني ما تغير أو حتى غنى عليه فريد الأطرش وولى الى غير رجعة!
 اذا نظرنا الى واقع شبه الجزيرة الاجتماعي والتي أقول ببساطة أن طموح محمد لم يكن ليتجاوزها وهذا رأي مبني على معطيات تاريخية وسيرية تتعلق بحياة محمد وأداءه خلال حياته بعيدا عن الاسقاطات العقائدية المشيخية على العناوين القرآنية والتاريخية, اذا نظرنا الى هذا الواقع وتحديدا القسم المتعلق بالعلاقات التي تجمع الرجل بالمرأة وجدنا أن الاسلام قد جاء لينظم هذه العلاقات الكثيرة الفوضوية والغير محدودة بأعداد, والتي منها ما كان يتم بالسر ومنها ما كان يتم بالعلن مع النفور الكبير من المجتمعات التي تقوم به.
ان الكلام هو عن التنظيم من غير النطق بالحكم للمقارنة مع ما سبق.... وهذا متروك للبحث أكثر فأكثر...
فقام الاسلام بحد الزواج الدائم بأربعة نساء, وكان بعض العرب يتزوجون بأعداد أكبر من ذلك, فقد ورد أن النبي محمد طلب من غيلان بن سلمة أن يستقر على اربعة نساء حين دخل في الاسلام اذ كان متزوجا بعشر..
وكذا الحال عند قيس بن الحارث من بني أسد فقد أسلم وله ثماني زوجات , وايضا نوفل بن معاوية فقد اسلم ولديه خمس نساء, وكذلك طلب منهما محمد الاستقرار على اربعة وفراق الباقين.
كما قام الاسلام باباحة الزواج لأجل(المتعة) وان قال أهل السنة أنه قد نسخ لاحقا والامر في ذلك مضطرب.
اضافة الى ذلك عرف الاسلام ملك اليمين, دون تحديد عدد لذلك... وهذا عرفه ايضا عرب ما قبل الاسلام.
اذا هذه هي حدود العلاقات في الاسلام, والتي أتى بها الاسلام, واي نظرة اليها يجب أن تكون موضوعية بناء على الواقع الذي نشأ فيه الاسلام, وليس بعينين معاصرتين
ان هذه الحدود للعلاقات لم تكن الا وليدة عصرها وواقعها, ولو كانت في مكان أو زمان آخر أي في واقع آخر لتغيرت حتما.
وهذا كله لمن يؤمن بواقعية التشريعات وأنها بنت الواقع, أما من لا يؤمن بذلك بل يعتبر أن التشريعات انما أنزلت من فوق سبع سماوات وهي بائنة من الواقع, وليس للواقع دخل فيها ولا لمحمد دخل فيها, فهؤلاء لا كلام معهم, لأنه لا عنوان مشترك جامع معهم.

هي الواقعية, الحل لكل شيء, لكن التشريعاتيين النصيين يأبون الا النص هدفا

 
ان المشهور عقائديا تسليميا عند الشيعة الامامية أن آباء الأئمة والنبي موحدين لم يتدنسوا بأنجاس الجاهلية الوثنية ومنذ آدم أبو البشرية دينيا الى زمانهم.
والمبنى الذي يعتمدون عليه هو المبنى النصي النقلي, والذهني(يسمونه عقلي) المعتمد على النصوص والدائر في فلكها.
المتكلم الشيخ المفيد(توفي 413 هجري) في كتابه "تصحيح الاعتقاد" والذي ألفه ردا على أستاذه الأخباري الشيخ الصدوق(توفي 381 هجري) وكتابه "الاعتقادات" قال بالاجماع عند الامامية في هذا الموضوع واعتمد على الحديث المنقول عن النبي محمد: ما زلت أتنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات ، حتى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا .
وأيضا نهج الاخباري الحشوي المجلسي(توفي 1111 هجري) نفس المنوال في كتابه "حياة القلوب" فتحدث عن اجماع الامامية فيه.
ووردت روايات متعددة في هذا المجال, وفي بعض الزيارات كما زيارة وارث: "أشهد أنك كنت نورا في الاصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها..."
ان هذا العنوان العقائدي والمبني على نصوص منقولة تناقله الشيعة الاماميون عبر الأجيال تسليما أو استدلالا بالنصوص عند لزوم الحاجة.
