الكرونوسنتريسيتي من "كرونو" اليونانية التي هي بريفيكس(بادئة) تعني أن هناك رابط أو علاقة مع "الوقت" اضافة الى السنتريزم التي تعني الاعتقاد بالتفوق أو الاعلوية لثقافة أو قيم ما أو غير ذلك 
  وهي تعني اصطلاحا الحكم على قيم لثقافات ماضية أو ادراك هذه الثقافات أو القيم من خلال المعايير اللاحقة أو المعاصرة..
ففي التعاطي مع القيم أو الثقافات الماضية لا يصح أن يتم الحكم على تلك التجارب بمذاق عصور أخرى أو بناء لقيم عصور أخرى أو حالية.
فلا يمكن مثلا أن نحكم سلبا على من يعطي لأجير طعام يومه مقابل عمله وهو ما كان شائعا في وقت ما, نحكم عليه بناء للقيم الحالية من أن هذا نوع من الاستغلال أو ما شابه من عناوين السلب
والشخصانية او الذاتية هي كل فكر ينطلق من ذاتيته التي يجعل لها الاصالة لمعرفة الواقع الموضوعي
فالكرونوسنتريزم هي ابنة الشخصانية الذاتية أو على الأاقل هي تعشقها
تظهر الكرونوسنتريزم  بشكل مؤثر وكبير في الدوماين الذي يخص الشخصيات وخصوصا الدينية المقدسة منها...
فنعمد اما للحكم السلبي على شخصيات ذات قيم وثقافات أخرى بناء لقيم وثقافات عصرنا ان لم تكن الشخصية مسلمين لها ايجابا
أو أن نغير عندنا في ذهننا الصورة عن الواقع الموضوعي لهذه الشخصيات ان كانت مقدسة تسليما ووجدنا أن قيمنا الحالية تنفر مما نقل عن هذه الشخصيات
فنعمد الى الشخصيات المقدسة ابنة الواقع الزمكاني الما وكوننا نؤمن بسيدودة وانبساط قدسيتها على مر العصور ونؤمن بقدسية تجربتها وحيث أن ما نقل عنها لا تستسيغه نفوسنا اليوم فنلجأ الى التأويل أو الرد لما ورد عنها كي تتلائم صورة هذه الشخصية المنقولة مع المعايير القيمية المعاصرة التي لدينا والتي هي ابنة الواقع الزمكاني المعاصر
أي اننا عندما نرى فيهم ما لا يعجبنا بنظارة عصرنا بدلا من أن نغير النظارة ونستبدلها بالنظارة المناسبة المسانخة فاننا نلجأ الى التلاعب بصورة الواقع الموضوعي للشخصيات كي تتلائم مع النظارة التي نعتبرها نحن هي المعيار الأمثل!!
وبدلا من ان نلبس نظارات العصر الخاص بالشخصيات والمناسبة لرؤيتها على ما هي عليه فاننا نلبس نظارة عصرنا ونطل عليها ونراها على ما هي عندنا مسبقا
وهذا يؤدي بنا الى رفض كثير مما نقل عن هذه الشخصيات فقط لأن نظرتنا المعاصرة للقيم اختلفت وباتت ترى فيما نقل عن هذه الشخصيات شيئا سلبيا أو شيئا ايجابيا لكن لا يرتقي الى المثالية المتلائمة مع هذه الشخصية بحسب مستوى وعينا الحالي ونظرتنا للقيم.

لذلك يجب علينا أن نفهم الشخصيات الماضية من خلال البيئة التي ترعرعت بها ومن خلال ثقافة ذلك العصر ومن خلال قيم ذلك العصر, وأن نحكم على هذا الأاساس أو نحكم من خلال القيم اليونيفرسالية التي هي ثابتة على مر العصور والفوكسة عليه انطلاقا منها كونها المعيار الثابت الذي لا يتغير كأساس مهما اختلف الواقع الزماني والمكاني...

وكذلك فكما أنه من الخطأ أن نقوم بعرض أو اسقاط ما لدينا من قيم معاصرة على شخصية عصر ماض والتي هي بنت واقعها الزماني والمكاني وقتها ونعتبرها المعيار لرسم الشخصية الخاصة مما يعني اللاموضوعية, كذلك الامر فانه من الخطأ أن نعتبر أن ما نقل عنه وقتها هو المناسب لنا الان ولكل واقع مختلف وأن تجربته الخاصة التفصيلية ابنة الواقع الخاص هي التجربة الامثل وأن القيم التي تحلى بها وقتها هي المعيار الانسب وكأن أنساق حياة الماضين هي معيار لكل العصور رغم اختلاف واقع العصور

وهكذا نكون نحن نحكم على قيمنا المعاصرة من خلال القيم الماضية التي نسلم على انها الأمثل كونها تخص تلك الشخصيات المسلمين بمثاليتها!

وهكذا يكون الكمال دائما في هذا الماضي الغابر والنقص دائما في الواقع المعاصر, وهو خطأ

موضوعيا, ان الشخصيات الماضية التي عاشت في واقع ما خاص هي ليست ابدا الشخصيات الذهنية منتوجا بل هي الشخصيات كما هي في واقعها وقتها

فالموضوعية تعني أن هناك واقعا مستقلا عن الذهن وعلى الفكر ان يطلبه انطلاقا منه نفسه اي الواقع

ان مشكلتنا في كثير من الأحيان تكمن في أننا نملك منظومات فكرية ما معاصرة وننطلق منها كقبليات لنقرأ الشخصيات الماضية...

نريد أن نقرأها بعيون الحاضر... فنكون نقرأ الشخصيات المخلوقة في ذهننا وليس الشخصيات الحقيقية الموجودة في عصرها...

فمن أجل أن نفهم الشخصيات الماضية.. علينا أن نبقيها في عصرها ونفهم عصرها, ثم نطل عليها فنعرف قيمتها وقيمة دورها وقيمة ما أتت به بما يلائم عصرها وبما يلائم كل العصور بالنسبة للقيم الغير مرتبطة بظروف خاصة...

فمحمد الحقيقي مثلا اضافة الى كونه ابن القيم العامة اليونيفرسالية فهو ايضا محمد العربي ابن شبه الجزيرة وابن تلك البيئة الخاصة وابن المعايير القيمية الخاصة في ذلك الوقت والمكان وليس محمد ذو القيم المثالية بحسب فهمنا الحالي لهذه القيم وبحسب المعايير الخاصة المتغيرة مع تغير الظروف..

ان كثيرا مما نقل عن الماضين من أمور نستقبحها اليوم لعلها كانت غير مستقبحة وقتها سواء عجبنا هذا أم لم يعجبنا... اللهم الا أن تكون هذه الأمور تضرب معاييرا ثابتة على مر العصور, ولا اقله معيار الانسانية الذي لا يقيد بعصر من العصور....

فعنوان الانسان ومنفعته هو المعيار في كل العصور

ايتها الحياة أعينينا على ان لا نكون كرونوسنتريسيتين لأن الكرونوسنتريسيتي هي خلاف الموضوعية ابنة الحقيقانية التي بها نطل على الاشياء ونعرفها كما هي في واقعها

فالكرونوسنتريسيتي تسانخ أو تتناسب مع الذاتية الشخصانية المنطلقة من ذاتها للبحث عن الواقع




Leave a Reply.