لكن هل فعلا هذه الروايات التي هي موضع نقاش وخلاف بين الامامية وغيرهم يمكن تغليبها على اجماع كل المسلمين على نسب النبي والائمة مثلا!
فاذا طالعنا نسب الائمة والنبي المجمع عليه -ولا علم لي بمخالف او معترض- وجدنا أن في آباء النبي وأمهاتهم من كان على غير التوحيد النقي.
فالعرب هم أهل الأانساب وهم ملوك هذا العلم وخير من ضبطه...
أما علم الحديث فكل مطالع يعرف ما دخله من الدس لما يفيد الترويج من أهل كل عقيدة لعقيدته.
ويكفي أن علم الحديث نفسه يخضع للتصحيح والتضعيف كما يخضع رجاله للجرح والتعديل وهذا ما لم نجده في علم الأنساب لخلوه من هكذا آفة, ولعله لعدم الحاجة الى الاختلاق والابتداع بسبب غياب المصلحة فيه.
فلا يعقل أن يكون أحد أجداد النبي من جهة أبيه والمدعو "قصي" موحدا صافيا خاليا من شوائب الوثنية والاستشفاع بالاصنام الرامزة ومع ذلك يسمي ابنا له ب"عبد مناف".
كما لا يعقل أن يكون أحد أجداد ام النبي آمنة واسمه زهرة موحدا صافيا خاليا مما يسمى بأنجاس الجاهلية ومع ذلك يسمي ابنه "عبد مناف" ايضا, وهو غير عبد مناف الاول.
وبعد أن نلفت النظر الى أن كل انسان هو ليس ابن أبيه فقط, بل ابن أبيه وأمه ننظر نسب محمد النبي:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن (((عبد مناف))) بن قصي ...
هو محمد ابن آمنة بنت وهب بن (((عبد مناف))) بن زهرة بن كلاب ....
ما خديجة زوجة النبي محمد والتي تلتقي مع محمد عند أحد أجداده "قصي" فوالد جدها والذي هو اخو "عبد مناف" اسمه ايضا "عبد العزى"
اذا فقصي جد النبي المشترك مع خديجة كان لديه ولدين احدهما "عبد مناف" والاخر "عبد العزى".
فهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن (((عبد العزى))) بن قصي
وفاطمة الزهراء هي بنت محمد وخديجة طبعا, وليست بنت محمد فقط...
فمن هما "مناف" و"العزى"؟
مناف: ناف مناف هو أحد الالهة الوثنية التي عبدها العرب في الفترة التي سبقت الإسلام وكان مركز عبادته مدينة مكة. وكانت تهتم به النساء، ولكن لم يسمح للمرأة الحائض بأن تقربه.
العزى: العزى هي من آلهة العرب التي عبدها أهل مكة في الجزيرة العربية قبل الإسلام. وقد كانت طرفا في الثالوث الإلهي الذي يجمعها مع اللات ومناة ..
العزى كما اللات ومناة هم أصنام اناث وليسوا ذكور... اناث يستشفع بهم من قبل أهل الوثنية ليتقربوا بهم الى الله زلفى..
أما مناف فهو ذكر... 
لم يكن الاستشفاع عند عرب الجاهلية بالصنم الجامد نفسه طبعا(وان فعله الدهماء منهم فلا تعير أمة بدهماءها والا ما سلم أحد), بل بما يرمز اليه هذا الصنم, فهؤلاء أشخاص عاشوا في وجدان الانسان العربي واعتقد أن لهم كرامات ومنزلة عند الله, فكانوا يستشفعون بهم عبر الصنم كما لا يزال الى يومنا هذا كثيرون من الموحدين يستشفعون بجمادات(قبور, مقامات, آثار..) تنتمي الى أشخاص لهم منزلة عند الله!
انها الوثنية نفسها لا زالت الى يومنا هذا لكن فقط تغيرت الاسماء وتغيرت الجمادات التي ترمز اليهم!
أما بخصوص أن يكون أحد أجداد الخيرين خائضا في شرك الوثنية فهذا واقعيا لا يعيب الانسان الخير ابدا, ولهواة النوع القرآن نفسه هو القائل: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ..
فلنكن موضوعيين, ولنتجرد من اثواب التسليمات الموروثة التي ربتنا على تقديس "المفاهيم" المبتكرة انسانيا بدل تقديس الحقيقة نفسها, وعندها لننظر ما الذي يعيب محمدا أو غيره اذا ما كان أحد أجداده يستشفع بالأصنام!